رئيسيسياسة عربية

اليمن: «القاعدة» تستعرض قوتها وتواصل مسلسل قنص الجنود

المدقق في تفاصيل المشهد اليمني يتوقف عند كم من المؤشرات «غير المطمئنة» والتي تعطي انطباعاً بأن مشروع تفكيك الدولة يقترب شيئاً فشيئاً. ومن ابرز تلك المؤشرات، المضامين التي توقف عندها الحوار الوطني، وممارسات تنظيم القاعدة التي تبدو وكانها تستعرض قوتها وتواصل اعمال قنص الجنود اليمنيين، وتطور من اعمالها ونشاطاتها الى مستوى احتلال مواقع عسكرية، وتدير مواجهات طويلة الاجل مع الجيش قبل ان ينجح في استرداد تلك المواقع.

الدولة من جهتها، تحاول الامساك بزمام الامور، وتصر على اظهار قدر كبير من القوة بهدف حسم الاوضاع لصالح النظام العام. غير انها تواجه المزيد من الصعوبات في سبيل تحقيق تلك الاهداف، بما في ذلك الصعوبات المتعلقة بالامكانات، وبثغرات في الجبهة الداخلية عنوانها تعدد الانتماءات والولاءات، سياسياً وطائفياً، وغير ذلك.
مشروع التفكيك الذي تتكشف ملامحه من خلال مجمل الممارسات، والحوارات التي تجري سواء في قاعات مغلقة، وتحت مظلة رسمية، او ضمن اطار تطوعي، يبدو وكأنه مطلب غير معلن. في حين تبدو الاطراف كافة وكأنها تعلن براءتها منه وتشكك في مرامي من يشيرون اليه ولو من قبيل الهمس.
في موضوع الحوار الوطني، الذي تأخر عن الموعد الرسمي لنهاياته المعلنة مسبقاً، تشير التقارير الى ان جميع اللجان انهت اعمالها، ووضعت تقاريرها بانتظار مجريات النقاش العام، الذي يهدف الى وضع التوصيات ضمن اطار موحد، ومتناسق. الا ان اللجنة المختصة بملف الجنوب ما زالت نقاشاتها متوقفة عند نقطة رئيسية يعتقد محللون ان من شأنها نسف الحوار من اساساته. والتأسيس لمشروع تفكيك الدولة، وبشكل غير مباشر نسف الحوار، بحكم المعارضة الشديدة للمقترحات التي يعتقد انها تحولت الى مطالب، والتي تنطوي على تفخيخ مشروع الحوار.

اقليمان
المطلب الذي يصر عليه ممثلو المحافظات الجنوبية التي كانت تشكل «اليمن الجنوبي» يتمثل باصرار على ان تكون الدولة مكونة من اقليمين، وضمن الحدود التي كانت قائمة قبل الوحدة. ويصر الممثلون الجنوبيون على رفض اية صيغة اخرى بما في ذلك الصيغة التي تتحدث عن تعدد الاقاليم.
ويقرأ محللون هذه الصيغة من زاوية ان تعدد الاقاليم يمكن ان يحول دون اقامة الدولة الجنوبية. بينما اعتماد مبدأ الثنائية في الاقاليم يمكن ان يعطيها المرونة الكافية للانفصال والعودة الى مرحلة ما قبل الوحدة عندما ينضج بعض المعطيات السياسية والاقتصادية والامنية.
ومهما يكن الامر، فقد عادت الجلسات الحوارية من جديد، دون الاتفاق على تفاصيل المشروع الفدرالي الذي يقوم على فكرة الاقاليم، وسط توقعات بأن يستمر الحوار اسابيع عدة، متجاوزاً الفترة الزمنية المحددة في مشروع الانتقال السلمي للسلطة، الذي حددته المبادرة الخليجية. وستتواصل المناقشات ضمن مسارات متعددة، قبل ان تلتقي عند خلافات لجنة الجنوب.
ونقلت وكالة الانباء اليمنية عن رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي دعوته الى ان يتحمل الجميع من القوى المشاركة في المؤتمر المسؤولية الوطنية والتاريخية، مؤكداً ان الشعب اليمني ينتظر بفارغ الصبر مخرجات الحوار، خصوصاً وقد تحملت ما حصل من معاناة وانقطاعات للكهرباء وتفجير أنابيب النفط ومعاناة مجتمعية متعددة ومتنوعة. وقال هادي في اجتماع مع رئاسة الحوار والمبعوث الدولي لليمن جمال بن عمر «لا بد من عمل حسابات دقيقة لكل شيء والعمل بكل قوة من اجل تحقيق مصالح الشعب الحياتية، اقتصادياً ومعيشياً وامنياً وتجنب «المكايدات او المغامرات»، في اشارة الى الخلافات بين انصار علي صالح، وممثلي الجنوب». واضاف: «علينا التنازل لبعضنا البعض لان النجاح  سيكون للشعب وليس لاي شخص، كما يجب ان يكون معروفاً أن المهمة صعبة ومعقدة وهي حصيلة تراكمات ماضية رهيبة».

نشاط ارهابي
الى ذلك، سجل تنظيم القاعدة نشاطاً ارهابياً غير مسبوق، وسط تحليلات تشير الى انه استشعر ضعف الدولة، والخلافات التي تعصف بها، وقرر رد الاعتبار لنفسه. وفي هذا السياق تواصلت عمليات المواجهة بين التنظيم والجيش اليمني من اجل تحرير احد المبنى التي احتلها اعضاء من التنظيم.
فبعد يومين من اعلان الجيش اليمني عن استعادته للمبنى الواقع في محافظة المكلا الجنوبية، عادت التقارير للحديث عن استمرار المواجهات، وعن مقتل ما يزيد عن عشرة اشخاص، اكثر من نصفهم من الجنود، اثناء عملية اقتحام هدفها تطهير المبنى الذي ما زال اعضاء من القاعدة يتمركزون فيه. فيما اضطرت القوات اليمنية الى تدمير المبنى على رؤوس من كانوا بداخله، واطلاق عمليات بحث عن مفقودين تحت الانقاض.
وكان اسلاميون من مجموعة «انصار الشريعة» التابعة للقاعدة قد استولوا على المبنى الواقع في مدينة المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت بعد ان فجروا سيارة عند مدخله، حسب مصدر عسكري.
وبالتوازي، واصل تنظيم القاعدة عمليات قنص عسكريين في مواقع مختلفة. فقد هاجم مسلحون ينتمون الى التنظيم نقطة تفتيش عسكرية في منطقة ميفع على الحدود بين محافظتي حضرموت وشبوة في جنوب اليمن، ما اسفر عن مقتل اربعة عسكريين واصابة آخرين. وقتل ضابط في الجيش برصاص مسلحين مجهولين في محافظة عدن، كبرى مدن الجنوب.
واوضح مصدر امني ان قائد القوات الخاصة في «معسكر عشرين» التابع لقوات الامن الخاصة اليمنية وليد الوهابي قتل بالرصاص في حي التواهي.
وقتل الماني يعمل في سفارة بلاده في صنعاء برصاص مجهولين في حي حدة الدبلوماسي بالعاصمة اليمنية، حسبما افاد مصدر امني وآخر دبلوماسي. وذكر المصدر الامني ان المهاجمين تمكنوا من الفرار بعد قتل الموظف.
وارتفعت وتيرة الهجمات التي تستهدف قوات الامن خلال الاشهر الاخيرة في اليمن، خصوصاً في محافظات جنوب البلاد وشرقها، وغالباً ما تنسبها السلطات الى متمردي القاعدة.
واستفاد التنظيم المتشدد من ضعف السلطة المركزية في العام 2011 بسبب الثورة الشعبية ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لتعزيز سيطرته على هذه المناطق.
وفي حزيران (يونيو) 2012، اسفر هجوم للجيش عن طرد متمردي القاعدة من اجزاء من جنوب اليمن.

صنعاء – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق