أبرز الأخباراخبار النجوم

عادت مهرجانات بعلبك وتحقق «حلم عاصي»

«يا قلبي لا تتعب قلبك… بتغيب كثير وبتروح كثير وبترجع ع دراج بعلبك» ورجعت مهرجانات بعلبك الدولية إلى أحضان القلعة الرومانية التاريخية.. إلى أدراجها وأعمدتها ومعابدها بعد سنة من الغياب القسري، وتحقق الحلم – وكاد يكون مستحيلاً – بافتتاح  موسمها هذا الصيف بعمل غنائي للفنان اللبناني عاصي الحلاني «عاصي …الحلم».

اذا تحقق الحلم، وعادت مهرجانات بعلبك الدولية الى مكانها الطبيعي وافتتحت موسمها في المدينة التاريخية، بعدما اقيم المهرجان العام الماضي استثنائياً في ضواحي بيروت لاسباب امنية مرتبطة بالنزاع في سوريا المجاورة.
لم تأبه لجنة مهرجانات بعلبك لكل الاوضاع الامنية والسياسية المتوترة، ولا الى ما يدور حول مدينة بعلبك في السلسلة الشرقية من معارك بين المسلحين المعارضين للنظام السوري من جهة وحزب الله من جهة اخرى، لا بل تحدت كل الظروف وغامرت في اصرارها وتصميمها على تحقيق حلمها  باحياء مهرجاناتها بين هياكل القلعة وزرع الفرح والأمل، فافتتحت لياليها بحلم فنان لبناني هو إبن تلك الأرض… ولم يخذلها جمهور بعلبك، لا بل فاقها حماسة، فمضى من كل لبنان الى المدينة البقاعية  بحشود لافتة نسفت كل التوقعات، مغامرا ومتخطيا كل المخاوف.

اضواء وأمن
وهكذا، أضيئت مدرجات قلعة بعلبك أمام المحتشدين الذين تجاوز عددهم الـ 5 آلاف شخص لحضور إستعراض عاصي الحلاني وسط تدابير امنية مشددة على باب القلعة الاثرية وفي داخلها وانتشار كثيف للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي على طول الطريق المؤدية الى موقع المهرجانات.
أقيمت المهرجانات على مدرجات معبد باخوس وهو أحد المعابد الثلاثة الضخمة التي بناها الرومان لثلاثة من آلهتهم ويعد باخوس من أفضل المعابد الرومانية حفظا في الشرق الاوسط.

جينا يا بعلبك

هناك وبين تلك الهياكل، صدح صوت عاصي الحلاني عبر أكثر من عشرين أغنية من قديمه وجديده قدمها عبر مشواره الفني، مستهلاً إطلالته بأغنية: «جينا يا بعلبك» خص بها مدينة الشمس بعلبك وغناها لأول مرة لهذه المناسبة كتب كلماتها الشاعر نزار فرنسيس ووضع هو ألحانها وتقول: «جينا يا بعلبك شرّعي البوابي/ مدي كفوفك ولضيوفك لاقيها»… وكانت كل الاغاني موزعة ومربوطة بشكل قصة حلم تتوالى وفق الفصول الاربعة.
على مدى أكثر من ساعتين تخللتهما استراحة، ووسط تجاوب وتفاعل لافت من الجمهور الواسع، غنى الحلاني على إيقاع أوركسترا حية يصاحبه عدد من الراقصين المحترفين مفسحا المجال أمام ثلاث مواهب هي ابنته ماريتا، والفنانان غازي الأمير وربيع جابر، وهما اللذان فازا من خلاله بجائزة أفضل الاصوات في «ذا فويس»، ليقدما معه وصلات غنائية ثنائية وجماعية، وضمن توليفة جمعت الغناء باللغتين العربية والانكليزية.
قدم الحلاني اغانيه في قالب ممسرح، واستعان لتقديم لوحاته الفنية بمعاني فصول السنة الأربعة، فابتدأ بفصل الخريف وأوراق شهر أيلول الذهبية، مروراً بفصل الشتاء وبياض ثلجه، وصولاً إلى الربيع وتجدد الحياة، وإنطلاقاً نحو فصل الصيف الذي يرمز للمستقبل.
وظهر الحلاني باللباس المحلي التقليدي وتنوعت أغانيه ما بين التراثية كالميجانا والعتابا، والرومانسية والوطنية، ثم «الكشكول» المتنوع ما بين الهوارة والدلعونا والتحدي. أما أغنية الختام، فكانت أغنيته الشهيرة «لبناني أنا لبناني»، قدمها مع خلفية مسرحية رفرف فيها العلم اللبناني.
وتخلل العرض اثنتان وعشرون لوحة راقصة فولكلورية ومعاصرة، توزعت ما بين تعبيرية وإيمائية، من تصميم فرنسوا رحمة، ولوحات دبكة تراثية لفرقة «المجد» البعلبكية بقيادة مدربها خالد النابوش التي ضمت 25  راقصاً وراقصة، على انغام فرقة من 45 موسيقياً انتشرت تحت المسرح، أما إخراج العمل فهو بتوقيع جو مكرزل.

شعب يهتز ولا يقع

وهذه ليست المرة الأولى التي يطل فيها الحلاني على أدراج بعلبك فقد سبق أن شارك في 2011 بمسرحية «من أيام صلاح الدين» من اخراج الأخوان ماهر وفريد صباغ. كما لعب في عام 2009 بطولة مسرحية «أوبرا الضيعة» إلى جانب فرقة كركلا للرقص.
وأعتبر الحلاني ان إقامة المهرجانات هو تحد كبير لكل ما يجري وللتأكيد على ان المنطقة التي أنجبت أبطالا ممنوع ان يمنعها أحد من ان تفرح.
وقال لرويترز «الحمد لله الوضع مؤمن. بعلبك مثل ما عودتنا هي تستقبل الناس بكل صدر رحب وهذا الشعب اللبناني كما قلت في السابق يهتز ولا يقع».
وأضاف «نحن اللبنانيين مثل قلعة بعلبك صامدون وسنبقى رغم كل المخاطر ورغم كل التحديات ومهما يعملوا انفجارات ومهما يضربوا صواريخ ممكن أن يسقط لنا شهداء لكن من المستحيل ان يتمكنوا من كسر إرادة شعب ومن المستحيل ان يستطيعوا ان يلغوا ثقافة شعب ومستقبل شعب يسعى لكي يكون أفضل في المستقبل».

وايضاً على ادراج بعلبك…
ويستمر المهرجان حتى 31 اب (اغسطس)، ويستضيف في الثالث من الجاري مغنية الاوبرا الرومانية انجيلا جورجيو التي تتميز بصوتها الجامع بين الرقة والقوة بتسلقه الدرجات الموسيقية العالية. لكن عرضها يقام في «كازينو لبنان» شمال بيروت.
وقال مصدر في إدارة المهرجان في وقت سابق لوكالة فرانس برس إن «جورجيو أبدت رغبتها في نقل حفلتها إلى موقع آخر قريب من العاصمة بيروت نظراً إلى ما تتناقله وسائل الإعلام عن الأوضاع الأمنية في المنطقة وهي فضلت هذا الخيار على الغاء حفلتها» دون تغييرات أخرى على البرنامج.
وسيقف على ادراج بعلبك في العاشر من الشهر عينه عازف العود التونسي والمغني ضافر يوسف يرافقه كل من عازف الكلارينيت التركي حسنو سنلنديريتشي وعازف الغيتار النروجي إيفيند آرسيت ضمن امسية ترنيمة «للطيور» وهي ايضاً عنوان ألبوم يوسف الأخير الذي يمزج بين الجاز والموسيقى الصوفية الشرقية.
ومن اجواء الموسيقى الى اجواء استعراضية بهلوانية مع الفرقة الكندية «اصابع اليد السبعة» التي ستقدم «سيكانس 8» وهو عرض للصغار والكبار غني بالالون والحركات البهلوانية والتفاعلية يحمل رسالة لتقبل الآخر.
وكان أفراد هذه الفرقة قدموا عروضا أمام مئات ملايين المشاهدين في افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية التي اقيمت في شباط (فبراير) الفائت في مدينة سوتشي الروسية.
ويختتم المهرجان في 31 اب (اغسطس) بمسرحية فرنسية من بطولة النجمين الفرنسيين جيرار دوبارديو وفاني اردان.

العهد الذهبي
وانطلق مهرجان بعلبك رسمياً في صيف 1956. ومؤسسته زلفا شمعون عقيلة رئيس الجمهورية اللبنانية السابق كميل شمعون وقد استقطب منذ البداية أهم المغنين والراقصين العالميين إضافة إلى أشهر أعمال الأوبرا كأوبرا باريس وميلانو.
واستقبل عمالقة الفن العربي ومنهم أم كلثوم والرحابنة وفيروز ووديع الصافي وصباح وصباح فخري ونصري شمس الدين وفرقة عبد الحليم كركلا للرقص الشعبي. غير ان هذه المهرجانات توقفت خلال الحرب اللبنانية لفترة 22 عاماً لتعود من جديد عام 1997 ولتستمر حتى اليوم.
وقالت نايلة دو فريج رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك الدولية ان كل الاشخاص المعنيين بالامن «شجعونا كثيراً هذه السنة لنكمل ونكون موجودين في بعلبك».
وأشارت إلى إقبال الناس على المهرجان هذا العام رغم الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد وقالت «الليلة مثلاً (الافتتاح) الحفلة ممتلئة ولا يوجد عندنا أي كرسي فارغ… يجب ان نزيل من ذهن اللبنانيين هذا الحاجز (الخوف) الذي لديه لان البلد يريد ان يعيش».

حضروا…

حضر حفل الافتتاح وزير السياحة ميشال فرعون، وزير الثقافة روني عريجي، وزير الدولة نبيل دي فريج، النائب إميل رحمة، النائب مروان فارس، منى الياس الهرواي، الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة، رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك نايلة دي فريج، رئيسة لجنة مهرجانات بيت الدين نورا جنبلاط، محافظ بعلبك- الهرمل بشير خضر، رئيس بلدية بعلبك الدكتور حمد حسن، نقيب الصحافة محمد البعلبكي والفنان عمر كركلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق