الاقتصادمفكرة الأسبوع

العمالة المخالفة بين التصحيح والترحيل

فرضت التطورات المحلية والاقليمية والدولية على جزء واسع من العالم العربي الوقوع في الاضطرابات السياسية والامنية والانهيارات الاقتصادية، فيما لجأ الجزء الآخر من العالم العربي، وبالاخص السعودية والاردن، الى تحصين نفسه وتعزيز انتاجيته، وذلك من خلال التخلص من اليد العاملة المخالفة. فما الذي آلت اليه الحملة السعودية والاردنية؟

في مطلع نيسان (ابريل) الماضي جندت السعودية على كل المستويات، كل ما يلزم لتنقية سوق العمل المحلية من العمالة المخالفة، وحددت مهلة ثلاثة اشهر اما لتصحيح الاوضاع واما للمغادرة اذا تعذر التصحيح. وفي نهاية الاشهر الثلاثة تم ترحيل 200 الف عامل ليرتفع العدد في الشهور اللاحقة الى ما يفوق المليون عامل بعد تجديد المهلة اربعة اشهر اخرى بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، والممارسات متعددة من بعض الدول الآسيوية المصدرة للعمالة.
ومع انتهاء المهلة الزمنية للتصحيح، نقل عن وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية احمد الحميدان ان الرياض انهت تغيير مهنة 1،985 مليون عامل، و نقل خدمات 2،87 مليون آخرين، في حين تمكن ملايين من تسوية اوضاعهم،  مع الاشارة الى ان عدد العمال الوافدين في المملكة يفوق 9 ملايين عامل. واشار الحميدان الى ان الوزارة اشرفت على ترحيل 900 الف وافد مخالف بتأشيرات خروج نهائي حتى منتصف شهر تشرين الاول (اكتوبر).

تمديد المهل
وامام هذه الحملة الجادة والصارمة، توالت طلبات تمديد المهل من الدول المصدرة لليد العاملة، وابرزها باكستان التي طلبت وزارة خارجيتها من الحكومة السعودية تمديد المهلة الزمنية حتى 31 كانون الثاني (يناير) 2014 «كي يتمكن باقي الباكستانيين من تصحيح اوضاعهم». والشيء نفسه فعلته وزارة خارجية الفيليبين التي طالبت بتمديد المهلة «نظراً لعدم تمكنها من تلبية طلبات الآلاف من مواطنيها».
وتقتضي الاشارة الى ان غالبية العمالة المخالفة هي من دول جنوب شرق آسيا، خصوصاً باكستان والهند والفيليبين وبنغلادش، فضلاً عن اليمن ومصر. ويقدر بعض العمال الآسيويين ان عدد المغادرين والمرحّلين «اكثر من المعلن»، مشيرين الى خلو الاماكن المعتادة لتجمع العمالة التي تبحث عن عمل يومي في الرياض. يقول عامل باكستاني: «نحن في قلب السوق ونراقب. لم تعد الاوضاع كما كانت في السابق»، وقال آخر انه تمكن من نقل الكفالة الى شخص آخر. وقال عامل هندي انه تمكن من تصحيح وضعه القانوني.

اثر التصحيح
ويتساءل البعض عن مدى تأثير عملية التصحيح على الاقتصاد السعودي، فيقول الخبير الاقتصادي عبد الوهاب ابو داهش لاحدى وكالات الانباء ان مغادرة هذه الاعداد من الايدي العاملة المخالفة لن تؤثر على عجلة الاقتصاد «لأن خروج مليون وافد مخالف، وقد يلحق بهم نصف مليون آخر كان ضمن التوقعات». ويتوقع ابو داهش مغادرة المزيد من العمالة المخالفة في الاشهر المقبلة بعد بدء حملات التفتيش. ولطالما شهدت دوائر الجوازات ومكاتب العمل، خصوصاً في الرياض وجدة، وما زالت تشهد اصطفاف طوابير طويلة للعمالة الوافدة بانتظار دورها من اجل تصحيح اوضاعها، اما بعودتها الى مكان عملها، او الانتقال الى مكان آخر، او تجديد جواز السفر للمغادرة نهائياً.
واكد خبير اقتصادي آخر «ان الاقتصاد السعودي لن يتأثر بترحيل هؤلاء». واضاف «ان هذه العمالة هامشية من حيث الكفاءة والمهارات، كما ان ما يقارب الربع هم من الاميين بلغاتهم الاصلية» وشدد على ضرورة اعادة هيكلة العمالة الوافدة، اي استقدام اصحاب الخبرات والكفاءة» لأن هؤلاء مفيدون في عملية التنمية الاقتصادية»، وهو ما يتفق مع نظرة ابو داهش الذي شدد بدوره على الاستمرار في تنظيم سوق العمل، لا سيما العمالة الوافدة.
ويذكر في هذا المجال ان السلطات السعودية اعلنت عن عدد من التسهيلات والاستثناءات لجميع المنشآت والافراد الاجانب لتصحيح مخالفات نظامي العمل والاقامة، والاستفادة من المهلة التي اصدرها العاهل السعودي، مشدداً على تطبيق النظام بحق «المخالفين والمتسترين» بعد مهلة التصحيح.

الاردن يرتب بيته
اعلنت وزارة العمل الاردنية اسماء الدفعة الثانية من العمال الوافدين المخالفين ممن تنتهي تصاريح عملهم من نهاية 2012 ولم تجدد حتى الآن. ونقلت وكالة الانباء الاردنية عن وزير العمل نضال القطامين قوله ان عدد هولاء العمال يبلغ نحو 195 الف عامل من مختلف  الجنسيات. وستنشر اسماء العمال المخالفين على الموقع الالكتروني للوزارة بعد التنسيق مع سفارات بلدانهم لدى المملكة. وسبق للوزارة ان اعلنت عن الدفعة الاولى، والبالغ عددها 98 الف عامل، في 11 تشرين الثاني (نوفمبر)، مشيراً الى ان 41 الفاً منهم صححوا اوضاعهم. واوضح الوزير ان وزارته ستعلن عن اسماء الدفعة الثالثة في مطلع العام 2014 ممن انتهت تصاريح عملهم نهاية 2013 ولم تجدد عبر موقعها الالكتروني وعدد اولئك العمال 95 الفاً ايضاً.

 

الحملة السعودية تخفض التحويلات
توقع خبراء مصرفيون واقتصاديون تراجع قيمة تحويلات المقيمين الاجانب في السعودية باكثر من 20٪ بعد حملة التصحيح التي نفذتها وزارة العمل لتصل الى اقل من 95 مليار ريال سنوياً خلال الاعوام المقبلة بعد ان وصلت الى اكثر من 120 مليار ريال في العام خلال الاعوام الماضية. وذكر هؤلاء الخبراء ان الاحصاءات التي اعلنت عنها وزارة العمل تشير الى ان اكثر من 50٪ من العمالة الموجودة في المملكة مخالفة لنظامي العمل والاقامة، وهذا كاف لادانة كل من يشكك في مشروعية عملية التصحيح التي تقوم بها الجهات المختصة. واشار احد الخبراء الى ان تراجع حجم التحويلات مرتبط بشرطين: الا تعوض وزارة العمل الفاقد من العمالة المرحلة. والثاني ان تكون هناك رقابة مشددة على المنشآت التي تمارس التستر، وتعمل في مختلف مناطق المملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق