سياسة لبنانيةلبنانيات

لماذا اسقط مشروع قانون استقلال القضاء ولماذا خطة اصلاح الكهرباء معرضة للفشل؟

نجح مجلس النواب في اسقاط مشروع قانون استقلالية القضاء، وجنب المنظومة السياسية خطر فقدان الهيمنة، فلماذا اسقط هذا القانون. وهو ما هو عليه من اهمية قصوى وبند اصلاحي بامتياز؟
وهذا الاسبوع ايضاً تستعد المنظومة لاسقاط خطة الكهرباء التي يتحدث عنها العالم ويحلم بها اللبنانيون، لان الافادة منها اكبر بكثير مما يتوقع البعض، انهم قادرون على سحبها مما تتخبط فيه من فشل وعجز. فلماذا لا يفعلون ولماذا كل هذه العرقلة، ولماذا هذا التشبث بهذا القطاع وقد حرم اللبنانيين النور ورماهم في العتمة؟
بالنسبة الى مشروع قانون استقلالية القضاء نؤكد انه مستحيل ان يمر كما يرغب فيه القضاء صاحب الشأن. والمشروع الذي اسقط في المجلس النيابي الذي لم يعد يمثل الشعب، بعد ثورة 17 تشرين، لم يكن يعطي الاستقلالية التامة للقضاء، بل انه كان سيبقي المفاصل الاساسية تحت هيمنة القوى السياسية، وهي الاكثر خوفاً من القضاء المستقل، لان سيف المحاسبة سيطاولها. فلو ان القضاء نال استقلاله لاصبح بامكانه ان يفتح ملف الفساد، ويلاحق الفاسدين، ويكشف اعمالهم ويزج بهم في السجون. ولكان بامكانه ايضاً ان يلاحق المال المنهوب من الدولة، فيلاحق الناهبين ويستعيد الاموال العامة، وهي من جيوب المواطنين، ولما كنا عندها بحاجة الى صندوق النقد الدولي، ولا البنك الدولي، ولا الدعم من اي دولة، لان المال المنهوب يكفي لاعادة انهاض الاقتصاد، ووضع البلد على السكة الصحيحة. ان القضاء اذا استقل يصبح قادراً على كشف الجرائم التي شغلت اللبنانيين منذ سنوات وكان اخرها انفجار مرفأ بيروت، ومحاسبة الفاعلين. ان القضاء المستقل يمكنه ان يجري تشكيلات قضائية، لا دخل للسياسيين فيها، فيضع القاضي المناسب في المكان المناسب، فصاحب الدار ادرى الناس بمن فيه. وعندها لا يعود لكل جهة سياسية قاض ينفذ اوامرها. ان فضائل استقلال القضاء كثيرة جداً، فهل تتصورون ان المنظومة ستتخلى عن هذه المكاسب؟ لذلك لا تأملوا بالحصول على هذه النعمة في ظل هذه المنظومة لان القضاء المستقل سيكون اول من يطاولها ويحاسبها.
اما بالنسبة الى الكهرباء، لقد بحت الاصوات منذ سنوات من كثرة ما طالبت بتشكيل هيئة ناظمة تتولى ادارة القطاع، بعيداً عن هيمنة الوزير المختص، وعن الطبقة السياسية كلها، الا ان السياسة تسد طريقها وتمنع تشكيلها، وفي احسن الاحوال تقبل بتشكيل لجنة صورية يختار الوزير المختص افرادها لتبقى تحت سيطرته وامرته. فلماذا كل هذا التشبث بمنع الوصول الى الهيئة الناظمة؟
ان الاسباب كثيرة، واولها ان الهيئة اذا تشكلت بطريقة قانونية صحيحة، من اشخاص يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والحزم، فانها ستوقف الهدر، وتسد الثغرات والمزاريب التي تتسرب منها الاموال فينتظم العمل، وعندها يصبح الامل بالحصول على التيار جدياً. لقد اثبت الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة فشلهم الذريع في عدم تمكنهم من تحقيق مشروع واحد يساعد على تأمين التيار، رغم انفاق اكثر من 45 مليار دولار على هذا القطاع، الذي اصبح مادة للتندر والسخرية. والناس على حق، لانهم يعيشون في العتمة، ومع ذلك يطل وزير الطاقة بخطة تردد ان رئيس الحكومة يرفضها، لانها ستبقي على الثغرات التي ادت الى تدميرها. فهل يبقى رئيس الحكومة على موقفه، اكراماً لمصلحة الشعب، فلا يقبل بخطة تؤمن مصالح السياسيين على حساب الشعب؟ ان اصلاح قطاع الكهرباء موضوع اليوم تحت المراقبة الداخلية والدولية الدقيقة، وهو اول بند اصلاحي تطالب به الدول المانحة، والمؤسسات المالية والدولية، واي محاولة للالتفاف عليه ستكشف وتسد طريق اعادة التيار الى لبنان. فهل تخضع المنظومة للضغوط الهائلة، وتكف عن العمل على مصالحها على حساب مصلحة الشعب، ام انها ستبقى تدير ظهرها للجميع الا لمصالحها الخاصة؟
لكل هذه الاسباب وغيرها الكثير يُعوَّل اليوم على الانتخابات. فان نجحت في التغيير بنسبة معقولة، يصبح الامل كبيراً بالاصلاح، واذا بقي المواطنون متمسكين بالزعماء والتيارات والاحزاب، فلن تستقيم االمور وستبقى على حالها. ايها اللبنانيون طريق الخلاص بايديكم فاسلكوه، والا كفوا عن الشكوى. وايها الوزراء لا تقبلوا ولا توافقوا على خطة للكهرباء تراعي مصلحة السياسيين دون مصلحة الناس والا فان المواطنين والتاريخ سيحاسبانكم. المفتاح اليوم في يد الرئيس نجيب ميقاتي فهل يبقى متشبثاً به لمصلحة الشعب؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق