صحة

تكلم، أصرخ، «إرفع صوتك»… ينتقل السيدا بالعلاقات الجنسية لا بالعلاقات الإنسانية!

العنوان جذاب في زمن يطغى عليه السواد: «إرفع صوتك». وهل هناك أجمل من أن نصرخ كلنا في كل الإتجاهات بصوتٍ عالٍ مطالبين بحقوقنا؟
«إرفع صوتك» دعوة تشدّ تحت أي عنوان أتت… والدعوة اليوم أتت من جمعية العناية الصحية وجمعية «عيش بإيجابية» من أجل أن نرفع صوتنا من أجل إرساء نظام رصد لانتهاكات حقوق الإنسان المتعايش مع فيروس نقص المناعة البشرية. مرضى السيدا تنتهك حقوقهم في الذهنية وفي التطبيق علما أنهم مجرد مرضى يحق لهم ما يحق لسواهم… فماذا في التفاصيل؟

لأن الوجه الفني أيضاً يشدّ إختير وجهان لبرنامج «إرفع صوتك» هما باميلا الكك ووسام حنا وقد حضرت الكك باكراً وجلست على المنصة لكن وسام حنا تأخر كثيراً «بسبب عدم إنجاز جسر جل الديب» على ما علقت الكك فانطلق المؤتمر من دونه بوجود النائب عاطف مجدلاني ومدير البرنامج الوطني لمكافحة السيدا الدكتور مصطفى النقيب ورئيسة جمعية العناية الصحية كارين نصار وعدد كبير من ممثلي الوزارات ورجال الدين.
كلام ٌ كثير قيل على مدى ساعتين وكلمات كثيرة تُليت طاف فيها المتكلمون على الواقع وشارفوا الحلول.
 
كارين نصار: المصابون يواجهون الكثير من الصعوبات التي تعترض الحقوق الأساسية للإنسان
كارين نصار رأت أن المتعايشين مع هذا الفيروس في لبنان يواجهون الكثير من الصعوبات التي تعترض الحقوق الأساسية للإنسان كالحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية والحقّ في العمل وغيرها، وهذه العقبات تزيد من تهميش المجتمع لهم ومن الوصمة الذاتية، مؤكّدة على حقهم في الحصول على الرعاية والخدمات الشاملة والمحترمة ومن دون تمييز. أضافت «يجب التعاون مع الجميع من أجل محاربة ورفض كل الإنتهاكات لحقوق الإنسان لا سيما التصرّفات التمييزية والمهمّشة ذات الصلة مع هذا الفيروس». وشدّدت نصّار على «أنّ الدراسات العالمية برهنت أنّ الاكتشاف المبكر للإصابة بالفيروس والمواظبة على تناول العلاج يُساهمان في تحسين الوضع الصحي للمتعايش من جهة وتخفيف المشاكل الصحية التي قد تطرأ عليه من جهة ثانية واستبعاد إمكانية نقل الفيروس للآخرين».

مجدلاني: المتعايش مع فيروس السيدا يختلف عن أي مريض مصاب بمرض عضال
النائب عاطف مجدلاني قال من جهته «إن تطوّر العلاجات اليوم لم تصل بعد الى مرحلة الشفاء التام إنّما صارت قادرة على تخفيف تداعيات المرض على المريض، وهذا الأمر يعتبر تطوّراً إيجابياً مهمّاً في عالم الصحة، لافتاً الى أنّ العلاجات متوفّرة في لبنان وعلى نفقة وزارة الصحّة. أضاف: قد تكون هناك بعض الشوائب لكن معالجتها متاحة».
وتحدّث مجدلاني عن المتعايش مع الفيروس الذي يختلف عن أي مريض مصاب بمرض عضال لثلاثة أسباب:
أولاً، لأنّ مرض السيدا يمكن أن يكون معدياً إذا لم يتمّ اتخاذ الاجراءات الوقائية.
ثانياً، يشعر مريض السيدا بأّنّه متهم بجلب المرض الى نفسه، على عكس المصابين بأمراض أخرى.
ثالثاً، إنّ مريض السيدا ممكن أن يكون مجرماً بحقّ المجتمع في حال قرّر الإنتقام من خلال إخفاء مرضه، ومحاولة نقل مرضه الى الآخرين.
وقال: «قطعنا شوطاً مهمّاً، على الصياغة النهائية لاقتراح قانون يرعى ويُنظّم ويقونن حقوق وواجبات مريض السيدا في لبنان ويراعي ما نسمّيه «شرعة حقوق وواجبات مريض السيدا» لافتاً الى «أنّ طريقة تعاطي المجتمع والدولة مع مريض السيدا باتت تعتبر معياراً عالمياً لقياس مدى رقي وتطوّر الدول».

الحقّ في الحياة، وفي حرية الخيار والقرار والتعبير
وعدّد النائب مجدلاني الخطوط العريضة للقانون الجديد المقترح وفيها: «الحقّ في الحياة، وفي حرية الخيار والقرار والتعبير، والتمتّع بأعلى مستويات الصحة في الرعاية والعلاج المناسبين، في السرية والخصوصية والحصول على المعلومات والإرشادات الضرورية، وعدم التمييز والمساواة مع جميع المواطنين، والحقّ في الانخراط التام في الحياة الاجتماعية والمهنية والثقافية. في المقابل، عرض للائحة عن واجبات مريض السيدا تضمّنت: واجب التصرّف بمسؤولية تجاه الذات والآخرين، وحماية الذات من تطوّر المرض وحماية الآخرين من نقل العدوى اليهم وذلك باستعمال الوقاية اللازمة، وحقّ الشريك بالمعرفة قبل حصول العلاقة الجنسية».
وختم بشعار يقول إن «المرض ينتقل بالعلاقات الجنسية وليس بالعلاقات الإنسانية» «فلنتمسّك إذا بإنسانيتنا ولنمارسها بشغف وإخلاص لأنّها هي الخلاص للمريض وللمجتمع في آن».

مصطفى النقيب: تجاوزات تنتهك حقوق هذه الفئات وتحدّ من قدراتها على الدفاع عن نفسها
الدكتور مصطفى النقيب قال: «أعطت وزارة الصحة اللبنانية عناية خاصة للفئات المهمّشة في المجتمع، والأكثر عرضة لفيروس الإيدز والأمراض الأخرى إذ وضعت برامج خاصة لهذه الفئات تعمل على تنفيذها بالتعاون المباشر مع الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني وبالتنسيق مع منظمات الامم المتحدة، وشركاء دوليين آخرين. وطوّرت الوزارة برامج العلاج بالبدائل وافتتحت مراكز للفحص الطوعي والمشورة، ونشرتها في المناطق اللبنانية كافة».
أضاف: «رغم هذه الخطوات العملية، ما زلنا نلاحظ أعمالاً عدّة من الممكن أن تُشكّل تجاوزات إجتماعية، عملية أو قانونية تنتهك حقوق هذه الفئات وتحدّ من قدراتها على الدفاع عن نفسها، أو تضع عوائق في سبيل تقدّمهم المهني، أو تمكينهم من الشعور بأنّهم غير مختلفين عن الأشخاص الآخرين في مجتمعهم الواحد» ودعا الى «إيجاد عمل مشترك بين الأفرقاء المعنيين يحرص على مراقبة الإشارات التي تدلّ على تخطّي القوانين الموضوعة وتحفظ حقوق المتعايشين والفئات المهمّشة الأخرى، وتوثيقها لاستعمالها كأدوات في سعينا نحو تطبيق القوانين بشكل أفضل».

«عيش بإيجابية»
وتحدّثت باسم جمعية «عيش بإيجابية» الأمينة العامة ريتا وهّاب مشددة على أنّ «جميع البشر تحدّثوا عن حقوق الإنسان من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، ليس فقط كحقّ لهم، ولكن أيضاً لعلمهم الكامل بأنّه من مسؤولية كلّ منا احترام حقوق الآخرين». واستشهدت بكلام لسقراط يقول فيه: «ليس من الضروري أن يكون كلامي مقبولاً بل من الضروري أن يكون صادقاً”، مستعرضة لبعض القصص عن متعايشين مع المرض عانوا كثيراً وفقدوا وظائفهم بسبب التمييز. وطرحت سؤالاً أساسياً ومستمراً وملحّاً في حياة كلّ منا: “شو عم تعمل لغيرك»؟

باميلا الكك: المحبّة بإمكانها أن تُعالج أي مريض بفعالية توازي العلاجات
باميلا الكك، الممثلة التي لعبت في مسلسل «سمرا» دور ريم، الفتاة الغجرية المصابة بالسيدا قالت: «عانيت قبل لعب دور ريم، من كلام الناس الذين فوجئوا لموافقتي على لعب هذا الدور، وكيف تجرّأنا على طرح هذا الموضوع الذي لا يزال يُعتبر «تابو» رغم أنّنا أصبحنا في العام 2016  وقد لمست أنّنا نفتقد في لبنان للإنسانية بشتّى الأمور والوجوه». وشدّدت على «أهمية المحبّة كمكوّن أساسي للإنسانية والتي بإمكانها أن تُعالج أي مريض بفعالية توازي العلاجات، كما يمكن أن تكون حلّاً لكلّ الأزمات والقضايا العربية الكبيرة التي تتخبّط بها دول المنطقة».
نشير الى أن الممثل وسام حنا يؤدّي دور وائل الغجري في مسلسل «سمرا» المصاب بمرض السيدا.
في الختام، عرضت منسقّة البرنامج لما حمّاد للأنشطة التي سيقوم بها البرنامج في العام 2016 وأبرزها: بناء إئتلاف مع منظمات المجتمع المدني المعنية من ضمنها أعضاء «لانا»، جمع الأدلة وإصدار تقارير عن الانتهاكات لحقوق المتعايش والتي ستُستخدم خلال المناصرة، إستقطاب حلفاء داعمين للقضية من خلال سلسلة إجتماعات مع الجهات المعنية، حثّ الرأي العام من خلال إجراء حملات إعلامية على الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة فضلاً عن وسائل التواصل الاجتماعي، وعقد إجتماعات مناصرة مع المعنيين من أصحاب القرار والمؤثّرين من برلمانيين وحقوقيين ورجال دين ومسؤولين من الوزارات المعنية.

نوال نصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق