أبرز الأخبارسياسة عربية

اليمن قبل التقسيم: لقاء حوثي – اخواني لتقاسم النفوذ، وتظاهرات جنوبية للانفصال

تطورات مثيرة، شهدتها الازمة اليمنية خلال الايام الاخيرة، تصب ضمن بعض القراءات التي تؤشر على سير البلاد نحو التقسيم. وعلى احتمالية قيام فرز طائفي يتم ترسيمه على الارض، بدعم من قبل بعض الدول الغربية. وبمتابعة اسرائيلية، موضوعها ان التقسيم الطائفي لبعض الدول يضفي قدراً من «القبول» لفكرة يهودية الدولة التي تحولت رسمياً من مشروع صهيوني الى قرار حكومي تسعى حكومة نتانياهو وبعض القوى البرلمانية الى تنفيذه على الارض.

المشروع الصهيوني يقوم على فكرة تسهيل ودعم اقامة دول طائفية في المنطقة العربية، بدءاً من العراق وسوريا، وانتهاء باليمن. ما يمهد لقبول قيام دولة يهودية بالكامل.
المشروع باكمله يمكن بحثه تفصيلياً في موقع آخر، غير ان الموضوع اليمني الذي قد يكون يشكل جزءاً من الخطة «الكارثية» التي بدات معالمها ترتسم على الارض. فقد نجحت الضغوطات التي مورست على جماعة الاخوان المسلمين في اليمن، والتي تندرج ضمن مسمى «حزب التجمع اليمني للاصلاح»، في دفع الاخيرة الى التفكير باسلوب مختلف. ساعد في ذلك «شهوة السلطة» التي تبدو واضحة على بعض التيارات، وخوف بعضها من ان يصار الى اكتمال جميع عمليات «الطبخ» السياسي في المنطقة بمعزل عن المشروع الاخواني.
وهناك من يقرأ الملف من زاوية «سنية»، حيث يرى ان الشيعة باتوا هم اصحاب الحظوة والدعم من قبل الولايات المتحدة، ما دفع قيادات الاخوان «السنية» الى التفكير باسلوب مختلف. وبحيث تشارك في كل ما يجري وصولاً الى الحصول على حصة او دور يبقيها داخل اللعبة.

لقاء الاضداد
من هنا يمكن قراءة التطورات الاخيرة، التي دفعت باتجاه «لقاء الاضداد» على طاولة المصلحة. حيث عقد التياران السني والشيعي الناشطان على الارض اليمنية، اجتماعاً بحثا خلاله مسألة تقاسم النفوذ. وفي هذا السياق، يمكن ادراك صعوبة ما حدث، من جهة، وعمق الاطار المصلحي الذي دفع بالخصمين الى اللقاء. بما في ذلك بعض التفصيلات التي تتحدث عن خصومة سابقة وثارات بين زعامات تيار الاصلاح، من آل الاحمر، الذين قام الحوثيون بطردهم من منازلهم. واحتلال ارضهم. ومن ثم اضطرار هؤلاء الى القبول بالذهاب الى مدينة صعدة «معقل التيار الحوثي» من اجل مقابلة زعيم حركة انصار الله الحوثية التي تعد الذراع العسكري للحركة الحوثية.
فقد اعلن التجمع اليمني للاصلاح السني، وحركة انصار الله الحوثية الشيعية،انهما عقدا لقاء غير مسبوق، وقالوا ان الهدف منه هو «خفض التوتر في اليمن» الذي يعاني من حالة فوضى. وفي السياق، اعلن الحوثيون ان وفداً من التجمع اليمني للاصلاح التقى بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي زعيم انصار الله، وتباحث معه في سبل «طي صفحة الماضي والتوجه نحو بناء الثقة».
وجاء في بيان نشره التجمع الوطني للاصلاح على موقعه الالكتروني ان الجانبين عبرا عن رغبتهما في التعاون في بناء الدولة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة.
وان الجميع ابدوا رغبتهم في التعاون والتعايش «عملاً بمبادىء الإسلام الحنيف التي تدعو إلى الأخوة والمحبة والسلام واستشعاراً للمسؤولية الوطنية والأخلاقية والمخاطر المحدقة التي تحوط باليمن».

اتفاق على استمرار التواصل
وفي النتائج، اكد البيان انه «تم الاتفاق بين الجانبين على استمرار التواصل لإنهاء جميع أسباب التوتر ومعالجة التداعيات التي حدثت خلال الفترة الماضية».
وبالتوازي، كشف مسؤول في «الاصلاح» ان حزبه وانصار الله يتفاوضان بشأن مشروع اتفاق قال مصدر قريب من المفاوضين انه سيزيل خطر نزاع مذهبي في اليمن.
وبالتزامن، تظاهر عشرات الالاف من انصار الحراك الجنوبي في مدينة عدن لاحياء الذكرى 47 لاستقلال جنوب اليمن عن بريطانيا والمطالبة بالانفصال عن الشمال، فيما شهدت المدينة شللاً شبه تام.
وتوافد المشاركون منذ الصباح الباكر الى ساحة العروض حيث مخيم الاعتصام الذي بدأه انصار الحراك الجنوبي في 14 تشرين الاول (أكتوبر) الماضي للمطالبة بـ «فك الارتباط» والعودة الى دولة جنوب اليمن التي كانت مستقلة حتى العام 1990.
ورفع المتظاهرون اعلام الدولة السابقة وشعارات مناوئة للوحدة ولافتات كتب عليها «الجنوب العربي وطن وهوية» و«لن نتراجع، لن نهدأ حتى تحقيق النصر المتمثل بالتحرير والاستقلال» و«لا للإقصاء، نعم للشراكة الوطنية»، و«جنوب جديد يتسع لجميع أبنائه».
من جانبه اعلن رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي حسن باعوم في بيان، رفض من اسماه «شعب الجنوب» للمشاريع والمبادرات التي تنتقص من حقه المشروع في «حريته وسيادته الوطنية والاستقلال بدولته».
وطالب باعوم المجتمع الدولي والإقليمي بـ «النصرة والمؤازرة» وفقاً للأعراف والمواثيق الدولية والحقوق المشروعة لشعب الجنوب.
وشهدت احياء وشوارع مدينة عدن شللاً شبه تام للحركة التجارية منذ الصباح وحتى مساء الاحد نتيجة المخاوف من اندلاع صدامات بين السلطات والمتظاهرين من انصار الحراك الجنوبي.

دعوة الحوثيين الى الشراكة
في الاثناء، دعا وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي جماعة الحوثي إلى تسليم جميع المؤسسات والالتزام باتفاقية السلم والشراكة التي وقعوا عليها.
وقال اللواء الصبيحي «إن اتفاق السلم والشراكة يعطي جماعة الحوثي حقاً ويفرض عليهم واجبا أيضاً. واكد ان واجبهم تسليم كل مؤسسات الدولة للحكومة والمسؤولين القائمين عليها».
وشدد وزير الدفاع اليمني على أن العاصمة صنعاء تعرضت لهزة قوية بعد دخول الحوثيين إليها في ايلول (سبتمبر) الماضي. وأضاف الصبيحي أن العاصمة تعرضت لهزة أمنية ونوع من الإساءة لأول مرة تحدث في تاريخها وذلك بسبب عدم الدفاع عن الشرف العسكري، بحسب قوله.
حديث الصبيحي جاء في كلمة له لدى زيارته لمحور عتق بمحافظة شبوة جنوب البلاد برفقة عدد من القيادات العسكرية والأمنية الكبيرة، وقال الصبيحي «للأسف وجدنا بعض المعسكرات عليها حراسات من ميليشيات أنصار الله وجدنا الكثير من الوزارات لا يستطيع أحد أن يديرها بسبب وجود ميليشيات الحوثيين». وأردف «يحز في النفس أن أرى طاقماً عسكرياً تفتشه لجان شعبية». مؤكداً ان «هذا لم يحصل في كل جيوش العالم».
وفي سياق متصل أكد المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر على ضرورة سحب مسلحي جماعة الحوثي من شوارع العاصمة ومحيطها وأيضاً المحافظات التي سيطرت عليها مؤخراً.
وقال بن عمر لوسائل الإعلام عقب لقاء له مع قيادات أمنية وعسكرية بصنعاء: اتفاق السلم والشراكة نص على أنه فور تشكيل حكومة جديدة «تزال المخيمات التي أقيمت حول العاصمة صنعاء وكذلك المخيمات داخلها ونقاط التفتيش غير التابعة للدولة في صنعاء ومحيطها». كما تم التركيز في الملحق الأمني على تأكيد كل الأطراف ضرورة بسط سيادة الدولة واستعادة سيطرتها على أراضيها كافة.

 انفجار عنيف
إلى ذلك، هز انفجار عنيف في موقع عسكري تابع للميليشيات الحوثية مساء الأربعاء، شرق مدينة رداع بمحافظة البيضاء، وسط البلاد. وأوضحت مصادر محلية أن انفجاراً عنيفاً استهدف موقع إمداد عسكري تابع للحوثيين في منطقة آل شربة شرق مدينة رداع. وأشارت المصادر إلى أن الانفجار خلف عدداً من الضحايا، إلا أنها لم تذكر أي إحصائية.
في الاثناء ايضاً، وجهت جماعة انصار الله الحوثية هجومها نحو الجنوب، وباتت تقترب من مدينة عدن، كما ذكر مسؤولون محليون. ودخلت قافلة مؤلفة من 16 آلية تنقل حوالي 200 عنصر مسلح بالرشاشات خلال الليل الى ضاحية مدينة تعز كبرى مدن المحافظة التي تحمل الاسم نفسه حيث انتشروا في منطقة غير بعيدة من المطار والاذاعة المحلية.
واستولى عناصر انصار الله حتى الان على عدد كبير من قرى غرب ووسط اليمن منذ سيطرتهم على صنعاء في 21 ايلول (سبتمبر) لكنهم لم يدخلوا الى مدينة تعز التي يبلغ عدد سكانها 500 الف نسمة وتبعد 250 كلم جنوب غرب العاصمة بموجب اتفاق مع السلطات المحلية.
وقال مصدر قريب من انصار الله لوكالة فرانس برس ان هذا الاتفاق لم يعد قائماً لأن السلطات المحلية لم تف بالتزاماتها باعتقال 14 متطرفاً في محافظة تعز.
وفي وقت سابق من الاسبوع استولى انصار الله على قرية القاعدة في محافظة إب المجاورة والمتاخمة لتعز. وبحسب مصادر متابعة، ساعد انصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح الحوثيين على الوصول الى احدى ضواحي تعز حيث توجد ثكنة للحرس الجمهوري الذي ما زال عدد كبير من ضباطه يؤيدون الابن البكر للرئيس السابق الذي كان قائداً لفريق النخبة هذا. وقد استولى الحوثيون الذين انطلقوا من معقلهم في صعدة شمال اليمن، على محافظة عمران في تموز (يوليو) ثم على صنعاء. ومن صنعاء توجهوا الى مرفأ الحديدة الاستراتيجي على البحر الاحمر الذي يتحكم في الطريق الى مضيق باب المندب على مدخل خليج عدن.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق