سياسة لبنانية

بعد عرسال وبريتال التخوف من احداث مقلقة تصيب لبنان في الاسابيع المقبلة

الهجوم الارهابي الذي شنه تنظيم داعش وجبهة النصرة على جرود بريتال لا يزال الشغل الشاغل للاوساط السياسية والامنية في البلاد. والهدف من هذا الهجوم هو فك الحصار المفروض على الارهابيين في الجرود. فهناك قلق كبير من ان يكون لبنان من خلال البقاع في عين العاصفة السورية، لان ما حصل في بريتال مقلق جداً وقد سقط لحزب الله عدد من الضحايا قالت مصادر انه بلغ العشرة شهداء وعدد آخر من الجرحى فيما تكبد الارهابيون خسائر فادحة وسقط لهم عدد كبير من القتلى والجرحى. فكيف يبدو الوضع الامني اليوم؟

بعد عرسال وطرابلس، مخيم عين الحلوة نقطة ساخنة وبؤرة أمنية، وهناك فصائل أصولية سلفية متطرفة مسلحة داخل المخيم عازمة على إعلان مبايعتها لتنظيم «داعش». والوضع الأمني بالغ الهشاشة والخطورة سيما بعد التوتر الشديد الذي ساد المخيم على أثر الظهور المفاجىء لمسلحين أصوليين متطرفين تابعين لـ «بلال بدر» ولفتح الإسلام وجند الشام يرفعون رايات سوداء.
وأشارت مصادر بإن انفجار الأوضاع الأمنية في المخيمات الفلسطينية يمكن أن يتكرر في أي وقت عبر احتمالات تجدد الاشتباكات بين الفصائل الفلسطينية المسلحة في مخيم عين الحلوة وعلى الأغلب بين الفصائل الإسلامية من جهة وحركة فتح من جهة ثانية، وقد حصل ذلك مرات عدة لكن كان يتم احتواء التوترات وذلك لعدم إعطاء ذريعة إضافية للجيش اللبناني للتدخل. حالياً هذا الاحتمال يبدو متراجعاً بسبب الأوضاع السياسية الصعبة التي يعيشها لبنان ومحيطه وجواره وما يعتريها من انعكاسات سلبية على صعيد تضعضع وضعف الدولة اللبنانية ومؤسساتها وأجهزتها في اتخاذ قرارات كبيرة بمستوى إعطاء الضوء الأخضر للجيش اللبناني بالتدخل على غرار ما جرى في نهر البارد لضرب المجموعات المسلحة لا سيما المجموعات الإسلامية المتطرفة التكفيرية الشبيهة بفتح الإسلام.
وأضافت بأن هناك عوامل عدة تساهم في ارتفاع التوترات في المخيمات الفلسطينية، أهمها: صعود الحالات المتشددة اللبنانية وهي لديها علاقات تاريخية مع الوسط الفلسطيني، الضغوط المعيشية التي يتعرض لها الفلسطينيون في المخيمات (بطالة، فقر، تراجع خدمات الأونروا، غياب الخدمات) الضغوط الأمنية التي يتعرض لها الفلسطينيون والإجراءات الأمنية المشددة التي يتخذها الجيش اللبناني على مداخل مخيمي نهر البارد وعين الحلوة والتي تشكل مصدر شكوى دائمة عند الفلسطينيين، الضغوط السياسية بحيث يشكل السلاح الفلسطيني سواء داخل أو خارج المخيمات ورقة بيد أطراف إقليمية، وهناك دائما قدرة لتحريك هذا السلاح تبعاً لإرادة هذه الأطراف أو تلك.

قلق فرنسي
يبدي دبلوماسيون فرنسيون في بيروت، أمام من يلتقونهم، خشيتهم من تدهور الأوضاع على نحو دراماتيكي في منطقة البقاع الغربي وصولاً إلى حاصبيا، بالتزامن مع اندلاع معارك عنيفة في عرسال. وتتحدث تقارير أمنية لبنانية في صورة متزايدة عن أخطار متفاقمة في بقع حدودية جنوبية وبقاعية لا تزال النار كامنة تحت رمادها، ومن الواضح أن ثمة خشية من تطورات في مناطق يتغلغل فيها عناصر من «النصرة» و«داعش» تحت أقنعة مختلفة.
ويبدي مرجع سياسي تخوفه من تطورات وأحداث قد تصيب لبنان وأهله في الأسابيع المقبلة، ويسأل «من يمكنه أن يخبرنا ماذا يحضّر المسلحون في الجرود؟ منطق الأمور يقول إنهم يستعدون لشن هجوم عنيف على لبنان. لن يبقوا أسرى الكماشة الأمنية. سيسعون الى فك طوقهم بطريقة أو بأخرى. وهذا لن يكون إلا بمواجهة جديدة مع الجيش».
وتخوف المرجع السياسي من المسلحين لا يقل عن تخوفه من «مشروع الدول التي تقاتلهم. فها هي بعد أن ضيّقت الخناق عليهم في العراق، وبعد أن حاصرتهم وقصفتهم، حشرتهم في سوريا وتقوم بقصفهم بانتقائية واستنسابية. هذا السياق يرجح في أحد وجوهه أن تتوجه أعداد أكبر من المتطرفين الى التخوم اللبنانية وأن تتجمع على امتداد الحدود، وتتحصن وتتحضّر».

بين عرسال وطرابلس
وثمة من يرى أن هناك علاقة منظمة بين ما تشهده عرسال وطرابلس من تصعيد وتوتير، وأن ذلك يرمي الى أمور عدة منها:
– الإيحاء لمن يهمه الأمر بأن المجموعات الإرهابية المسلحة ليست في وارد كف شرها وسحب ظلها الثقيل عن الساحة اللبنانية، وأن ما باشرته في 2 آب (اغسطس) الماضي مستمر الفصول بطرق شتى وأنماط متعددة.
– إن عملية الربط الدقيقة التي أجرتها المجموعات المسلحة بين الساحة اللبنانية وما بين ساحتي العراق وسوريا مستمرة، وازدادت الحاجة إليها في لحظة بدء هجمات التحالف الدولي على مواقع «داعش» في كل من سوريا والعراق، إذ إن الساحة اللبنانية كانت في ما مضى معبرا للمجموعات المسلحة ويمكن أن تكون من الآن فصاعداً ملاذاً إذا ما ضاقت بها الساحات الأخرى وتصاعدت غارات التحالف الدولي واضطرت تركيا الى سد منافذ حدودها مع سوريا إذا ما دخلت جديا في التحالف الدولي، لا سيما إذا ما حصلت على الأثمان العالية التي تطلبها بغية الخروج من حال ترددها والانضمام جديا الى التحالف.
– ولا ريب أن ثمة رسالة أخرى تريد هذه المجموعات الإرهابية أن توجهها الى السلطة اللبنانية بكل مستوياتها، وجوهرها أن عليها ألا تذهب بعيدا في ممارسة الضغوط على مجموعاتها في لبنان وفي شن حرب حاسمة عليها.

لقاء وطني
هذا ويجري مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار اتصالات مع أطراف سياسية ودينية لعقد لقاء وطني جامع للدفاع عن طرابلس وأهلها. ويهدف هذا اللقاء الى إشراك كل الطوائف في مهمة حماية المسيحيين، إضافة الى تأكيد الاعتدال والتنوّع القائم في المدينة ومحو كل الصور المشوّهة لها. وتقول مصادر مطلعة على أجواء هذه الاتصالات إن وثيقة سياسية ستصدر عن اللقاء تنص على رفض كل أنواع التطرف والعنف والتقاتل الطائفي والمذهبي ودعم الجيش ووضع حد لكل التوترات الأمنية في عاصمة الشمال.
واقتراح المفتي الشعار برأي مصدر طرابلسي مهم جداً، ولا بد من المسارعة الى عقد هذا اللقاء قبل فوات الأوان حيث بدت المدينة في غياب أصوات الاعتدال أنها تفسح المجال لأصوات التطرف كي تسيطر وتتوسع.
ويشير المصدر الطرابلسي الى أن الرايات السوداء التي يعتمدها «داعش» شعاراً له لم تعد حصراً في التبانة بل باتت ترفع في أحياء أخرى كشارع الحرية خلف قصر الرئيس كرامي وفي منطقة القبة وأبي سمراء، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على واقع تمدد الحالة «الداعشية».
ويرى المصدر أن طرابلس تعاني من أمرين خطيرين ومعظم الطرابلسيين قلقون على مصير مدينتهم جراء هذين الأمرين:
– الأمر الأول هو مسألة النازحين السوريين الذين تسللوا الى مختلف الوظائف والأعمال في المؤسسات الخاصة والإدارات، وتفاقم أزمة الشقق السكنية.
– الأمر الثاني أمني بامتياز وذو شقين: الشق الأول يتعلق بارتفاع منسوب السرقات والجرائم والاعتداءات. والشق الثاني يتعلق بالبؤرة الأمنية في التبانة التي باتت منطقة مغلقة ومحاطة بحراسة مسلحين ملثمين تابعين لـ «أسامة منصور وشادي مولوي» قيل إنهم ينتمون الى «جبهة النصرة» والبعض أشار الى انتمائهم لـ «داعش».

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق