متفرقات

سلطنة عمان: دور مهم للأفلاج في السياحة البيئية والتراثية

تعد الأفلاج في سلطنة عمان من أهم الموارد المائية المتجددة والتي يعود تاريخها إلى قرون عديدة، وكونها تشكل نظام الري الفريد من نوعه والذي لا يزال متبعاً في مختلف محافظات وولايات السلطنة، ويؤكد بعض المؤرخين أن النبي سليمان عليه السلام هو أول من أنشأ الأفلاج، على الرغم من اختلاف المؤرخين حول التاريخ الحقيقي لنشأة الأفلاج في السلطنة لعدم وجود وثائق تاريخية مؤكدة تثبت ذلك، وقد أدرجت خمسة أفلاج عمانية ضمن لائحة التراث العالمي لما تشكله من موروث حضاري أبدعه العمانيون منذ ما يزيد عن ألفي عام كأقدم هندسة ري لا يزال قائماً حتى هذا اليوم، فيعد فلج دارس بولاية نزوى في محافظة الداخلية من أكبر الأفلاج، كذلك فلج الخطمين في نيابة بركة الموز بمحافظة الداخلية الذي يتميز بغزارة تدفقه أثناء هطول الأمطار ويبلغ طوله الكلي حوالي 2450 متراً، ويعد فلج الملكي في ولاية أزكي بمحافظة الداخلية من أقدم الأفلاج الموجودة بالسلطنة، وهناك فلج الميسر بولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة يتميز بعمق مجراه وكثرة سواعده (فروعه)، وفلج الجيلة في ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية، يعتبر المصدر المائي الرئيسي لبلدة الجيلة ويبلغ طول قنواته 161 متراً.


وقد سعت السلطنة إلى الاهتمام بنظام الأفلاج كأحد المعالم التاريخية والحضارية، فأصبحت وجهة سياحية يقصدها الزائرون من مختلف دول العالم، لما تشكله من نظام مائي فريد لا يزال قائماً بالرغم من تعدد وسائل تصريف المياه والاستفادة منها، وفي هذا الصدد يتحدث بدر بن سعيد بن محمد الذهلي المحاضر في إدارة السياحة الدولية بكلية عمان للسياحة عن أهمية الأفلاج في صناعة السياحة بالسلطنة، لما تشكله من دور في تنمية  سياحة التراث والبيئة، باعتبار أن القطاع السياحي أحد أهم مصادر التنويع الاقتصادي وأداة للتنمية المستدامة، فقال: إن سياحة التراث والبيئة تشكل أكثر من 15% من حركة السياحة في العالم، وهو نمط حديث في تنمية المقاصد السياحية، وتعمل على استدامة التنمية في المجتمعات المحلية، وتفعيل دور الأنشطة المتوفرة في المقصد السياحي، كما تساعد في الحفاظ على الموروث التاريخي والبيئي، والتشجيع على البحث العلمي ودراسة المواقع، كما أن للأفلاج دوراً مهماً في خريطة البرامج السياحية، فتعد أحد مصادر تنويع المنتج السياحي في السلطنة، ووسيلة لعرض البعد التاريخي والتوظيف البيئي في حياة الإنسان العماني، وتحقيق سياسة التنمية السياحية المستدامة، وأداة فعالة لرسم نمط سياحي جديد في مجال السرد التاريخي المادي وغير المادي (السياحة السوداء)، كذلك التسويق للسلطنة كوجهة مثالية للسياحة البيئية والتراثية.

تنمية الأفلاج سياحياً
كما أكد بدر الذهلي محاضر في إدارة السياحة بكلية عمان للسياحة على أهمية تنمية الأفلاج وتطويرها سياحياً، وذلك من خلال اتباع خطوات ملموسة بما في ذلك حصر الأفلاج وتأهيلها سياحياً، وتقديم نمط تنموي يتناسب واحتياجات سياح التراث والبيئة، وتأهيل المرافق المحيطة بالأفلاج لتتناسب مع رغبات السياح، والتنسيق مع جهات الاختصاص في آلية تنمية الأفلاج، ووضع برامج تنمية سياحية مستدامة للأفلاج من خلال الدراسات والبحوث، وبث الوعي في المجتمع المحلي بأهمية تطوير الأفلاج سياحياً، مشيراً إلى إيجابيات التنمية السياحية للأفلاج باعتبارها أداة للحافظ على الموروث التاريخي والطبيعي للأفلاج، وتساعد على التسويق السياحي للسلطنة، وتعد مصدر دخل جيداً للمجتمع المحلي من خلال توفير خدمات مختلفة، كذلك تعمل على جذب الاستثمارات والانتعاش الاقتصادي، مع أهمية نشر الوعي في المجتمع المحلي بأهمية الأفلاج كمورد مائي يجب الاهتمام به والمحافظة عليه.

تحديات التنمية السياحية
مع أهمية الأفلاج في تنمية القطاع السياحي إلا أن هناك سلوكيات بشرية تؤدي إلى نتائج سلبية بمكانة هذه الأفلاج، وتؤدي بالتالي إلى إلحاق الضرر بمواقعها ومصادرها وممراتها المائية، وفي هذا الجانب تحدث بدر الذهلي قائلاً: مما لا شك فيه فإن الاهتمام بالمرافق والخدمات كمصدر جذب سياحي يستدعي معها تحمل المسؤولية في المحافظة عليها من العبث والتخريب، ومن ذلك الأفلاج التي تعتبر موروثاً تاريخياً ومعلماً حضارياً تستفيد منه الأجيال المتعاقبة، وللأسف الشديد بدت هناك ظواهر سلبية يستدعي الوقوف معها والعمل على تلافيها قبل أن تؤدي إلى إلحاق الضرر بأهم مصدر مائي في السلطنة، بما في ذلك رمي المخلفات وتلويث مياه الأفلاج، وبالتالي تعمل على استنزاف الموارد المتاحة بشكل مباشر أو غير مباشر، والتأثير على الجانب الثقافي والاجتماعي، والأضرار بالبعد البيئي والتاريخي للأفلاج، مع عدم وجود تقنية حديثة للحفاظ على الأفلاج، ومصادر التمويل لتنمية مشروعات الأفلاج، وفي السياق ذاته أشار الذهلي إلى عدد من التوصيات التي تعمل على الحفاظ على الأفلاج وهي إنشاء متحف سياحي يظهر أهمية الأفلاج في السلطنة، وحث جهات الاختصاص عند الشروع في تطوير الأفلاج على التنمية المستدامة، وتقديم خدمات ومرافق سياحية تتناسب مع احتياجات السياح، وسن قوانين وأنظمة تحافظ على خصوصية الأفلاج، وتوعية المجتمع المحلي بأهمية الأفلاج تاريخياً وحضارياً وسياحياً، وإعداد مرجع سياحي متكامل عن الأفلاج في السلطنة بشكل عام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق