سياسة لبنانيةلبنانيات

الازمات تتلاحق والمعالجات غائبة والشعب وحده يدفع الثمن

لماذا عادت ازمة المحروقات فجأة وما هو مصير التعميم 161 الصادر عن مصرف لبنان؟

كتب على الشعب اللبناني ان يمضي حياته في الازمات القاتلة التي تكاد لا تنتهي، وسط غياب كامل للمسؤولين، وان تحركوا فبعشوائية لا تؤدي الى اي نتيجة. ان افضل الحلول لديهم هو الترقيع. فكيف يواجهون كل هذه المشاكل وهي من صنعهم ومن صنع المنظومة اياها التي دمرت البلد لاحياء مصالحها، فابتعدت عن الناس بشهادة المراجع الدولية التي اتهمت المسؤولين بانهم تخلوا عن شعبهم سعياً وراء مصالحهم.
ومع بزوغ فجر جديد كل يوم يواجه اللبنانيون ازمة، بات من المتعذر عليهم تحملها، وهم يكتفون بتعدادها. امس فجأة عادت ازمة المحروقات الى الواجهة، وعادت الطوابير تتجمع امام محطات المحروقات. اما السبب فيعود الى تدابير اتخذها مصرف لبنان تطلب من شركات المحروقات دفع كامل الثمن بالدولار، بعد ان كانت تسدد 85 بالمئة باللبناني و15 بالمئة بالدولار فاعلنت الشركات والمحطات انها غير قادرة على تأمين المبلغ كله بالدولار لتقبض ثمن البضاعة بالليرة اللبنانية. وترافق ذلك مع قيود فرضها مصرف لبنان، فاصبح الحصول على دولار المنصة مقيداً بقيود جديدة. وتردد ان التدابير هي تمهيد لالغاء المنصة والتعميم 161. غير ان مصادر مصرف لبنان نفت انها عازمة على الغاء هذا التعميم، وان العمل به مستمر بشكل طبيعي. وعزت النقص في دولارات السوق الى انه جاء نتيجة توقف عن العمل اربعة ايام، عطلة نهاية الاسبوع واضراب المصارف ليومين.
مجلس الوزراء تناول المشكلة، واعداً بالحل ومؤكداً بان لا ازمة محروقات. غير ان المواطن الذي اكتوى بنيران الوعود التي لا تنفذ، لم يعد يصدق كل ما يصدر عن المسؤولين. واقترح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي دعوة الحاكم رياض سلامة الى مجلس الوزراء يوم الاربعاء المقبل لمعالجة الازمة، والاطلاع منه على المستجدات. وعلى الازمة الطارئة بين مصرف لبنان والمصارف حول هذا الموضوع.
كذلك تطرق مجلس الوزراء الى الازمة المتصاعدة بين القضاء وجمعية المصارف، بعد منع خمسة رؤساء مجالس ادارة خمسة بنوك كبرى من السفر، وحجز بعض الموجودات. وقد نفذت جمعية المصارف اضراباً تحذيرياً ليومين مهددة بالتصعيد اذا لم تحل الازمة. وعلى هذا الاساس استفسر مجلس الوزراء من وزير العدل عما توصل اليه مع السلطة القضائية. وكان المجلس قد كلفه بهذه المهمة. وطلب ان يتابع الوزير اتصالاته بهذا الشأن بما في ذلك تشكيل لجنة من القضاء وجمعية المصارف لمعالجة الامر. وهكذا نتنقل من ازمة الى ازمة، ونعهد بها الى اللجان وهي مقبرة كل المشاريع والحلول. فعلى امل ان تختلف الامور هذه المرة ويجدون الحل. لان اقفال المصارف يسبب ازمة اكبر، لا بل كارثة على كثير من القطاعات. على ان يبقى القانون فوق الجميع وان يطبق بعدالة دون اي استنسابية.
في السياق حدد قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور موعداً قبل ظهر اليوم الخميس للتحقيق مع رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في التهم المنسوبة اليه. وبنتيجة هذا التحقيق يقرر اما اخلاء سبيل الموقوف، واما محاكمته موقوفاً. واي قرار سيتخذ ستكون له انعكاسات.
المصارف اذاً ليست في وضع مريح. فهي تواجه مشاكل مع مصرف لبنان ومع القضاء، فضلاً عن المشاكل الكثيرة والدائمة مع المودعين الذين ضاعت اموالهم، وهم يعتبرون ان المصارف خانت الامانة ولم تحافظ عليها، وهذا بحد ذاته جرم يعاقب عليه القانون. ولكن من يحاسب من. فالفساد مستشرٍ في كل مكان والمحاسبة غائبة، ابتداء من المجلس النيابي الذي لم يحاسب وزيراً او حكومة يوماً، حتى اخر دائرة من دوائر الدولة.. المهم ان الجميع يديرون ظهورهم ويعملون على حماية مصالحهم وحده الشعب اللبناني المتروك، والذي يعيش في «لا دولة» يدفع الثمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق