الحريري خلال اجتماع تحضيري لمؤتمري سيدر وبروكسيل 2: هدفنا ضمان تمويل برنامج لبنان لمواجهة الازمات
أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ان «الحكومة اللبنانية لا تقدم إلى مؤتمر «سيدر» خطة الاستثمار الاقتصادي فحسب، بل تقدم أيضاً رؤية شاملة للاستقرار، والنمو المستدام طويل الأجل، ولخلق فرص العمل»، معلناً «أن هدف الحكومة في مؤتمر بروكسل -2 هو ضمان تمويل برنامج لبنان لمواجهة الازمات بشكل مناسب، وتحقيق التزامات متعددة ومضمونة لسنوات مقبلة، فضلا عن تقديم الدعم للمجتمعات المضيفة».
كلام الحريري جاء خلال كلمة ألقاها مساء امس في السراي الحكومي خلال اجتماع الهيئة التوجيهية العليا تحضيراً لمؤتمري «سيدر» في باريس و«بروكسيل-2»، بحضور نائب رئيس الحكومة الوزير غسان حاصباني والوزراء: مروان حمادة، نهاد المشنوق، معين المرعبي وبيار بو عاصي، رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني، مستشاري رئيس الجمهورية السيدة ميراي عون والياس بو صعب، مستشار الرئيس الحريري لشؤون اللاجئين الدكتور نديم الملا، سفراء وقائمين بالأعمال وممثلين عن 45 دولة ومؤسسة دولية.
الحريري
والقى الحريري الكلمة الآتية:
«بداية، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأكرر تقديري العميق والشخصي وتقدير الحكومة اللبنانية لجميع أصدقاء لبنان الذين كانوا يعملون دون كلل على مدى العام الماضي لدعم اقتصاد لبنان ومؤسساته. إن اجتماعنا اليوم، بحضوركم جميعا، يشهد على الجهود الجادة التي يبذلها المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في التعامل مع التحديات القاسية التي لا يزال يواجهها».
اضاف: «في اجتماعنا قبل عام تقريباً، قدمت إليكم خريطة طريق لتحقيق الاستقرار والنمو وخلق فرص العمل في لبنان، وهي تهدف إلى بناء الثقة في مؤسساتنا، بما في ذلك المؤسسات العسكرية وبناء الثقة في اقتصادنا، وفي مستقبل بلدنا. وعلى الرغم من جميع التحديات التي واجهناها، يسرني أن أؤكد أننا قد وفينا بالتزاماتنا وأننا نسير على الطريق الصحيح. لقد نجحنا في تحقيق الاستقرار في البلاد مع الاستمرار في استضافة 1.5 مليون نازح سوري».
وتابع: «في الخامس من كانون الاول الماضي التزمت الحكومة اللبنانية بجميع مكوناتها السياسية بسياسة النأي بالنفس. وهذا يشكل اليوم مسؤولية جماعية ومشتركة. وهذا الامر مراقب عن كثب من قبل كل مؤسسات الدولة لضمان تنفيذه لما فيه مصلحة لبنان الوطنية وللمحافظة على افضل العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي ككل. وقد تم الترحيب بهذه السياسة في اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان الذي انعقد في 8 كانون الأول في باريس، حيث أكد المجتمع الدولي التزامه باستقرار لبنان السياسي والاقتصادي وأمنه وبناء مؤسساته. كما عبر المجتمع الدولي عن استعداده لمساعدة الحكومة اللبنانية في خلق حلقة فاعلة من الأمن والازدهار الاقتصادي وخلق الوظائف من خلال ثلاثة مؤتمرات، هي روما -2، وسيدر وبروكسل – 2».
واردف: «لقد عدنا للتو من روما حيث اجتمع اربعون بلدا واظهروا دعمهم القوي والتزامهم ومساهمتهم القوية في تعزيز المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية. ويشير نجاح هذا المؤتمر بوضوح إلى مدى قيام لبنان بدوره من أجل أن يصبح لاعباً فاعلاً في استقرار المنطقة، ومدى اعتراف المجتمع الدولي به كشريك استراتيجي. اني أغتنم هذه الفرصة لأكرر الإعراب عن تقديري للأمم المتحدة وإيطاليا على المشاركة في رئاسة هذا المؤتمر».
وقال: «إن حكومة لبنان ممتنة للغاية لأن حكومة فرنسا ستعقد مؤتمر «سيدر» في السادس من نيسان هذا العام، ويمثل مؤتمر «سيدر» حدثاً هاماً آخر لإعادة التأكيد على التزام المجتمع الدولي باستقرار لبنان وازدهاره الاقتصاديين. ان الحكومة لا تقدم إلى المؤتمر خطة الاستثمار الاقتصادي فحسب، بل تقدم أيضاً رؤية شاملة للاستقرار، والنمو المستدام الطويل الأجل، ولخلق فرص العمل. وتعزز هذه الرؤية مع زيادة الاستثمارات في البنية التحتية زيادة دور القطاع الخاص. أيضا، يتم تقديمها ضمن إطار عمل شامل للديون الضريبية والمالية، مدعوماً بالدمج المالي. وعلاوة على ذلك، فإن الرؤية تستند إلى:
1- الإصلاحات القطاعية للمساعدة في ضمان تحقيق فوائد الاستثمارات بالكامل.
2- الإصلاحات الهيكلية كأساس للحكم الرشيد وتوسيع نشاط القطاع الخاص.
3- تطوير استراتيجية لتنويع القطاعات الإنتاجية في لبنان.
كما ان الحكومة اللبنانية ممتنة لكل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لعقد مؤتمر بروكسل -2، وذلك للتأكيد على أنه يجب ألا يتم نسيان البلدان المضيفة في خضم الأزمة السورية التي طال أمدها. ان هدفنا في بروكسل -2 هو ضمان تمويل برنامج لبنان لمواجهة الازمات بشكل مناسب، وتحقيق التزامات متعددة ومضمونة لسنوات مقبلة، فضلا عن تقديم الدعم للمجتمعات المضيفة».
واضاف: «هناك إجماع وتوافق في لبنان حول الحاجة إلى التكيف المالي للحفاظ على استقراره الاقتصادي والمالي. وقد تجلى ذلك بوضوح خلال مناقشات مشروع الميزانية لعام 2018 والتي شملت اتخاذ تدابير لضمان بقاء العجز الحالي عند مستوى 2017 بالقيمة الاسمية، مع تقليص متواضع لهذا العجز كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. علاوة على ذلك، هناك إجماع على أن الإمكانات الكاملة للاقتصاد للنمو المستمر الذي يقوده القطاع الخاص لن تتحقق ما لم نبدأ إصلاحات هيكلية وقطاعية طال انتظارها. ومع ذلك، أود التأكيد على أنه في خضم حالة السخط الواسعة النطاق وانخفاض مستويات المعيشة التي نتجت عن الأزمة السورية، سيشكل العمل المالي وتنفيذ الإصلاح تحدياً. وستواجه الحكومة هذا التحدي باختيار دقيق وتدريجي للتدابير، بعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في ايار المقبل».
وتابع: «إن الأزمة السورية الآن في عامها الثامن. وعلى الرغم من كل جهودنا، فإن احتمالات عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي حقيقية، وكذلك إمكانية تطرف الشباب العاطل عن العمل، من اللبنانيين والسوريين. لذلك، فإنه من الأهمية القصوى أن نواصل العمل معاً لقلب الاتجاهات السلبية، وتحسين التوقعات وضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد اللبناني. إن تنفيذ رؤية الحكومة من أجل تحقيق الاستقرار والنمو وخلق فرص العمل يشكل مفتاحا لهذا التراجع. وينبغي أن يكون الدعم من المجتمع الدولي بمناسبة مؤتمر «سيدر» ومؤتمر بروكسل -2 واضحا وبصوت عال من أجل إعطاء الأمل في إمكانية تنفيذ رؤية الحكومة بشكل فعلي».
وختم: «إنني أدعو أصدقاءنا في المجتمع الدولي مرة أخرى لمساعدة لبنان في مهمته الصعبة المتمثلة في استضافة مليون ونصف المليون من النازحين السوريين، وأؤكد مرة أخرى على أن الخطر الذي قد يترتب جراء عدم مساعدة لبنان في القيام بذلك، لن تنعكس علينا نحن فحسب، بل على العالم بأسره. إن هذا الفشل في مساعدة لبنان سيجبر النازحين على البحث عن ملجأ بديل لهم في مكان آخر».