سياسة لبنانية

«خطورة الوضع» في مخيم عين الحلوة

عاد مخيم عين الحلوة مجدداً الى الواجهة، لا سيما بعد محاولة اغتيال القيادي في حركة فتح عبد سلطان قبل أيام وسط أجواء من الصراع الخفي يدور بين مختلف القوى الفلسطينية، وخصوصاً بين «فتح» والمجموعات الإرهابية التي تقيم في عدد من أحياء هذه المخيمات (خصوصاً عين الحلوة) مربعات أمنية مقفلة. وفيما يتابع الجيش تعزيزات إجراءات الحماية المطلوبة لمنع تسرب أي خروق أمنية سواء على الحدود أو في الداخل، وعينه على مخيمات النازحين السوريين لمنع استخدامها بيئة حاضنة لأي جماعات إرهابية تكفيرية، فإن عينه الأخرى شاخصة بقلق الى مخيم عين الحلوة كي لا يتحول الى مخيم نهر بارد جديد. وفي هذا السياق، يحذر مرجع أمني لبناني من أن الإرهاب التكفيري يتمدد في المخيم على حساب القوى الممثلة للسلطة الفلسطينية التي لم تعد تمتلك مقوّمات بشرية شابة وفاعلة وإنما أصابها الترهل ودخلت شبه شيخوخة.
ويتحدث المصدر بصراحة عن خطورة الأوضاع في هذا المخيم مشدداً على نقطتين:
* مخاطر تحول المخيم الى بؤرة للإرهاب مقابل انكفاء فصائل منظمة التحرير وعلى رأسها «فتح». وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن ذلك سيؤدي حكماً الى انهيار الوضع الأمني برمته وخروج المخيم كليا عن دائرة السيطرة الأمنية.
* في حال تمدد المجموعات الإرهابية، فإن فائض القوة لديها لن يقتصر استخدامه في داخل المخيم إنما ضد الجيش والمحيط المتنوّع طائفياً ومذهبياً.
أوساط فلسطينية متابعة في المخيم تأخذ على القوة الأمنية الفلسطينية تقييدها بخطوط حمر وضعتها المجموعات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية، تمنعها من حسم الإشكالات الأمنية التي تسجل معها، لا سيما وأن القوة الأمنية تعمل وفق خطة يحكمها التوافق الفلسطيني العام وعدم الذهاب بعيداً في المعالجة الأمنية الى حد استئصال هذه المجموعات، وهو ما جرى خلال اشتباكات وإشكالات سجلت في أعقاب تشكيل القوة الأمنية الفلسطينية التي تشرف عليها لجنة أمنية عليا ممثلة من حركة «فتح» والفصائل الأخرى، إضافة الى «عصبة الأنصار الإسلامية» والحركة الإسلامية المجاهدة، فيما التنظيمات الإسلامية الأخرى، ومنها ما يطلق عليه إسم «الشباب المسلم» وهي تسمية ظهرت بعد دمج مسلحي «جند الشام» و«فتح الإسلام» فيه، وهما تنظيمان يضمان رموزاً متورطة بعمليات إرهابية، وضع القضاء اللبناني يده عليها، فإن هذه القوى تتعامل مع بقية الفصائل من باب الندية، وهي لا تتورع عن خوض أي اشكال أو اشتباك مع حركة «فتح»، لمعرفة بالظروف التي تحكم عمل الحركة التي تبتعد في كل مرة عن خوض معركة عسكرية حاسمة مع هذه المجموعات.
وتقول الأوساط إن الحصار المالي المفروض من دول الخليج على السلطة الفلسطينية في رام الله ومؤسساتها، وخصوصاً منظمة التحرير الفلسطينية، وانعكاس ذلك على تمويل حركة «فتح» في دول الشتات، ومنها لبنان، أسهم بدرجة كبيرة في إضعاف قدرات وإمكانيات الحركة التي تمارس تقنيناً مالياً قاسياً، في ضوء نفور من جمهور الشباب من الالتحاق بالفصائل الفلسطينية، بفعل حالة اليأس الاجتماعي والمعيشي.
مصادر لبنانية متابعة للملف الفلسطيني أكدت أن «ما تشهده المخيمات ليس وليد صدفة إنما يندرج في إطار مخطط مرسوم هدفه جر النار السورية الى لبنان لإحداث فتنة تطاول محيط المخيمات»، مشيرة إلى أن «محاولة اغتيال القيادي الفتحاوي عبد سلطان في مخيم المية ومية والاشتباكات التي أعقبتها في مخيم عين الحلوة إنما هدفها ربط المخيمين بعضهما ببعض وإغراقهما في برك من الدماء خدمة لأجندات خارجية تودي بهما وتشرد الشعب الفلسطيني منهما وتحولهما الى نهر بارد جديد ويرموك آخر».
وكشفت المصادر أن «التعاون والتنسيق بين القوة الأمنية الفلسطينية وحركة «فتح» والأمن الفلسطيني والجيش اللبناني أفشلا مجدداً هذا السيناريو الذي كان مرسوماً في شهر رمضان على أن تتخلله تصفيات واغتيالات متبادلة بين «فتح» والتكفيريين، مهدت لها شائعات غزت المخيمين عن دخول غرباء إليهما من «جبهة النصرة» و«داعش» والتنسيق مع جماعات «جند الشام» و«فتح الاسلام» بإمرة بلال بدر وأسامة الشهابي لاطاحة أولاً مخيم عين الحلوة وجعله مركزاً تكفيرياً، ومن ثم انتقال المخطط الى مخيم المية ومية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق