يجتمع ممثلون عن نحو 200 بلد الإثنين في مدينة بون الألمانية من أجل التحضير لقمة المناخ «كوب 27»، ما يعني حرفياً «مؤتمر الأطراف»، والتي ستنعقد بشرم الشيخ من 7 إلى 18 تشرين الثاني (نوفمبر). وعلى جدول أولوياتهم، التأكيد على تسريع وتيرة مكافحة الاحتباس الحراري المتفق عليها في «كوب 26» بغلاسكو قبل ثمانية أشهر.
«توصلت الدول المشاركة إلى اتفاق على تسريع وتيرة مكافحة الاحتباس الحراري (لكن) بدون تأكيد إبقائه ضمن سقف 1،5 درجة مئوية ولا تلبية طلبات المساعدة من الدول الفقيرة». تلك خاتمة مؤتمر الأطراف للأمم المتحدة الخاص بالتغيرات المناخية، «كوب 26»، والذي انعقد في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 بمدينة غلاسكو.
ولأجل التأكيد على تعهداتهم والتزاماتهم، يجتمع الإثنين ممثلون عن نحو 200 بلد في بون (غرب ألمانيا) بهدف التحضير للقمة المقبلة «كوب 27» التي يستضيفها منتجع شرم الشيخ في مصر من 7 إلى 18 تشرين الثاني (نوفمبر). وكانت الحكومة المصرية قد أطلقت الثلاثاء الماضي الموقع الإلكتروني الرسمي الخاص بالقمة المناخية البارزة، إذ من شأنها أن تؤكد أو تفند مدى وحجم التزام القوى الكبرى بقضية المناخ التي ستحدد مستقبل الحياة على الكرة الأرضية.
تحدث المجتمعون في ألمانيا عن سبل تعزيز مكافحة الاحتباس الحراري وانعكاساته المأساوية على حياة مئات الملايين من البشر، أو ما يزيد عن ذلك، فضلاً عن تقديم المساعدات التي تحتاج إليها وتطالب بها الدول الفقيرة التي تواجه تبعات التغير المناخي أكثر من غيرها. ويشددون على ضرورة إبقاء الاحتباس عند 1.5 درجة مئوية رغم أن آخر التقديرات تشير إلى أن المستوى الحالي يقدر بـ 1،1 درجة مئوية وذلك منذ الثورة الصناعية القائمة على أساس الغاز والنفط والتي انطلقت في نهائية القرن التاسع عشر.
النقاط الجوهرية من «كوب 26» عالقة
ولا يخفى على أحد أن الضغط على سوق المحروقات، والمواد الغذائية، قد اشتد منذ 24 شباط (فبرابر) والغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، فيما تبقى بعض النقاط الجوهرية من «كوب 26» عالقة. هذا ما جعل المكسيكية باتريسيا إسبينوزا، وهي الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، تقول «إننا بحاجة إلى قرارات وإجراءات فورية»، مطالبة «كل الدول المشاركة لإحراز تقدم في بون».
ويكمن التحدي الأول في تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة، وهي المسؤول رقم واحد عن الاحتباس الحراري الذي تقف وراءه الدول الاقتصادية الكبرى. جدير بالذكر بأن «اتفاق غلاسكو» طالب جميع الدول بـ «تعزيز» أهدافها تماشياً مع «اتفاق باريس» في 2015 في أجل أقصاه نهاية عام 2022.
وكان «اتفاق باريس»، أبرز محطة في تاريخ مكافحة الاحتباس الحراري، أقر 1.5 درجة مئوية كنسبة قصوى لاستمرار الحياة بشكلها الطبيعي (أي القابل للعيش على سطح الأرض)، محذراً من أن «متوسط حرارة الكوكب يجب أن يبقى أقل من درجتين مئويتين» مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.
العالم يسير نحو بلوغ الاحترار نسبة 2.8 درجة مئوية بحلول نهاية القرن
لكن الهيئة الحكومية الدولية التي تعنى بتغير المناخ، وهي لجنة خبراء دوليين، اعتبرت في تقرير لها قبل عام أن العالم يسير نحو بلوغ الاحترار نسبة 2.8 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.
وعلى ضوء هذه الأرقام، تشدد باتريسيا إسبينوزا على الضرورة الماسة على أن يؤكد المشاركون في اجتماع بون التزامات غلاسكو لكي «تفضي كوب 27 في شرم الشيخ إلى قرارات شجاعة وملموسة تقوم على أساس خطط تنموية خاصة» وبالتالي «التوصل لتحقيق الطموحات المناخية الطارئة».
من جانبه، يعرب جوهان روكستروم رئيس معهد البحوث حول تأثير التغير المناخي في بوتسدام عن استيائه «لانعدام الإجراءات أمام ثبوت الأدلة العلمية عن أزمة دولية آتية بكوارث مناخية لا يمكن تصورها».
الدول الفقيرة
قبل مؤتمر «كوب 27» في شرم الشيخ، ستبقى تلبية الدول الغنية، المسؤولة أساسا على انبعاثات غازات الدفيئة، لطلبات المساعدة من الدول الفقيرة، المتضررة الأولى من ظاهرة الاحترار، في قلب الحديث. فأمام تضاعف مظاهر الجفاف والفيضانات والحرائق، ظلت تعهدات مجموعات الدول الثرية (السبع، العشرون…) بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتلك البلدان من أجل مساعدتها لمكافحة التغيرات المناخية حبراً على ورق.
وبدلاً من تنفيذ التزاماتها السابقة، رفضت البلدان الغنية في غلاسكو تمويل هذ الجهد الكبير، واكتفت بتحديد ما سمته إطار «نقاش» لأجل «الحديث عن إجراءات التمويل» حتى عام 2024. لكن الباحث في معهد ستوكهولم للبيئة ماغنوس بانزي اعتبر بأنه من «الضروري الربط بين المخاطر التي تهدد العالم، ومن بينها الأزمة الغذائية العالمية الناتجة عن التغير المناخي، لكن للآسف لا زلنا نفكر من منطلق هم ونحن».
ا ف ب