رئيسي

هل تنجح الاتصالات لانتخاب رئيس ولو مع تأخير اسابيع؟

عشية انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، زار السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وبحث معه في الاستحقاق وضرورة انتخاب رئيس ضمن المهلة الدستورية محذراً من تداعيات الفراغ في السلطة.

حمّل هيل من عين التينه بعد زيارة الرئيس نبيه بري «القيادات اللبنانية مسؤولية الفراغ ودعاهم الى ان يأخذ العمل الرئاسي والبرلماني والحكومي مساره لمواجهة التحديات وتفادي دفع الثمن». ومن السرايا بحث البطريرك الماروني بشاره بطرس الراعي الاستحقاق الرئاسي مع رئيس الحكومة تمام سلام وحض القادة الموارنة على القيام بواجبهم الدستوري والوطني وفق الدستور لمنع الفراغ. واوضح سلام ان لا فراغ في السلطة بل شغور، وقد نصت المادة 62 من الدستور على «ان يتولى مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحيات رئيس الجمهورية» بعد 25 ايار (مايو) لمنع الشغور. ومنعاً لوقوع البلاد في الفراغ وجه الرئيس ميشال سليمان رسالة الى المجلس النيابي بواسطة رئيس المجلس يطلب بموجبها استناداً الى المادة 53 الفقرة العاشرة «العمل لاستكمال الاستحقاق الدستوري تفادياً للمحاذير والمخاطر التي قد تنشأ جراء عدم انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 ايار (ايار)».

تداعيات الفراغ
وابدت اوساط ديبلوماسية مخاوفها من تداعيات الفراغ في السلطة والخشية من ان ينسحب على المؤسسات الدستورية الاخرى، مجلس الوزراء ومجلس النواب، من ضمن خطة وضعها حزب الله، وكشفت عنها اوساط في قوى 14 اذار نقلاً عن مسؤول غربي، اشار الى ان الخطة تهدف  الى ايجاد موقع للشيعة في السلطة التنفيذية التي يتولاها الماروني والسني، وترافقت هذه المعلومات مع عودة الحديث عن عقد هيئة تأسيسية لاعادة تكوين السلطة في لبنان، ما حمل الرئيس سليمان على الاشارة الى الموضوع في احدى المناسبات، محذراً من خطورة المس بالمسائل الميثاقية وخصوصا المناصفة، والتزام الطائف والمعادلة التي قام عليها. وسارع الرئيس نبيه بري في اخر جلسة لهيئة الحوار الى نفي ما يتردد عن عقد مؤتمر تأسيسي، وأكد الالتزام باتفاق الطائف وبالمناصفة حتى لو تخلى عنها المسيحيون، ورافضا ما يتردد عن السعي لاعتماد المثالثة في السلطة.
وتكثر السيناريوهات حول مرحلة ما بعد 25 ايار (مايو) ويمضي البعض الى الحديث عن فراغ طويل وعن تأجيل الاستحقاق الى ايلول (سبتمبر) المقبل، الامر الذي حمل البطريرك الراعي على رفض الفراغ ولو لساعة، لافتاً الى عدم جواز وجود كائن من دون رأس، وان الفراغ يحدث خللاً في التوازنات ويغيّب مكوناً اساسياً من مكونات الصيغة التي قد تتعرض الى انتكاسة. واثار اعلان الرئيس بري «الاستمرار في التشريع بعد 25» موجة استياء لاستسهال الفراغ في السلطة، في حين ان لا فراغ او شغور  في الرئاستين الثانية والثالثة.لذلك يعتزم وزراء ونواب مسيحيون ومسلمون مقاطعة جلسات مجلس الوزراء ومجلس النواب، كخطوة احتجاج على الفراغ وكورقة ضغط يمارسها هؤلاء لاستعجال انتخاب رئيس الجمهورية. ويشير احد الخبراء الدستوريين الى ضرورة تطبيق الدستور ويرفض الحجج الواهية التي يقدمها البعض «مستهجناً مقاطعة جلسات الانتخاب تحت عناوين حق ديموقراطي. ودعا الى احترام الدستور الذي يحض النواب على انتخاب رئيس لمنع الفراغ، خصوصاً في المادتين 74 و75». ويقول نائب سابق، ان المجلس النيابي وخلال الحرب وسقوط القذائف على مقره المؤقت في قصر منصور قام النواب بواجباتهم وانتخبوا خلال الحرب خمسة رؤساء جمهورية لمنع الفراغ.

التوازن الميثاقي
ان استسهال الفراغ في السلطة يحدث خللاً في التوازن الميثاقي. ويشير بعض السياسيين الى عدم وجود فراغ بل شغور في الرئاسة، وقد اشار اليه الدستور في المادة 62 لمعالجته. ويتوقف نواب عند استغراب البعض للجؤ نواب الى مقاطعة جلسات مجلسي النواب والوزراء. ويذكّر هؤلاء بموقف الرئيس بري عام 2006 عندما استقال الوزراء الشيعة من حكومة فؤاد السنيوره، فبدل ان يستدعي بري الحكومة لمساءلتها ومحاسبتها ويطلب منها تصحيح الخلل، اقفل مجلس النواب بوجه الحكومة بحجة انها غير ميثاقية. وفي العام 2011 عندما استقالت حكومة نجيب ميقاتي حاول بري عقد جلسة تشريعية، سارع ميقاتي ورؤساء حكومة سابقون الى الاعتراض وتمت مقاطعة الجلسات تحت عنوان ميثاقي. ومؤخراً عندما قاطعت كتلة المستقبل جلسات مناقشة مشروع اللقاء الارثوذكسي، لم يعقد بري الجلسات حرصاً على الميثاقية، فلماذا يريد الان الاستمرار في التشريع في ظل الفراغ في الرئاسة؟ ويطالب هؤلاء النواب بالمساواة وباستعجال انتخاب رئيس جديد ووقف مقاطعة الجلسات من قبل تكتل الاصلاح والتغيير وحزب الله، والنزول الى المجلس لانتخاب رئيس ومن ينل الاكثرية المطلقة يفز.
ويكشف وزير سابق عن رسالة شديدة اللهجة بعث بها البطريرك الراعي الى القادة الموارنة يحضهم على المشاركة في جلسة الانتخاب لئلا يتحملوا مسؤولية الفراغ في سدة الرئاسة، خصوصاً وان الاستحقاق مسيحي بامتياز، وعلى الموارنة الاتفاق على اختيار المرشح لان هذا مسؤوليتهم. وابلغت قيادات اسلامية البطريرك رفضها تسمية اي مرشح لئلا تتهم بانها تحاول ان تفرض الرئيس المسيحي على المسيحيين. ولم يتجاوب بعض القادة مع رغبة الراعي في حضور النواب المسيحيين وقد اثار موضوع الفراغ مع رئيس الحكومة تمام سلام الذي اشار الى النصوص الدستورية، في حين طالب الراعي بمنع الفراغ في الرئاسة الاولى من خلال  تعديل المادة 62 التي تمنع الفراغ بحيث يبقى الرئيس في مركزه الى حين تعيين الخلف، ويستمر في  تصريف الاعمال  فلا يكون هناك فراغ، تماماً كما هي حال رئيس الحكومة المستقيل الذي يبقى يصرف الاعمال الى حين تشكيل الحكومة، واحياناً تتجاوز فترة تصريف الاعمال الفترة الاصلية.

دعوة هيئة الحوار
هل يطول الفراغ؟ يقول احد الوزراء انه اذا لم يتم انتخاب رئيس قبل منتصف حزيران (يونيو)، اي التأجيل لاسابيع معدودة، فان الانتخابات سترحل الى ايلول (سبتمبر) المقبل، في هذه الحالة يتوقع وزير سابق ان  يقدم الرئيس نبيه بري، وفي خطوة لتحصين الاستقرار وتعزيز الهدؤ والسلم الاهلي، على دعوة اعضاء هيئة الحوار الى اجتماع في مجلس النواب، على غرار ما فعل عام 2006 عندما بادر الى تشكيل الهيئة من اجل ابقاء الحوار والتواصل قائمين بين القوى السياسية، فتحصن الهيئة الوضع الامني وتحول دون حصول انهيارات بعدما نجحت حكومة تمام سلام في تثبيت الامن، لا سيما في طرابلس وفي البقاع، عبر خطة امنية، ونجحت في تطويق حال الفلتان التي تمثلت بسيارات مفخخة طاولت مناطق نفوذ حزب الله، اضافة الى ارتفاع منسوب المواجات والتحدي والتشنج بين السنة والشيعة مما تخوف معه البعض من اندلاع الفتنة. وقد شكلت هذه المخاطر الحافز على استعجال الاطراف ضبط الوضع الامني والايقاع وفق الصيغة التي على اساسها شكلت حكومة تمام سلام بعد عشرة اشهر من الانتظار. ونجحت المساعي بسحر ساحر في تأليف حكومة المصلحة الوطنية التي تضم المكونات السياسية في البلاد بعد حكومة اللون الواحد التي كان يترأسها نجيب ميقاتي. ويقول وزير في الحكومة ان المعجزة التي ادت الى تشكيل الحكومة قد تتكرر لانتخاب رئيس جديد ضمن المهلة او بعدها باسابيع كما قال سفير شرقي في مجال الحديث عن الاستحقاق الرئاسي.

ف. ا. ع

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق