سياسة لبنانيةلبنانيات

الرسوم والضرائب تدق الباب بقوة… والحكومة «هات وما تاخد شي»

بعد ايام تنجز الحكومة درس ومناقشة الموازنة العامة لتقرها في صيغتها النهائية وترفعها الى مجلس النواب. وعلى مدى اسابيع يطل المسؤولون في هذه الحكومة ليبشروا بأن الموازنة لن تتضمن ضرائب جديدة. وصدق المواطنون على سذاجتهم هذه الاقاويل، رغم كل التجارب مع هذه المنظومة، واذا بالايام تمر ليتبين بان الضرائب والرسوم تغطي الصفحات الالف والثلاثمئة كلها، ولا نعلم ان كان ذلك من اجل مصلحة البلد والناس، ام من اجل تدميرهم نهائياً، وخدمة للمنظومة ومصالحها وصفقاتها.
نبدأ بتعداد بعض الرسوم التي ستطرأ، وبالطبع لن نستطيع ان نحصيها كلها لكثرتها، ولكننا نكتفي بذكر بعضها. ولأن الكهرباء هي الشغل الشاغل للمواطنين وتحتل الاولية في شروط الدول المانحة لمد يد العون الى لبنان، فالبداية معها. الرسوم سترتفع لكي تصبح الفاتورة بالملايين. والمنظومة تعتقد ان كل الناس قادرون على تلبية طلباتها. ويعلل المسؤولون الامر فيبشرون بان الفاتورة ستكون اقل من فاتورة المولد. وقد غاب عن بالهم ان العديد من المواطنين يعيشون في العتمة لعجزهم عن تسديد فاتورة المولد.
ان هذه الارقام كان يمكن ان تمر بضجة اقل، لو ان الحكومة امنت الكهرباء. فمنذ اشهر طويلة وهم يتحدثون عن مشاريع لاستجرار الكهرباء من الاردن والغاز من مصر، وملأت تصاريحهم الصحف والشاشات واعتقد الناس ان المعاناة انتهت، فاذا بهم يقولون ان ساعات التغذية بالتيار ستزداد ساعتين. فتصوروا كيف يستخفون بعقول المواطنين. ورد خبر في وسائل الاعلام يقول ان احدى الدول خصصت تسعة مليارات دولار لبناء مفاعلات نووية لانتاج الكهرباء. ونحن انفقنا ما يزيد عن الاربعين ملياراً لنصل الى العتمة الشاملة، بفضل الصفقات المشبوهة. ولن نزيد على ذلك.
هناك زيادة على رسوم الاتصالات. وكأن الحكومة تريد ان تخنق الناس وتمنعهم من الكلام ومن العمل. ونحن نسألها هل ان الانترنت مؤمن، ام انه ينقطع عشرات المرات في اليوم، ولساعات طويلة، فتتوقف الاعمال؟ ومرة يبررون هذا الانقطاع بفقدان مادة المازوت، ومرة بسبب العاصفة، وغير ذلك من الحجج المرفوضة. فكيف يريدون ان تعود الشركات والمستثمرون الى لبنان والبلد بلا كهرباء ولا انترنت ولا اتصالات. منذ عامين رفعت الحكومة انذاك رسم «الوتساب» سنتات معدودة، فاشتعل ما سمي ثورة 17 تشرين، واليوم تعود الحكومة برسوم اكبر ولا من يتحرك.
ويكثر الحديث عن رفع قيمة الدولار الجمركي، الذي سينعكس على كل السلع فترتفع معه اسعارها بنسب خيالية، الحكومة ماضية فيه وغير عابئة بما سيحل بالناس. هي تقول ان الارتفاع سيصيب اسعار السلع المستوردة، متجاهلة ان معظم ما يحتاج اليه المواطن هو مستورد. يضاف الى ذلك ان التجار والمحتكرين والسوبرماركت وغيرهم، سيعتبرون كل السلع مستوردة وسيرفعون اسعارها دون تمييز، وهم متأكدون من ان احداً لن يحاسبهم، تماماً كما يحصل حالياً. سعر الدولار ينخفض بقوة والاسعار على حالها، ومحاربة الجشع تتم بالتصريحات والظهور على الشاشات، واما النتيجة فصفر.
هل تعتقد المنظومة ان احداً من الصناديق المانحة او حتى الدول ستمد اليد لها، وهي لا تترك مناسبة الا وتتحدث فيها عن فساد هذه المنظومة وتطالبها بالاصلاح، ولكن لا حياة لمن تنادي. حتى الفاتيكان والاتحاد الاوروبي والدول العربية وخصوصاً الدول الخليجية رفضت المساعدة قبل ان تتحرك المنظومة وتحقق كل ما هو مطلوب منها.
في كل دول العالم هناك رسوم وضرائب ولكن الحكومات مقابل ذلك تقدم الكثير من العطاءات التي تخفف العبء عن كاهل المواطن. فتؤمن له الكهرباء والاتصالات والتعليم المجاني والاستشفاء والنقل وغيرها وغيرها. اما عندنا فالحكومة هي حكومة «هات وما تاخد شي». اشهر طويلة مرت على الحديث عن البطاقة التمويلية، ومع ان قيمة عطائها لا تشتري خبزاً للعائلات الفقيرة، فالحكومة عاجزة عن اطلاقها. وتكتفي بالحديث عنها.
مرة جديدة نقول الحق كل الحق على المواطنين فليبقوا نائمين الى ان يقضى عليهم. عندما تغيب المحاسبة تعم الفوضى فمتى ستتحركون؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق