أبرز الأخبار

حشود متبادلة، وحرب شوارع في كوباني: «العزم التام» تخترق محرمات الصمت التركي

تتسارع الاحداث في بلدة عين العرب، التي تحمل اسم كوباني باللغة الكردية. ففي الوقت الذي يلوذ الجانب التركي بالصمت، انتظارا لتحقيق شروطه التي وضعها من اجل المشاركة في الحرب ضد داعش، وانقاذ المدينة المنكوبة من بطش تنظيم الدولة، يواصل الطرفان الكردي والداعشي حشد كل الامكانات من اجل حسم المعركة التي يراها المحللون فاصلة.

اللافت هنا، دخول التحالف بقوة على خط كوباني، من خلال شن غارات مكثفة على مواقع داخلها وفي محيطها، الامر الذي ادى الى مضاعفة الخسائر في صفوف التنظيم، وبين المدنيين، الا ان ذلك لم يفلح في حسم الازمة في اي اتجاه.
غير ان بعض التطورات التي تم الكشف عنها قد تؤدي الى تغيير في الموازين، حيث انهى قادة جيوش 22 دولة اجتماعاتهم في قاعدة اندروز الجوية الاميركية، واعلنت الولايات المتحدة انها اطلقت اسم «العزم التام» على الحملة ضد داعش، بكل تفاصيلها.
التسمية جاءت بعد شهرين من انطلاق القصف الجوي. لكنها جاءت ايضا قبيل انطلاق الحرب البرية التي يقال ان قادة الجيوش وضعوا اللمسات الاخيرة عليها تمهيدا لاطلاقها في موعد لم يعلن بعد.

اشتباكات
ميدانياً، تواصلت الاشتباكات بين وحدات حماية الشعب الكردية ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في أنحاء متفرقة من مدينة عين العرب بشمال سوريا، وتمكن المقاتلون الأكراد من الصمود أمام مسلحي تنظيم الدولة بفضل الضربات الجوية المستمرة التي تشنها الطائرات التابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.
وتشير التقارير الى ان المعارك تتواصل في حي الصناعة وسط المدينة المنكوبة، حيث حاول تنظيم الدولة الإسلامية استعادة المواقع التي خسرها أمام وحدات الحماية الكردية. المعلومات التي تتردد هناك، تشير الى ان تنظيم الدولة قد حصل على تعزيزات من الاراضي العراقية، ومن مواقع سبق ان سيطر عليها في مناطق الرقة وحلب،  وحاولوا توظيف ذلك الدعم في الوصول الى المعبر التركي القريب منهم. الا ان المقاتلين الاكراد نجحوا في صدهم، مستفيدين من كثافة وشدة الغارات التي يشنها التحالف.
وفي الاثناء تشير معلومات مؤكدة الى ان تنظيم الدولة يعد العدة من اجل مفاجأة، تتمثل باستخدام طائرات كان قد استولى عليها من قواعد جوية سورية كان قد سيطر عليها. وبحسب معلومات مؤكدة نجح في تجنيد طيارين يواصلون التدريب على تلك الطائرات «وعددها ثلاث»، من اجل توظيفها في المعركة.

غارات ليلية
وشنت طائرات التحالف الدولي الليلة الماضية ثلاث ضربات استهدفت تجمعات لتنظيم الدولة في حي كاني عربان، وثلاث ضربات أخرى استهدفت مراكز تجمع للتنظيم في غرب المربع الأمني. ويسعى مسلحو تنظيم الدولة إلى السيطرة على عين العرب، وذلك بهدف بسط سيطرتهم على شريط طويل من الأراضي على الحدود بين سوريا وتركيا.
فيما أعلنت القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط وآسيا الوسطى أن الطائرات الأميركية شنت يومي الجمعة والسبت 15 غارة على مواقع للتنظيم في سوريا.
وأقرت الولايات المتحدة الأميركية بوجود مؤشرات «مشجعة» في عين العرب، حيث ساهمت الغارات في وقف تقدم مسلحي تنظيم الدولة، غير أنها أكدت أن هذه الغارات لا يمكنها وحدها أن تمنع سقوط المدينة بأيدي التنظيم، مذكرة بأن «أولوية» واشنطن هي العراق حيث تواجه القوات الحكومية صعوبة كبرى في التصدي لمسلحي تنظيم الدولة، لا سيما في غرب البلاد.
وتشهد عين العرب منذ شهر هجوما واسعا يشنه مسلحو تنظيم الدولة الذين اقتحموا المدينة في السادس من تشرين الأول (اكتوبر) الحالي، إلا أنهم لا يسيطرون سوى على نصفها، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

قصف في العراق
في العراق، قصفت القوات المسلحة الاميركية مواقع لتنظيم «داعش» قرب بيجي (200 كلم شمال بغداد) حيث توجد المصفاة الرئيسية للنفط في البلاد. كما قصفت خمسة مواقع في محيط سد الموصل الاستراتيجي وتسبب تدمير آليات ومبنى للتنظيم.
وتحاول القوات العراقية جاهدة استعادة اراضٍ استولى عليها التنظيم اعتباراً من حزيران (يونيو)، من دون أن تحقق نجاحاً. في المقابل، تمكن تنظيم «داعش» من تحقيق مزيد من التقدم خلال الايام الماضية في محافظة الانبار ذات الغالبية السنية التي باتت بنسبة ثمانين في المئة تحت سيطرته.
في سياق مواز، دعا مجلس الامن الدولي الاسرة الدولية الى تقديم مزيد من الدعم والمساعدات للحكومة العراقية وقواتها المسلحة لتمكينها من مواجهة جهاديي تنظيم «الدولة الاسلامية» المتطرف.
وقال المجلس في بيان رئاسي صدر باجماع اعضائه الـ 15 انه يدين «الحلقة المفرغة من الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة وسائر الهجمات» التي يشنها التنظيم المتطرف في بغداد ومحيطها.
واضاف البيان ان مجلس الامن «يحض المجتمع الدولي على ان يقوم، وفقاً للقانون الدولي، بتعزيز وتوسيع دعمه للحكومة العراقية بما في ذلك للقوات الامنية العراقية في قتالها ضد تنظيم الدولة الاسلامية والجماعات المسلحة المرتبطة بها».
وشدد مجلس الامن على ضرورة ان «تكافح بكل الوسائل» الاخطار المتمثلة بتنظيم الدولة الاسلامية الذي صنفه المجلس جماعة ارهابية.

مقتل المئات
من ناحية أخرى، قال الأميرال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركي إن الضربات الجوية الأميركية التي نفذت هذا الشهر خلال المعركة من أجل كوباني أسفرت عن مقتل مئات عدة من المسلحين. وقال كيربي إن 14 ضربة جوية أميركية خلال يومي الأربعاء والخميس حول كوباني أصابت 19 مبنى يخضع لسيطرة التنظيم إلى جانب موقعين للقيادة وثلاثة مواقع قتالية وثلاثة مواقع للقناصة وموقع انطلاق  وموقع للأسلحة الآلية الثقيلة، وأشار إلى أنه تم استهداف ذلك بدقة عالية. وأوضح كيربي أنه بينما يظل الوضع الأمني هناك هشاً، فإن تقدم التنظيم يبدو أنه تم إبطاؤه. ونحن نعلم أننا ألحقنا خسائر بهم.
في سياق آخر، تتجاهل تركيا الضغوط الملحة من اجل التحرك ضد عناصر تنظيم الدولة الاسلامية – داعش مما يزيد من توتر العلاقات بين رئيسها رجب طيب اردوغان والغرب.
وكرر دبلوماسيون غربيون مراراً انهم يريدون ان تلعب تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي دورا حاسما في الائتلاف الدولي ضد تنظيم داعش الذين لا يزالون يحاولون الاستيلاء على مدينة عين العرب او كوباني السورية الكردية التي تبعد بضع كيلومترات فقط عن الحدود التركية.

شروط تركيا
لكن ورغم اقترابهم الى هذا الحد، ترفض تركيا السماح لمقاتلات التحالف باستخدام قواعدها الجوية او ان تساهم بقواتها في المعارك.
واعرب المسؤولون الاتراك عن استيائهم المتزايد من الغرب الذي يطالب انقرة بالتدخل لمنع سقوط كوباني مع ان تنظيم داعش سيطر على مساحات شاسعة من اراضي العراق وسوريا من دون ان يحرك الغرب ساكناً.
وقال رئيس الحكومة التركي احمد داود اوغلو هذا الاسبوع «الامر لا يتعلق بكوباني. الامر يتعلق بالضغط على تركيا من خلال مسالة كوباني لكن تركيا لا تريد خوض مغامرات». وبعد قدوم الدفعة الاخيرة من اللاجئين السوريين البالغ عددهم مئتي الف شخص من منطقة كوباني، بلغ عدد اللاجئين في تركيا 1،5 مليون لاجىء وهو رقم تشدد السلطات على انه يفوق بكثير ما يستضيفه الغرب.
ويقول محللون ان تركيا على حق في التزام الحذر فتنظيم داعش بات على ابوابها ولا يمكن التكهن بما ستكون عليه العواقب السياسية لاي عمل عسكري تركي.
واعتبر هيو بوب من معهد الازمات الدولية ان شن حرب على التنظيم سيؤدي الى كارثة بالنسبة الى تركيا بسبب صعوبة ضبط الحدود وخطر شن هجمات ارهابية بالاضافة الى العدد الكبير من المحافظين السنة في تركيا الذين لا يعتبرون عناصر التنظيم اعداء لتركيا. في هذا السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب  أردوغان إن بلاده لن تشارك في أي عمليات في سورية دون تحقيق مطالب تركيا  الأربعة في هذا الشأن.
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عنه القول: «لقد تقدمت تركيا  بأربعة طلبات للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش بشأن ما يجري في سوريا».
وقال، «طلبنا إعلان منطقة حظر جوي، وإقامة منطقة آمنة، وتدريب السوريين وتزويدهم بالسلاح، وشن عملية ضد النظام السوري نفسه»، مضيفاً أنه «بدون تحقيق هذه المطالب لا يمكن أن نشارك في أي عمليات».

قاعدة انجيرليك
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد تقدمت بطلب رسمي من  أجل استخدام قاعدة «إنجيرليك» العسكرية الموجودة في جنوب تركيا، قال: «ليس واضحاً حتى الآن ما المطلوب منا بخصوص القاعدة. وحينما نعلم سوف يتم مناقشة الأمر مع وحداتنا الأمنية ، وبناء على ما سنتوصل إليه سنوافق  على ما نراه مناسبا لنا، وإلا فلا يمكن أن نوافق».
وأشار إلى أن «المنطقة الآمنة التي اقترحناها ، ليست عملية احتلال ،  وإنما منطقة آمنة سنمكن من خلالها اللاجئين السوريين الذين فروا بسبب  الأحداث، من العودة إلى أراضيهم وبلادهم».
وذكر أن مسؤولين أميركيين ناقشوا مع القوات المسلحة التركية ووزارة الخارجية ما ستقوم به الوحدات المعنية بخصوص إقامة منطقة آمنة داخل  الحدود السورية، مؤكداً أن بلاده لن تتنازل عن المطالب الأربعة التي طرحتها كشروط لمشاركتها في التحالف الدولي.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق