سياسة لبنانيةلبنانيات

الازمات تطوق لبنان واللبنانيين والحلول غائبة والتصلب عنوان المرحلة

فشلت كل الضغوط التي تمارس على المنظومة داخلياً وخارجياً في حمل بعض الرؤوس الحامية على النزول الى ارض الواقع، والتطلع الى مصلحة البلد والشعب الذي يعاني اقسى انواع القهر والحرمان. لقد اصبح التصلب في المواقف عنوان المرحلة وهذا ما يسد كل الطرق المؤدية الى انتخاب رئيس للجمهورية والسير في الحلول لسلة ازمات ما زالت تتراكم، بفعل غياب السلطة الحقيقية التي لا تنظر الا الى المصلحة الوطنية. وكل ما يصدر حالياً عن المنظومة يصب في خانة تكديس الازمات.
سياسياً تعقد حكومة تصريف الاعمال جلسات لاقرار موازنة 2023 التي اصبحت لزوم ما لا يلزم، بعدما انقضى اكثر من نصف السنة وكان يفترض ان تبدأ مناقشة موازنة 2024. وقد تدارك رئيس حكومة تصريف الاعمال الامر وقال ان الحكومة في صدد اعداد موازنة 2024 ووعد بان تقر في موعدها. فهل تصدق الاقوال والوعود؟
مصادر اقتصادية اطلعت على بعض ما جاء في موازنة 2023 فرفضتها جملة وتفصيلاً، لانها خالية من اي اصلاحات وهي ليست اكثر من موازنة ضرائب ورسوم فاحشة، لا قدرة للمواطنين على تحملها. هذه الانتقادات دفعت بعض الوزراء الى القول ان لا رسوم جديدة بل تصحيح تعرفات. وهنا المشكلة الاكبر لان هذا التصحيح ارتفع عشرات اضعاف مما كان عليه، واصبح يشكل ليس عبئاً على المواطنين، بل كارثة لا قدرة لهم على تحملها. وهذا ليس جديداً على هذه الحكومة فهي منذ تشكيلها حتى اليوم، وقبل ان تصبح حكومة تصريف اعمال، لم تنجز اصلاحاً واحداً، ما جعل المؤسسات الدولية تنتقدها بشدة.
وتعقد الحكومة بنصف وزرائها اجتماعاً تشاورياً اليوم في الديمان بحضور البطريرك الماروني بشاره الراعي، ويقاطعه وزراء التيار الوطني الحر. وهو ليس اكثر من لقاء شكلي، من غير المتوقع ان يصدر عنه اي نتيجة ملموسة، طالما ان الانقسامات هي التي لا تزال تتحكم بكل شيء. والمشكلة الكبرى التي تواجه الحكومة اليوم هي تأمين المال لدفع رواتب موظفي القطاع العام، وقد فشلت كل المحاولات حتى الساعة في ايجاد حل. فالمجلس النيابي يرفض ان يقدم اقتراح قانون لتمويل الحكومة من اموال المودعين في مصرف لبنان، والقائم باعمال الحاكم وسيم منصوري، يرفض مجرد البحث في الموضوع في غياب اي تشريع يؤمن له الغطاء السياسي. وبالطبع فان المجلس النيابي لن يجرؤ على مثل هذه الخطوة، خصوصاً وانه مقصر في القيام بواجباته وهو لا يزال يرفض انتخاب رئيس للجمهورية. واذا استمر الشغور في منصب الرئاسة الاولى، فان كوارث كبرى ستحل بالبلد. فبالاضافة الى فراغ منصب حاكم مصرف لبنان الذي يتطلب تعيين الاصيل، وجود رئيس للجمهورية، وبعد اشهر قليلة يغادر قائد الجيش العماد جوزف عون، مع العلم ان رئاسة الاركان شاغرة ايضاً، وبذلك يصبح الجيش بلا قيادة، فهل هذا ما تريده المنظومة الفاشلة؟ والغريب ان كل الاطراف في المجلس النيابي مدركون لهذه المشاكل القاتلة ويحذرون منها، الا ان احداً منهم لا يريد ان ينزل من اعلى الشجرة، ويراعي المصلحة الوطنية.
وجاءت اشتباكات مخيم عين الحلوة لتزيد الامور تدهوراً اذ انها دفعت دول الخليج وبعض الدول الاوروبية الى الطلب من رعاياها اخذ الحيطة والحذر، والافضل مغادرة لبنان، فانعكس هذا التدبير على الموسم السياحي الذي كان يؤمل بان يدعم الاقتصاد اللبناني ولو لفترة، وهذا ما دفع وزير الداخلية بسام المولوي الى عقد اجتماع امني واكد الحرص على الرعايا العرب كحرص الدولة على اللبنانيين. وقال ان لبنان لن يكون مكاناً لتبادل الرسائل الامنية والسياسية واكد الاصرار على تسليم مطلقي النار.
المشاكل التي تعترض الحياة اللبنانية اصبحت اكبر من ان يتحملها البلد، واصبح من الضروري ان تمتد يد خارجية نظيفة لانتشال لبنان واللبنانيين من هذه الهوة السحيقة والا فعلى الدنيا السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق