رئيسيسياسة عربية

سلام يتجنب حكومة اللون الواحد التي تغطي تورط الحزب في سوريا

مع الانفجار الذي هز عمق الضاحية الجنوبية الاسبوع الفائت، واعتبر رسالة واضحة الى حزب الله من جهات اصولية على خلفية مشاركة مقاتليه في المعارك في سوريا الى جانب النظام، ارتفعت المخاوف لدى المسؤولين من عودة الانفجارات والاغتيالات الى الساحة اللبنانية بسبب «التورط اللبناني» في الحرب داخل سوريا.

عززت المخاوف الامنية معلومات وردت الى عدد من الوزراء والمسؤولين الامنيين تشير الى دخول كمية من المواد المتفجرة الى لبنان، وهي تستخدم لتجهيز  العبوات، كما دخلت لبنان سيارات مفخخة معدة للانفجار وهي مجال رصد من قبل الاجهزة. وقد تعامل المسؤولون بكل جدية مع هذه المعلومات، كما اقدم عدد من البعثات الديبلوماسية في لبنان على مضاعفة تدابير الحماية واتخذ عدد من الديبلوماسيين احتياطات احترازية في تنقلاتهم، وضاعف حزب الله بعد انفجار الضاحية من الاجراءات والاحكام الامني لمناطقه، ووضع يده على اشرطة الكاميرات، وجمع الادلة من مسرح الجريمة الذي لا يزال مقفلاً وخاضعاً للمراقبة ويتولى هو التحقيق في الانفجار، من دون ان يزود اجهزة الدولة بما توافر لديه من معلومات.
يأتي الانفجار الامني في الضاحية في ظل انكشاف الساحة اللبنانية بعد الصراع السياسي والخلاف العمودي بين الاطراف المتناحرة، ورفض اي طرف تقديم اي تنازل والتمسك بمواقفه، بانتظار من يصرخ اولاً في سياسة عض الاصابع التي يعتمدها الافرقاء. فتحاول قوى 8 اذار، لا سيما حزب الله، من خلال تشكيل الحكومة انتزاع ثوابت، منها حصر تسمية وزراء الشيعة بالثنائي الشيعي وترك امر اختيار الحقائب اليه والحصول على الثلث المعطل مباشرة او مواربة، وعلى جعل ثلاثية: الشعب والجيش والمقاومة، لازمة لاي بيان وزاري من خلال الحصول على غطاء شرعي للمقاومة، بعد الحملة التي يتعرض اليها من قبل 14 اذار، ومحاولة منع مشاركته في الحكومة تلبية لرغبة غربية خصوصاً اميركية.

رفض مشاركة الحزب
مقابل هذه المواقف تتمسك قوى 14 اذار بالمعايير التي وضعها الرئيس المكلف تمام سلام وترفض مشاركة الحزب في الحكومة طالما انه يقاتل في سوريا الى جانب النظام، لتجنب مقاطعة عربية للحكومة وللبنان، بعد قرار مجلس التعاون الخليجي، وتناشد قوى 14 اذار سلام بتشكيل حكومة حيادية من دون سياسيين تتولى الاهتمام بشؤون المواطنين، الامر الذي يعارضه النائب وليد جنبلاط ويصر على حكومة سياسية بمشاركة الثنائي الشيعي الذي  يشترط مشاركة عون في الحكومة وفق حجمه. وامام هذه المواقف يقول وزير مطلع ان لا تشكيل للحكومة في الوقت المنظور القريب، وتنتظر الاطراف المتغيرات في المنطقة وايجابياتها على لبنان. ويوضح نائب في قوى 14 اذار ان مبادرة الرئيس نبيه بري لتسهيل تشكيل الحكومة ليست سوى مناورة سرعان ما تم كشف خفاياها، وهي ترمي الى الحصول على الثلث المعطل بشكل واضح من خلال مشاركة عون بشروطه اي خمسة وزراء، ونقل الصراع السياسي من صراع بين السنة والشيعة اي صراع مذهبي، الى صراع طائفي بين السنة والمسيحيين من خلال مواقف وشروط عون، وبالتالي ابعاد الخلاف عن طابعه الفتنوي (الشيعي – السني). فهل سيتمكن سلام من تأمين الثقة لحكومته من خلال اقناع جنبلاط او عون بالسير بحكومة مطعمة لتجنب ابقاء البلاد في حال فراغ؟
ماذا يحدث اذا لم تنل حكومة سلام الثقة؟ يقول وزير سابق ان حكومة سلام لن تستمر عندها كحكومة تصريف اعمال لان هناك حكومة تصريف اعمال حصلت على ثقة المجلس. وبعد فشل حصول سلام على الثقة يدعو الرئيس سليمان الى استشارات نيابية لاختيار الشخصية التي سيوكل اليها تشكيل الحكومة. عندها ومن خلال «اتفاق الاكراه» بين قوى 8 اذار وجنبلاط تتم تسمية ميقاتي من جديد لتشكيل الحكومة، او من يسميه الثنائي الشيعي، وبالطبع لن يكون سلام. ويتولى الرئيس المكلف تشكيل حكومة اللون الواحد شبيهة بحكومة ميقاتي، عندها تكون قوى 14 اذار ومن خلال المطالبة بحكومة «الامرالواقع» قد امنت للحزب وضع اليد من جديد على السلطة التنفيذية، وبالتالي تأمين الغطاء الشرعي لوجوده في سوريا ومشاركته في المعارك واسقاط سياسة النأي بالنفس واعلان بعبدا ونقل لبنان الى المحور الايراني – السوري، ووضعه في حال عداء مع العرب والغرب مما قد يؤدي الى توتر في الداخل والى مضاعفات على كل الاصعدة، لا سيما الاقتصادية.

حكومة تضم الجميع
هل يوقع الرئيس سليمان على حكومة الامر الواقع وبالتالي لاحقاً على حكومة اللون الواحد؟ يجيب احد المطلعين ان الرئيس سليمان يسعى الى تشكيل حكومة تضم الجميع وفق المعايير التي وضعها سلام وليس حكومة الامر الواقع او اللون الواحد التي تبين فشلها. ويرى ضرورة الاتفاق على حكومة حيادية من اختصاصيين خلال هذه الفترة تتولى الانقاذ والتعويض على المواطنين، والاهتمام بالملفات لا سيما ملف النفط ورفع شعار المراقبة والمحاسبة. فالحكومة المستقيلة تصرف الاعمال في الحد الادنى وتجتمع اذا حتمت الضرورة، لكن ان تشكل حكومة تعطي الحزب البراءة على تورطه في سوريا فأمر ترفضه قوى 14 اذار. ان تأخير التشكيل يعود الى تجنب الوقوع في هذا الفخ.
هل ان حركة العماد ميشال عون السياسية وانفتاحه على السعودية عبر سفيرها في لبنان قد تحمله على تموضع جديد في الاصطفاف السياسي يتحول عبره الى بيضة القبان في الحياة السياسية، وبالتالي يلعب الدور الرئيس خلال المرحلة المقبلة الحافلة بالتطورات ويكون له موقعه في الاستحقاقات؟ ام ان الحزب سيحاول الالتفاف على حركة عون لمنعه من الاستقلالية في تموضع سياسي جديد، يخشى ان ينتقل معه من ضفة الى اخرى؟.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق