افتتاحية

لا تعطوا اوراقاً اضافية رابحة لـ «داعش»

يقف لبنان اليوم وحيداً بجيشه البطل عند الحدود في مواجهة القوى التكفيرية التي تحاول التمدد باتجاه الاراضي اللبنانية لتستكمل بناء دولتها. وكان من الممكن ان تكون المعركة اقل شدة ودموية، لو ان لبنان نشر جيشه على طول الحدود في خطوة استباقية مستعيناً بالقوات الدولية العاملة على ارضه بموجب القرار 1701. الا ان معارضة فريق من اللبنانيين حال دون ذلك، فبقى الجيش وحده في المعركة.
لماذا هذا الرفض لاقفال الحدود؟ لن ندخل في التفاصيل. فاللبنانيون جميعهم يدركون السبب، وليتحمل كل طرف مسؤوليته امام التاريخ.
ماذا فعل العالم، وماذا فعلت الدول العربية، وماذا فعل مجلس الامن لدعم لبنان، وهو يدافع وحده ضد الارهاب؟
عندما اجتاح تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الموصل في العراق وقتل وشرد عشرات الالاف، وقف مجلس الامن الذي لم يعد يحمل من مهامه الامنية سوى الاسم، ووقف معه الغرب متفرجين على ما يجري، مكتفين بالقاء البيانات الطنانة الرنانة، دون ان يحركوا ساكناً ويقوموا بعمل فعلي وحسي يوقف المجزرة، فتهجر عشرات الالوف من المسيحيين والايزيديين. ولكن عندما ادركوا ان الخطر بدأ يدق ابوابهم، خصوصاً بعد ذبح الصحفيين الاميركيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف تداعوا بسرعة وشكلوا ائتلافاً دولياً لمحاربة داعش والقضاء عليه. كل ذلك كان من الممكن ان يتبدل لو ان مجلس الامن لعب الدور الذي انشىء من اجله فتحرك بسرعة، وواجه التنظيم التكفيري بمواقف وتدابير عملية وقضى عليه وابعد خطره عن المنطقة وعن العالم كله. غير ان الدول التي منحت نفسها حق النقض (الفيتو) عطلت دوره وجعلته بلا اي فائدة منذ سنوات طويلة وبات من الافضل الاستغناء عنه او اعادة تكوينه على اسس جديدة تجعل منه مجلساً فعالاً قادراً على حسم الامور اينما كانت.
المهم ان الدول الغربية اي دول اوروبا واميركا، شكلت ائتلافاً لمواجهة الخطر. فماذا فعلت الدول العربية لمساندة لبنان الذي يدافع عن نفسه وعنها في وجه هذا الخطر الداهم؟
وحدها المملكة العربية السعودية ادركت خطورة الوضع الذي يواجهه الجيش اللبناني فخصصت له ثلاثة مليارات دولار اميركي لتسليحه، ثم عادت واتبعتها بمليار رابع ينفق فوراً لتسليح القوى اللبنانية. وهي بهذا العمل النبيل استحقت شكر اللبنانيين جميعاً. اما بقية الدول العربية القادرة، فبقيت صامتة معتقدة ان الخطر بعيد عنها ولن يدق ابوابها، ونحن نتمنى لها ذلك، ولكن الارهاب يمتد ويتمدد كالنار في الهشيم ليصل الى كل مكان، اذا لم تتم مواجهته بالسرعة اللازمة. فهل تعي هذه الدول اهمية دعم الجيش اللبناني بالسلاح الحديث والفعال لانه بمواجهته التكفيريين يرد الخطر عن لبنان وعن غيره؟ فلتسارع اذاً الى تسليح هذا الجيش البطل قبل فوات الاوان.
على كل يبقى السلاح الافعل والامضى في معركتنا ضد الارهاب هو تضامننا والتفافنا حول الجيش والقوى الامنية، واطلاق يدهما، بعيداً عن اي مزايدات سياسية او طائفية، وعندها فقط يتأمن الامن والسلام.
لن نتكل على الخارج لمساعدتنا لانه لم ولن يفعل. فمثلاً فرنسا التي يتغنى المسؤولون فيها ليلاً نهاراً بحبهم للبنان ودعمهم له، ماذا فعلوا غير اطلاق البيانات والشعارات؟ وهل صحيح انهم هم من يؤخرون اليوم تنفيذ هبة الثلاثة مليارات دولار التي منحتها السعودية للجيش، عبر تفاصيل الهدف منها عرقلة التنفيذ وحجب السلاح عن الجيش اللبناني؟ نأمل الا يكون ذلك صحيحاً، وان يكون الروتين الاداري وحده وراء هذا التأخير.
وحدها اسرائيل مستاءة من تسليح الجيش اللبناني، وهي التي كانت على الدوام تقف بشراسة ضد تسليح هذا الجيش لعلمها انه جيش مقاتل يشكل خطراً عليها اكثر من جيوش كثيرة في هذا العالم العربي.
وختاماً لا بد من كلمة نقولها الى المتظاهرين والى الذين يتوزعون في كل المناطق اللبنانية فيقطعون طرقاتها، أفلا يدرون انهم بعملهم هذا لا يساعدون العسكريين المخطوفين، بل يوفرون اوراقاً اضافية رابحة بايدي الخاطفين واعداء لبنان لاستخدامها في مفاوضاتهم. أفليس من الواجب الوطني اخذ هذا الامر بعين الاعتبار؟
نسأل الله ان يمد جشينا الباسل بالقوة والعزيمة وان ينصره على اعدائه ويفرج كربة العسكريين الاسرى انه سميع مجيب.

«الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق