سياسة عربية

شلومو بن آمي: اتفاقية جنيف النووية هزيمة شنعاء لنتانياهو

في النسخة الخامسة لـ «حوارات ايرانية» التي ينظمها «مركز توليدو الدولي من اجل السلام» الاسباني، التي حضرها مندوب «الاسبوع العربي». تحدث وزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق، من 2000 الى 2001، شلومو بن آمي، عن ذيول اتفاقية جنيف الايرانية على اسرائيل وعلى حكومة بنيامين نتانياهو بالذات، فاعتبر «انها هزيمة سياسية شنعاء لنتانياهو الذي وجد نفسه من دون اجندة سياسية».

 تحدث بن آمي، عن العزلة التي تعيش فيها اسرائيل في المنطقة، وعن مواجهتها الاخيرة، مع الولايات المتحدة، ورأى: «ان الاتفاقية تفكك نظرية اليمين الاسرائيلي، القائلة بان ايران لاعب غير منطقي» وان مستقبل اسرائيل تضمنه الحرب قبل الديبلوماسية.
ويعتقد المسـؤول الاسرائيلي السابق، من جهة ثانية، ان الولايات المتحدة، اعتنقت المفهوم الاوروبي في هذا الاطار، «فسحبت الحرب من على طاولة المفاوضات»، وكان بن آمي مباشراً في حكمه: «ان اسرائيل خرجت مهزومة».
وشرح بن آمي، نقاط الضعف الستراتيجي، الذي تواجهه اسرائيل تجاه طهران. فالجمهورية الاسلامية، ترفض «اي اتفاق بين العرب واسرائيل»، لانها تجد ذاتها معزولة، كدولة فارسية وشيعية في منطقة، يسيطر عليها السنة.
وشدد بن آمي، على ان اسرائيل ستبقى على هامش البقية، من دون ان تعقد اتفاقية سلام مع الفلسطينيين. وقال بعد ان هاجم سياسة اليمين الاسرائيلي الخارجية: «انه اعتبر على الدوام، انه لا يمكن التوصل الى سلام مع الفلسطينيين، من دون حل المشاكل الامنية الاقليمية».

ايران واسرائيل
وفي رأي هذا المفكر السياسي العمالي اليهودي، ان هناك مجالاً للتوافق بين البلدين لكثرة الشبه في وضع ايران واسرائيل: «فان كلاً منهما ليس عربياً ولا سنياً، ويشكيان من عداء مرضي للعرب، ويعتمدان على نخبة مثقفين واقتصاديين متطورة في بلديهما».
وروى خافيير سولانا، وزير خارجية اسبانيا السابق  والامين العام السابق  للحلف الاطلسي، ان حسن روحاني، قال له يوم تسلم الحكم في طهران: «ان على روزنامتي ثلاثة اشياء على تحقيقها».
وكانت وعود الرئيس الايراني حسن روحاني الثلاثة:
1- «تعيين وزير خارجية قوي». فاختار محمد جواد ظريف، سفير الجمهورية الاسلامية لدى الامم المتحدة، من 2002 الى 2007.
2- «نقل صلاحيات المفاوضات حول البرنامج النووي، من مجلس الامن الوطني الاعلى، الى وزارة الخارجية». وهذا ما فعله في شهر ايلول (سبتمبر).
3- «التوصل الى حل سياسي للازمة».
ويرى خافيير سولانا، ان اتفاقية ديبلوماسية، كالتي جرى التوصل اليها في جنيف، تضع المجتمع الدولي، امام فرصة جديدة.
وشرح المسؤول السابق عن وزارة خارجية مدريد والحلف الاطلسي ان الغرب قدّم «تنازلات قليلة»، ولكنه حصل في المقابل «على الكثير»، ولكن سولانا انتقد قلة الليونة التي اظهرتها الولايات المتحدة واوروبا، عهد كان يتولى هو ادارة سياسة الحلف الاطلسي الخارجية. «ففي سنوات 2004 و2005 و2006… كنا نطالب ايران بكل شيء، مقابل مفاوضات سياسية، واقتصادية واخرى حول الطاقة، ولكن من دون تعليق اية واحدة من العقوبات المفروضة عليها».

 تجميد برنامج ايران
ودلت مقدمات اتفاقية جنيف ، على انه «كان علينا ان نظهر المزيد من الكرم، من اجل تجميد برنامج، ايران النووي الذي كان اقل بكثير مما هو عليه اليوم».
واشار سولانا، مثل بن آمي، الى ان الكثير من الشكوك لا تزال لدى المجتمع الدولي، بالنسبة الى نوايا طهران الحقيقية.
واذا كان سولانا، يرى ان «اسرائيل على حق، عندما تطالب بتفكيك البرنامج النووي الايراني، لان مقررات الامم المتحدة، تطالب
بذلك»، فانه ذكر بان حجم البرنامج كان عهدئذٍ اصغر بكثير مما هو عليه الآن.
وفي افق آخر، رأى ماريانو اغيره، مدير المركز النروجي لبناء السلام، ان الستراتيجيين الذين تفاءلوا بتطوير الديموقراطية لم يكونوا ينتظرون ان يؤدي سقوط الديكتاتوريات في العالم العربي الى تفتت المنطقة والى تمدد العنف بهذا الشكل. ورأى ان غزو العراق عام 2003 وتدخل الحلف الاطلسي ضد معمر القذافي عام 2011، شكلا آخر محاولات الغرب لتولي ادارة شؤون منطقة تتضاءل امكانات ضبطها.
وكانت ذيول هاتين العمليتين في عهد ما بعد الاستعمار، المزيد من التطرف الاسلامي، الذي تمدد نحو سوريا والصومال، ومن شمال افريقيا الى الساحل والى قيام موجات كثيفة من اللاجئين والمهاجرين، الى مختلف  الاتجاهات.

وحين تولى الغرب «تغيير النظام، كما في العراق وليبيا وافغانستان، ساد التفتت الطائفي، والفساد واللا-امن، بين الاهالي والتوتر المتواصل بين حكومات مركزية ضعيفة ومناطق تطمح الى الانفصال بينما لم تقدم الحكومات على اية سياسات جديدة، لمحاربة الفقر، واللامساواة والبطالة المتفشية بين الشباب.

 الوضع في سوريا
بينما يعتقد جورج جوفه، من جامعة كامبريدج «انه وضع لا يختلف كثيراً عما حصل في زمن الحرب الباردة وتحول الشرق الاوسط، وشمال افريقيا، مرة جديدة الى منطقة توتر ونزاع بين الدول والمعسكرات.

 وكتب السفير لودغارد في كتابه «صعود الربيع العربي»: «انهم ينظرون الى الصراعات السياسية والاقتصادية عبر مرشحات دينية وعنصرية قوية».
فان اكثر من 400 مجموعة مسلحة، تسيطر على ليبيا، بينما تطالب منطقة سيرينايكا بحكم ذاتي، وينشط آلاف الجهاديين والمجموعات المرتبطة بالقاعدة في سوري
ا والعراق وليبيا واليمن، وحتى مالي ونيجيريا، على شاكلة ما جرى في الصومال وكينيا، وليست كل المجموعات مرتبطة بتنظيم وليست لكل المشاكل اصول واحدة.
بينما تتعامل اوروبا والولايات المتحدة، مع هذه المآسي كل على حدة حسب الظروف ، وتتفرج على نفوذ تفقده، وتحاول واشنطن استعادة بعضه، عبر اتفاقية النشاط النووي مع ايران واتفاقية سلام بين الفلسطينيين واسرائيل، وفي مصر دعمت واشنطن حكم الاخوان، قبل ان ت
عتبر ان الذين قلبوهم يضعون خريطة طريق  تتوافق مع «نظريتنا» الى الديموقراطية.
وتأثرت التحالفات التقليدية التي كان يقيمها الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة، مع دول مثل المملكة العربية السعودية وتركيا واسرائيل، ومصر. وبعد حوالي عشر سنوات من الاحتلال الاميركي للعراق، اقام حكم نوري المالكي القمعي علاقات وثيقة مع ايران والصين، للتعويض الذي حققه الاميركيون عبر الاتفاق مع ايران، وفتح فجوات امام روسيا والصين. بينما تقيم روسيا علاقات جيدة مع طهران وبغداد ودمشق وحزب الله، وتدرس انقرة شأن مصر شراء اسلحة من روسيا وبكين.
وكانت الرياض، غضبت من واشنطن لطريقة التفاوض مع ايران، ولتصرفها في سوريا، ولدعمها حكم
الاخوان في مصر، وتم انتقاد التحول عليهم.

 موقف اسرائيل
موقف اسرائيل، الحليف الاقرب للولايات المتحدة، معروف فانها لا تستجيب لمطالب الولايات المتحدة، وتستمر تردد ارادتها في ضرب ايران عسكرياً، وفي التمدد استيطاناً في الضفة الغربية، بينما يجهد جون كيري، للتوصل الى اتفاق بين السلطة الفلسطينية واسرائيل في سنة 2014، وتعتقد واشنطن ان الصراع الاصعب في العالم، قد يكون ورقة اخرى رابحة، بعد الحل مع ايران.
ولكنه ليس من شأن الانقسامات داخل اسرائيل ان تسهّل الامور، ويقول ماريانو اغيره، ان مواقف الاحزاب اليمينية المتطرفة في اسرائيل والانقسام بين حماس والسلطة، سيؤديان الى تجميد اي اتفاق جزئي ام مرحلي، قد يتم التوصل اليه، اذا وافق بنيامين نتانياهو على تغيير رأيه واذا مشت السلطة الفلسطينية مع الضغوط الاميركية، «من اجل البقاء».
ويبقى ان اي اتفاق يتم التوصل اليه على قاعدة الحل الادنى، لن ينص على تجميد المستوطنات ولا على عودة اللاجئين، والقدس عاصمة لدولتين.
من هنا اشار البحاثة في «المركز الاميركي للسلام» روبين رايت، الى خريطة استراتيجية، قد تؤدي الى تعديل التحالفات، والتحديات الامنية، والتجارة وتدفق الطاقة». وقد تقوم في هذه المنطقة من العالم دول جديدة، ام مدن، دول «ذات هويات متعددة»، مثل بغداد، بعد الحديث عن وضع مماثل لبنغازي.

انهيار احلاف
وقد لا تتغير حدود، ولكننا قد نرى انهيار احلاف وقيام تحالفات مائعة وغير رسمية وقد يتوحد اكراد سوريا والعراق ويتحالف سنة البلدين، ويبقى وضع لبنان والاردن الاضعف، تحت ضغط وجود مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، وتدخل حزب الله في سوريا وستعيش بعض الدول الخليجية، مثل البحرين، توترات طائفية داخلية بين السنة والشيعة.
وستتغير خريطة النفط كذلك، مع صعود ايران الى مرتبة المصدّر بلا عوائق، مما يجعل مراسل الغارديان في المنطقة، مارتين شولوف، يكتب: «ان الافق الجيو-سياسي في المنطقة، لن يبقى كما هو اليوم، بعد عقد من الزمن».
واردف اغيره، معتقداً، ان الاتفاق الذي تم، حول حصر البرنامج النووي الايراني، في القضايا المدنية، من شأنه ان يخفف جزئياً مخاوف الدول السنية.
«وستكون الخطوط التالية المعقدة، التوصل الى اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة والقوى المحلية، وفي نوع خاص، ايران والسعودية وتركيا وقطر، على سحب القوات المقاتلة في سوريا بالنيابة، كخطوة اولى، امام مسار السلام.
فان افاق سيناريوهات الغد في الشرق الاوسط، هي اتفاقات اقليمية بين الدول الاقليمية ام مواجهات عنيفة.

توليدو – جوزف صفير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق