سياسة عربية

لغم تأليف الحكومة ينفجر في 8 آذار وخلط أوراق وتحالفات جديدة

ما هي قصة المداورة في الحقائب الوزارية، ولماذا أثيرت فجأةً ولماذا تراجع حزب الله عن صيغة التسوية – المخرج التي عرضها على سلام وقبلت بها قوى 14 اذار (مارس) على مضض، بعدما أعلن الرئيس سعد الحريري قبوله بها بالمبدأ، تاركاً للرئيس فؤاد السنيوره البحث في التفاصيل مع الرئيس نبيه بري الذي تقول اوساطه أنه «مفوض» إتخاذ القرار لتمرير التفاهم – المخرج؟

تروي أوساط المصيطبة أنه عندما تم تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل الحكومة بإجماع نيابي (124 من أصل 128 نائباً)، إعتقد بعض القوى السياسية ان هنالك توافقاً خارجياً لتشكيل الحكومة والا لما حصل الإجماع الذي إعتبرته أوساط سياسية «صفقة» إقليمية لتشكيل الحكومة تمت بين السعودية وايران. وبعد إنتهاء سلام من الإستشارات النيابية للتأليف وضع قواعد لتشكيل الحكومة تقوم على إعتماد صيغة ثلاث ثمانيات، لا ثلث معطلاً، لا وزير ملكاً أو وزير وديعة، إعتماد المداورة مع الحق لرئيسي الجمهورية والحكومة المكلف بالفيتو على الأسماء والحقائب، أن يوزعا الحقائب على الأسماء بعد أن تزود القوى المشاركة في الحكومة سلام بمجموعة الأسماء المرشحة لدخول الحكومة، وإعتماد إعلان بعبدا بنداً في البيان الوزاري من دون ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة. ولازم سلام منزله متابعاً الإتصالات والإجتماعات من دون القيام بجولات على مقار السياسيين كما درجت العادة منطلقاً من «ضرورة إعادة الصلاحيات والموقع» لرئاسة الحكومة.

لا تسوية خارجية
وتبين للأطراف لاحقاً ان لا تسوية خارجية ولا إتفاق إقليمياً لتشكيل الحكومة، فالتشكيل مرتبط بالأزمة السورية، ويتناغم مع التطورات بشأن حل الأزمة. عندها أعلنت قوى 8 آذار (مارس) رفض «الصيغة التي وضعها سلام وتمسكت بصيغة 9-9-6 وثلاثية الشعب والجيش والمقاومة. وأبلغ الثنائي الشيعي التيار الوطني الحر خطياً أنه ضد المداورة ومع بقاء حقائب التيار له لا سيما الطاقة والإتصالات، وفق نائب عوني. وتمسكت قوى 14 آذار (مارس) من جهتها بالقواعد التي وضعها سلام مضيفةً إليها عدم مشاركة حزب الله إلا بعد اعلان سحب مقاتليه من سوريا، والتزام اعلان بعبدا. ولاحقاً وبعد إغتيال الوزير السابق محمد شطح رفعت قوى 14 (مارس) سقف شروطها فأضافت عليها نزع سلاح الحزب. وتوقفت المفاوضات عند هذا الحد، فقرر الرئيسان سليمان وسلام أمام هذا الواقع تشكيل حكومة حيادية من تكنوقراط غير حزبيين بعدما فشل الأفرقاء في الإتفاق، وأبلغا القوى السياسية أنهما سيعلنان الحكومة في 7 كانون الثاني (يناير) على رغم الحملة من انها غير دستورية وغير ميثاقية. وهوّل بعض القوى على بكركي بمنع إجراء إنتخابات رئاسية اذا شكلت حكومة حيادية مما حمل البطريرك الماروني على تغيير موقفه الداعم لحكومة حيادية. فتحرك النائب وليد جنبلاط بإيحاء من حزب الله وتوافق مع بري على تسوية سياسية وتم إبلاغ الرئيسين بها وطلبا مهلة لتسويقها. ويقول زوار بعبدا ان الصيغة المطروحة للتداول الآن عرضها سلام على الأطراف وسعى سليمان لتذليل العقبات عن طريق تنفيذها. فلماذا قبل بها الأطراف السياسيون بعد تسعة أشهر ونيف من المفاوضات والبحث في صيغ وإقتراحات، كانت تترافق في بعض الأحيان مع مواقف عالية النبرة وانتقادات وحملات سياسية للضغط، في الوقت الذي إستمر سلام على مواقفه مؤكداً بأنه «سيعمل بصبر حتى يضجر الصبر منه».

جولات مكوكية
وبدأ الخليلان (الوزير علي حسن خليل  معاون الرئيس نبيه بري وحسن الخليل معاون الأمين العام لحزب الله) جولات مكوكية بين بعبدا والمصيطبه وكليمنصو لتسويق صيغة ثلاث ثمانيات مع تدوير الزوايا. ويكشف أحد السياسيين المواكب للإتصالات انه عندما زار الخليلان سليمان وسلام أبلغاهما أنهما مفوضان من مكونات 8 آذار (مارس) لتسويق التفاهم – المخرج وعندما سأل سلام عن موقف العماد ميشال عون رد خليل بالقول: نحن نتولى الأمر ونضمن قبوله. فأكد سلام تمسكه بالقواعد التي وضعها. وتم الإتفاق على صيغة 8-8-8 والمداورة وترحيل ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة الى طاولة الحوار وبحث البيان الوزاري بعد التأليف. وأصرت 14 آذار (مارس) على ان يعلن فريق 8 آذار (مارس) عن التزامه إعلان بعبدا في البيان الوزاري. ورفض سلام نقل الآراء بين الأطراف وطلب منهم ان يتفقوا ويبلغوه، رافضاً أن يلعب دور الوسيط بينهم. فتم التواصل بين الأطراف عبر إجتماعات بين بري والرئيس فؤاد السنيورة إنتهت الى إتفاق تسوية، قبلت قوى 14 آذار (مارس) التسوية على مضض بعد موافقة الحريري، وطالب الدكتور سمير جعجع بالإعلان المسبق من قبل الحزب التزام اعلان بعبدا من دون ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة». وإستغربت أوساط سياسية قريبة من الرابية عدم وضعها في التسوية وحمّلت الثنائي الشيعي المسؤولية. فتوترت العلاقات بين مكونات 8 آذار (مارس) خصوصاً بين عون وبري، بعدما أبلغ عون ان أحداً لم يفاتحه بموضوع الحكومة وسلام لم يتصل به ولم يبحث معه أحد في المداورة التي اعلن عن رفضها لأن «لا أحد يمون عليه». أمام هذه الوقائع تنصل الثنائي الشيعي من التفاهم واعلن بري انه خدم عسكريته، وأوقف معاونه الوزير علي حسن خليل جولاته المكوكية وتولى الوزير الجنبلاطي وائل ابو فاعور مواصلة الإتصالات لنقل موقف 8 آذار (مارس)  الى سلام، في الوقت الذي أبلغ وفد الحزب عون أنه معه من دون ان يوضح ما اذا كان وزراء الحزب سينسحبون من الحكومة في حال إنسحب وزراء عون احتجاجاً على عدم إعطاء التيار حقيبة الطاقة وأخرى سيادية.

عقدة حقيبة الطاقة
لقد تورط الثنائي الشيعي في التفاهم – المخرج معتقداً انه يمون على حليفه إلا أن ما جرى وتّر الأجواء في 8 آذار (مارس)  فحصلت قطيعة بين عون وبري وتوترت العلاقات بين عون والحزب الذي أكد حرصه على العلاقة مع التيار. فاللغم الذي نصبه الثنائي الشيعي لقوى 14 آذار (مارس)  انفجر فيه وتشظت مكونات 8 اذار (مارس)  في حين صمدت قوى 14 اذار (مارس) رغم التباين في المواقف بين مكوناتها، اذ لم يتضامن الحريري مع جعجع الذي أعلن عدم مشاركته في الحكومة لعدم تبني الحزب إعلان بعبدا، كما يقول نائب في المستقبل. وتبين ان عقدة حقيبة الطاقة وإسنادها الى عون وتخلي الثنائي الشيعي عن دعم مطلب عون كل هذا ساهم في إيجاد شرخ بين هذه القوى. ويقول ديبلوماسي ان الرئيسين سليمان وسلام حشرا القوى السياسية، لا سيما 8 آذار (مارس) وأربكا الأخيرة وسط صعوبة الخيار بين محافظة الحزب على تحالفه مع عون وحرصه على دخول الحكومة بشروط سلام لتأمين غطاء شرعي يحتاجه في هذه المرحلة، وتوفير التواصل مع قيادات سنية معتدلة لتنفيس الإحتقان في الشارع الإسلامي بعد تهديدات «داعش والنصرة»، ومد جسور تواصل مع تيار المستقبل من موقعه الإعتدالي في الشارع الإسلامي خصوصاً بعد تحذير الحريري اللبنانيين من الدعوات المشبوهة التي تطلب زجّ لبنان في حروب مرفوضة ومدانة بين حزب الله والقاعدة. ولن تخرج قوى 8 آذار (مارس) من عملية تشكيل الحكومة سليمة بل مشظاة وقد يسهم ذلك في حدوث خلط أوراق على الساحة السياسية تؤدي الى تحالفات جديدة.

ف. ا. ع
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق