سياسة لبنانيةلبنانيات

توقيف المطران الحاج يعمّق الخلافات ويزيد الشرخ اتساعاً

حكومة هات ولا تأخذ شيئاً تحرم المواطنين من الخبز والكهرباء والماء والدواء

اضطرابات سياسية وقضائية وامنية ودينية نجمت عن توقيف النائب البطريركي موسى الحاج مطران الاراضي المقدسة والاردن وخضوعه لمدة ثلاث عشرة ساعة في الناقورة للتحقيق والتفتيش ومصادرة هاتفه الخليوي وجواز سفره، والامانات التي كان يحملها معه لتوزيعها على اصحابها من اهلهم في فلسطين المحتلة. هذه الحادثة عمقت الانقسامات وزادت الشرخ اتساعاً، وتخللها تبادل اتهامات بالعمالة، الامر الذي اثار استياء بكركي، التي اعتبرت نفسها مستهدفة بهذا التوقيف، وقال البطريرك الراعي انها اهانة للبطريركية المارونية وله شخصياً، اذ من غير المقبول ان يتم توقيف مطران او اي رجل دين دون الرجوع الي مرجعيته. وقال ان ما قام به المطران الحاج عمل انساني وسيستمر بالقيام به، وطالب باعادة الاغراض التي صودرت منه.
ويوم امس امت وفود شعبية من مختلف المناطق رافقها عدد من النواب، الديمان مقر البطريركية المارونية الصيفي، واعربت عن استنكارها لما حصل، ووقوفها الى جانب البطريرك الراعي، الذي قال في عظة الاحد ابحثوا عن العملاء في مكان اخر وانتم تعرفون اين هم، ومن هم. كما طالب بالاسراع في تشكيل حكومة تعمل على انقاذ البلاد. كما امت الصرح شخصيات سياسية اعربت عن استنكارها ووقوفها الى جانب البطريرك الراعي.
هذه الحادثة حجبت اي نشاط سياسي يتعلق بتشكيل الحكومة. وانصرف الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى ممارسة عمله في تصريف الاعمال بصورة طبيعية، مما يؤشر الى ان تشكيل حكومة جديدة امر بعيد المنال، على الاقل في المستقبل القريب، وهذا يعني ان الوقت المتبقي لنهاية العهد، الذي لا يتعدى المئة يوم، لم يعد يكفي وبالتالي فان حكومة تصريف الاعمال باقية لتشرف على الانتخابات الرئاسية.
الشلل السياسي لجهة تشكيل حكومة يقابله شلل اداري قاتل. فبعد مرور اكثر من شهر ونصف على اضراب القطاع العام، وتوقف كل معاملات الدولة الادارية وتعطيل مصالح المواطنين. قطاعات اخرى متعددة تنضم الى هذا الاضراب وابرزها التربية، والقضاء، والاعلام، والمالية والجامعة اللبنانية حتى اصبح لبنان في وضع انهيار كامل، بات من الصعب انهاضه منه. والمؤسف في كل ما تقدم، انه ينعكس كلياً على المواطن اللبناني الذي بات بقاؤه حياً هو شبه اعجوبة. فرغيف الخبز اصبح من المستحيل الحصول عليه. يدور المواطن من فرن الى اخر دون ان يتمكن من الحصول على ربطة الخبز ويضطر في النهاية للجوء الى السوق السوداء ليؤمن ما يطعم عياله. وزير الاقتصاد شكل لجنة تشرف على توزيع القمح الى المطاحن والطحين الى الافران، وهو يعلم ان اللجان مقبرة المشاريع. وكان الاجدى لو كانت المعالجة جدية، ان يعتقل المتاجرين بلقمة الفقير، وهم معروفون بالاسماء، ويدخلهم السجن، فلماذا لم يفعل؟ الجواب بسيط لانه يريد المحافظة على الوضع القائم؟
الكهرباء اصبح المواطن يعرفها بالاسم ولكن نورها غاب عنه تماماً، وفيما هو يفتش عن ومضة ولو لثوان يطل وزير الطاقة ليعلن انه ذاهب الى الجزائر لتأمين الفيول وانه سيرفع التعرفة. بعد عودته، ويخشى المواطنون ان يكون الوزير يودع وجود الكهرباء. لقد اعلنت وزاة الطاقة رفع تعرفة المياه ثلاث اضعاف واعدة بان الاموال ستنفق على تحسين الضخ الى المنازل، فاذا بالمياه تنقطع نهائياً ونحن في عز فصل الصيف موسم الحر الشديد. وكذلك فعل وزير الاتصالات، رفع تعرفة كل ما له علاقة بالاتصالات بنسبة لا تصدق، بلغت عشرات الاضعاف، واعداً بتحسين الوضع فاذا بكل ما له علاقة بهذا القطاع يتراجع الى الوراء وبصورة دراماتيكية. فهل زيادة الرسوم مقدمة لوقف الانتاج؟
ان حكومة تصريف الاعمال منذ نيلها الثقة، حققت الكثير من «الانجازات» ولكن بالحكي فقط. اما الافعال فكانت قاتلة للشعب، اذ فرضت عليهم من الرسوم والضرائب ما تنوء تحته الجبال، دون ان تقدم للمواطن ولو عطاء واحداً. حتى البطاقة التمويلية التي تغنت وتاجرت بها، واستخدمتها كمصيدة لتمرير الزيادات، اختفت وتوقف الكلام عنها والادهى من كل ذلك تركت الناس يموتون امام ابواب الصيدليات بعدما فشلت في تأمين الادوية. فمرضى السرطان يعانون خطر الموت بسبب عدم تمكينهم من الحصول على الدواء. وحال مرضى الامراض المزمنة ليس افضل. وان صودف وعثر المريض على دواء لمعالجة مرضه فانه يعجز عن دفع ثمنه الخيالي. فهل هذه هي الدولة التي ترعى شؤون مواطنيها؟ ان الوزراء الحاليين قيل انهم ذوو اختصاص، ونحن نصدق ذلك، فهم مختصون باغداق الوعود الفارغة والتفنن في فرض رسومهم وضرائبهم الخيالية. انهم وزراء «هات» ولا تأخذ شيئاً بالمقابل. فهنيئاً للبنانيين بهكذا اشخاص مؤتمنين على مصالحهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق