رئيسيسياسة عربية

حكومة سياسية جامعة بلا ثلث معطل ولا وزير ملك

كادت المحاولة الثالثة لتشكيل الحكومة بداية الاسبوع الفائت وقبل سفر الرئيس ميشال سليمان الى نيويورك، ان تبصر النور، لولا احجام النائب وليد جنبلاط في اللحظة الاخيرة عن المشاركة عندما علم بمعارضة حزب الله لها، الذي رفع سقف التصعيد مطالباً صراحة بالثلث المعطل ومتمسكاً بثلاثية: الشعب والجيش والمقاومة.

سبقت هذه المحاولة اثنتان: الاولى قبل انفجارات الضاحية وطرابلس حيث اجهض التطور الامني اعلان الحكومة الحيادية بسبب المطالبة بحكومة سياسية، والثانية قبل التهويل الاميركي بالضربة العسكرية على سوريا، وما اعقبها من  اتفاق اميركي – روسي، ما حمل بعض الاطراف على رفض تقديم اي تنازل وانتظار نتائج التطورات. ويؤكد مصدر مطلع ان حكومة الرئيس تمام سلام سترى النور بعد عودة سليمان وفق القواعد التي وضعها سلام.
عمل رئيس الجمهورية جاداً قبل سفره على تشكيل الحكومة انطلاقاً من مطالبة الدول الراغبة في مساعدة لبنان بضرورة وجود حكومة كاملة الصلاحيات والسلطة، تكون شريكاً لتتعاون معها. ونصح بعض السياسيين الرئيس سليمان بتأجيل الخطوة خشية ان يحدث التأليف ازمة داخلية تترك مضاعفات ليس من المستحب ان تحصل وهو في الخارج، لان ذلك قد ينعكس سلباً ويضعف موقفه خلال لقاءاته مع رؤساء الدول في نيويورك. وتم الاتفاق على ان تشكل الحكومة بعد العودة. كما نصح آخرون بأن يؤجل التأليف الى ما بعد زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني الى السعودية في 12 تشرين  الاول (اكتوبر) المقبل، في حين دعا سياسيون الرئيس سليمان الى الافادة من الدعم الدولي الذي يعود به من نيويورك بعد مشاركته في مؤتمر المجموعة الدولية لدعم لبنان، والتأييد لمواقفه ليعلن مع الرئيس المكلف التشكيلة وفق القواعد التي وضعها في حصص صافية للاطراف من دون «وزير ملك»، وتوظيف الاجواء الدولية الانفراجية بعد الاتفاق الاميركي – الروسي بشأن سوريا والغزل الاميركي – الايراني بشأن المشروع النووي والانفتاح الايراني – السعودي لارساء العلاقات على قواعد متينة وتنفيس الاحتقان السني – الشيعي في المنطقة.

الحكومة بعد نيويورك
وتشاور الرئيس سليمان مع الرئيس المكلف تمام سلام قبل سفره واتفق معه على اعلان الحكومة بعد عودته، ويقول احد المطلعين ان الاجواء الدولية والاقليمية تساعد على الخطوة، اضافة الى الاتفاق الاميركي – الروسي، والتعاون الاستخباري الاوروبي – الايراني -الروسي – الاميركي الذي رافقه لانضاج مسيرة الحلول في المنطقة، بدءاً من الازمة السورية والملفين الكيميائي والسياسي، الى الملف النووي الايراني واخيراً ملف القضية الفلسطينية. ويؤكد مسؤول امني اميركي «ان الاتفاق الاميركي – الروسي بمشاركة اوروبية يتناول معالجة هذه الملفات ووضعها على مسارالحلول. ليتسنى التوجه الى آسيا لمواجهة ما تمثله من «الخطر الاصفر». وينقل سياسي لبناني عن مسؤول اميركي رفيع قوله: «ان اهتمام الادارة الاميركية في آسيا لا يعني اهمالها الاهتمام بالشرق الاوسط وبلبنان الذي يشكل خطاً احمر ويحظى بمظلة دولية للمحافظة على استقراره ودعم سيادته واستقلاله، وهذا ما يجسده مؤتمر المجموعة الدولية لدعم لبنان في نيويورك في هذا الظرف. ويكشف احد قياديي 14 اذار انه تماشياً مع هذه الاجواء بعث الرئيس سعد الحريري برسالة الى الرئيس سليمان نقلها مستشاره نادر الحريري مفادها «ان المستقبل يقف الى جانب الرئيس سليمان في ما يقرره بشأن الحكومة، وانه مع حكومة سياسية على اساس ثلاث ثمانيات من دون ثلث معطل على ان يكون «اعلان بعبدا» في صلب بيانها الوزاري، مما يسقط المعادلة الثلاثية، فلا فرق لدينا ان تمثلنا او لم نتمثل في الحكومة، على ان تستأنف اجتماعات هيئة الحوار للبحث في سلاح الحزب والاستراتيجية الدفاعية وفق التصور الذي وضعه الرئيس سليمان. ونرفض الحوار قبل التأليف وفق مبادرة الرئيس نبيه بري الذي يريد نقل ملف التأليف الى الحوار لاستمرار الفراغ، تجاوباً مع رغبة 8 اذار في ان ينسحب الفراغ على رئاسة الجمهورية مما يسهل عقد مؤتمر تأسيسي للبحث في النظام واعادة تركيب الدولة وفق المعطيات، واخذ  المستجدات التي طرأت منذ قيام الطائف بعين الاعتبار.
ويقول وزير سابق ان التحفظ على حكومة سياسية جامعة سقط وتخلى «المستقبل» عن الحكومة الحيادية من دون 8 و14 اذار، بعدما دعا سليمان بعد التطورات الامنية، الى حكومة سياسية جامعة. ومقابل السعي لتشكيل الحكومة، بالتزامن مع الاجواء الدولية والاقليمية، وايجابيات «المستقبل» لتسهيل التأليف، صعّدت 8 اذار موقفها فأعلنت تمسكها بالثلث المعطل وبثلاثية الشعب والجيش والمقاومة. ونقلت اوساط سياسية في 14 اذار ان الحزب قلق من التطورات، لا سيما ما يجري في ايران والغزل الايراني – الاميركي والخشية من صفقة دولية يدفع هو ثمنها. واستباقاً لاية تطورات اشارت اوساط نيابية في 8 اذار الى ان الحزب والتيار العوني قررا الانفتاح على الاطراف السياسية وتحديداً المستقبل، ويحاول الحزب عبر مبادرة الرئيس بري الذي قد يلتقي الرئيس فؤاد السنيورة، عقد صفقة تفاهم بين المستقبل والحزب تشمل الاتفاق على رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب وموعد الانتخابات على ما جرى في الدوحة، بعدما فشل التواصل بين الحزب ومقربين من الحريري في الوصول الى نتائج، على رغم تكرار المحاولة وتسويق سيل من المعلومات.

مواقف جنبلاط
تعكس مواقف جنبلاط الاخيرة التغيير المرتقب في المنطقة بعد «انهزام» النظام السوري امام الملف الكيميائي والاتفاق الاميركي – الروسي والغزل الايراني – الاميركي، وقد تعرض المحور الاقليمي الذي يستظله الحزب الى الاهتزاز والى تغييرات اساسية قد تبدل في المعطيات، ويستفيد لبنان من هذا التغيير. وبرزت مؤخراً مواقف روسية لافتة حيال سوريا والرئيس بشار الاسد الى جانب مواقف للرئيس روحاني في لقائه الحرس الثوري وفي صحيفة واشنطن بوست قبل توجهه الى نيويورك.
ويرى مرجع مسؤول ان كل الهواجس سقطت امام الوقائع الدولية ويدعو الاطراف اللبنانية الى العودة من المحاور العربية الى المرجعية اللبنانية، لان رسالة لبنان هي الحوار والانفتاح، ويفترض عودة الثقة بين اللبنانيين، والتقيد بالثوابت الوطنية والتزام اعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق