الاقتصادمفكرة الأسبوع

مصارف المغرب العربي تنخرط في التمويل الاسلامي

التمويل الاسلامي يتوسع في المغرب العربي ومنه الى افريقيا جنوب الصحراء. وما زالت المحاولات في هذا المجال تتوالى في تونس والمغرب بصورة خاصة بالتعاون مع البنوك الاسلامية.

آخر محاولة للتمويل الاسلامي حصلت في تونس حيث وقع بنك «زيتونة» في تونس مع البنك الاسلامي للتنمية اتفاق شراكة استراتيجية يقضي بانشاء مؤسسة للتمويل الاصغر الاسلامي. وتتجه هذه المؤسسة الى السوق التونسية وهي مكونة من رأسمال مقداره 15 مليون دينار (9،4 ملايين دولار) يملك بنك «زيتونة» 35٪ منها. وسيكون الى جانب البنك شركة التأمين التابعة له (زيتونة تكافل) تملك 15٪، والباقي للبنك الاسلامي للتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية، التابعة للبنك الدولي، والبريد التونسي. ويقول عز الدين خوجة، رئيس بنك زيتونة في لقاء تم في تونس تحت شعار «الاطار القانوني للتمويل الاصغر في تونس» ان اكثر من 1،5 مليون تونسي يطلبون قروضاً صغرى، و40٪ من هؤلاء يسعون وراء التمويل المطابق للشريعة الاسلامية». ويعتبر خوجة ان البنك التونسي كان السباق الى النشر التدريجي لهذا النوع من التمويل في افريقيا جنوب الصحراء تحت رعاية البنك الاسلامي للتنمية. وفي هذا المجال وقع البنك عقود شراكة مع ستة مصارف اسلامية تعمل في هذا الجزء من القارة السوداء.

المغرب على الخط
وثمة بلد مغربي آخر حذا حذو تونس هو المغرب، حيث وقعت «الشركة المغربية المغفلة للصناعة والتكرير» في نهاية اذار (مارس) مع «الشركة الدولية الاسلامية لتمويل التجارة»، العضو في مجموعة البنك الاسلامي للتنمية، عقداً يحدد طرق التمويل لتجديد المعاهدة – الاطار (المرابحة) المتعلقة بتمويل مستوردات الشركة المغربية من البترول الخام. وتبلغ قيمة العقد الاجمالية 240 مليون دولار، بزيادة 33٪ عن عقود العام 2012.
وفي ضوء طابعه القابل للتجديد، فان هذه التسهيلات في التمويل الآجل ستبلغ 720 مليون دولار، وهو ما يلبي طموح الشركة المغربية التي كانت تجد صعوبة في التمويل الذاتي. ويمكن الاشارة هنا الى ان الشركة المغربية (تختصر بكلمة سمير) استفادت منذ كانون الثاني (يناير) الماضي من 500 مليون دولار، بالاضافة الى 200 مليون دولار من «ستاندرد تشارترد بنك» و«بنك دبي»، و300 مليون دولار من مجموعة «غلنكور انرجي» البريطانية. ولعل هذا ما ادى الى ارتفاع قيمة سهم الشركة في بورصة الدار البيضاء بنسبة 10،3٪ خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة.

بنوك اخرى على الطريق
ولم تنحصر سياسة التمويل الاسلامي في المغرب في مؤسسة واحدة، بل هناك «البنك المغربي للتجارة الخارجية»، و«البنك الشعبي المركزي» اللذان يستعدان لاطلاق شركاتهما المخصصة للتمويل الاسلامي. غير ان هذا التوجه ينتظر القانون الذي يحكم النشاطات المصرفية الاميركية في المملكة والذي يدرس حالياً في مجلس النواب، وهو يستهدف مدخرات الطبقات الوسطى المعنية دينياً، واموال مستثمري الدول الخليجية. ومن اجل استكمال هذا التوجه الاسلامي التمويلي بدأ «بنك المغرب» – البنك المركزي – مفاوضات مع مجلس العلماء، بهدف انشاء مجلس مركزي للعلماء المسلمين مهمته مراقبة تطور صناعة التمويل الاسلامي في المملكة المغربية. وتقول «رويترز» نقلاً عن مسؤولين في البنكين المذكورين آنفاً، ان الاستثمارات الاولية للمجموعتين في شركاتهما الاسلامية الجديدة ستكون في الحدود الدنيا، بانتظار ردة فعل السوق، وتبني اطار تنظيمي، ومصلحة المستثمرين الاجانب. وسينضم البنكان الى البنك التجاري «وفا» – وهو مجموعة مصرفية يديرها الهولدنغ الملكي “SNI” الرائد في مجال الشركات التابعة المعنية بالتمويل الاسلامي في المغرب.
ان كل ذلك يأتي استمراراً منطقياً لبداية التوجه التمويلي الاسلامي الذي انطلق عام 2010، عندما سمح للمصارف التقليدية بتقديم باقة صغيرة من الخدمات المالية الاسلامية. وقد زادت هذه الخدمات مع وصول حكومة حزب العدالة والتنمية الى الحكم في المغرب، وهو حزب اسلامي معتدل، كما يوصف في المغرب، وهو يراهن على اعتماد اسلوب الصكوك لاجتذاب الاموال الاسلامية من دول الخليج الاسلامية، وهذا ما يفسر تلقي البنك المركزي المغربي طلبات تعاون من البنوك الاسلامية الخليجية، وبالاخص منها «بنك البركة» البحريني، وبنك الاستثمار الكويتي، والبنك الوطني القطري، وهناك بنوك اسلامية اخرى تتطلع الى الساحة المغربية.

المغرب جسر عبور اسلامي
في الوقت الذي ما فتئت بورصة الدار البيضاء تعزز حضورها افريقياً، يتطلع المغرب لأن يكون فضاء دولياً للتمويل الاسلامي يوفر منتجات تتلاءم مع الشريعة الاسلامية. واعتبر عمر الكناني، الخبير الدولي في هذا المجال ان العديد من العوامل تصب في مصلحة هذا الطموح المغربي من بينها الفراغ القائم في هذا المجال على المستوى المغاربي وشمال افريقيا، مؤكداً ان المغرب يظل البلد القادر على ملء هذا الفراغ في المنطقة في الوقت الذي استطاع عدد من الساحات المالية الدولية الهامة ان تتطور في ماليزيا والبحرين، وحتى بريطانيا. ويرى الكناني ان التوجه المالي الاسلامي من شأنه ليس توسيع وعاء الادخار داخل المغرب فحسب، بل ايضاً استقطاب رؤوس الاموال التي تبحث عن توظيفات مالية اسلامية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق