سياسة لبنانيةلبنانيات

التفاؤل بحل ازمة تبادل الرهائن هل ينعكس هدوءاً على الجبهة اللبنانية فيسهل انتخاب رئيس للجمهورية؟

على الرغم من عنف المعارك، ان في غزة او على الحدود الجنوبية اللبنانية، تنشغل دول المنطقة ومعها الولايات المتحدة وفرنسا وبعض الدول الاخرى، بما تردد امس عن تحقيق تقدم في مفاوضات اطلاق الرهائن المحتجزين لدى حماس. وقد اجمعت الدول الاربع التي اجتمع مدراء المخابرات فيها في مطلع الاسبوع في باريس، على ان الاتفاق بات قريباً وقد ارسلت المقترحات الى حماس والى العدو الاسرائيلي، الذي تعصف الخلافات بين اركان حكومته وقد هدد بن غفير بالاستقالة في حال وافقت اسرائيل على الاتفاق. كذلك فان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الهارب من الضغوط التي تمارس عليه من قبل الولايات المتحدة، اعلن انه لن يوقف الحرب قبل تحقيق الاهداف، وهي انهاء حماس، وهو يعلم انه حلم لن يتحقق، واستعادة الرهائن وقد برهن انه غير مهتم بمصيرهم، بل بمصيره.
ان اعلان الهدنة في غزة، يوقف الحرب على الحدود الجنوبية اللبنانية ويفسح في المجال امام الدبلوماسية لتطبيق القرار الدولي 1701، وتسوية نقاط الخلاف على الخط الازرق والانسحاب من شبعا وكفرشوبا. غير ان هذه الانباء المتفائلة لم تلجم آلة الحرب المدمرة، لا في غزة ولا في لبنان، لا بل زادتها حماوة وعنفاً. فالوضع لم يتبدل، غارات جوية وقصف مدفعي وصاروخي وتدمير منازل وسقوط ضحايا. وترد المقاومة بقصف تجمعات العدو وتلحق بها الخسائر ويتكتم الجيش المعادي حول الاضرار التي تصيب جنوده. انها الصورة ذاتها تتكرر يومياً ويدفع لبنان اثماناً باهظة في حرب غير معني بها بصورة مباشرة.
ازاء هذا الوضع، يشعر اللبنانيون كم هم بحاجة الى اعادة بناء الدولة، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، تستطيع اتخاذ القرارات، لكن المعنيين مباشرة بهذا الاستحقاق وهي الطبقة السياسية المتسلطة على البلد غير مهتمة بانتخاب رئيس. ولماذا تعمل على تنفيذ هذا الاستحقاق طالما انها قابضة على السلطة، وتتصرف بها وفق مصالحها، بعيداً عن اي مصلحة وطنية. فالمنطقة على ابواب تغيرات كبيرة، ولبنان بحاجة الى سلطة كاملة وعلى رأسها رئيس للجمهورية يتولى المفاوضات والا جاءت الحلول على حسابه. ورغم كل ذلك فالكتل النيابية لا تحرك ساكناً. لا فريق الممانعة يتنازل عن موقفه ولا كتل المعارضة المشرذمة تجمع صفوفها وتتخذ موقفاً واحداً في سبيل انقاذ البلد. لذلك يتطلع اللبنانيون الى الخارج، الذي رغم انشغاله بقضايا مصيرية كبرى مثل حرب غزة والغزو الروسي لاوكرانيا، لا يزال يولي لبنان اهتمامه، ويتمثل ذلك في النشاط الذي تبذله اللجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، وقد بدأ سفراؤها في لبنان حركة دبلوماسية لافتة، في محاولة لانهاء ازمة الشغور الرئاسي في لبنان. فبعد اجتماع عقدوه الاسبوع الماضي في مقر اقامة السفير السعودي وليد البخاري في اليرزة، واتفقوا على موقف موحد، قاموا امس بزيارة عين التينة والتقوا رئيس المجلس النيابي نبيه بري بصفته المعني الاول بانتخاب رئيس للجمهورية. فمفتاح المجلس في جيبه، ويعول عليه لتوجيه الدعوة الى جلسة مفتوحة تؤدي الى انجاز الاستحقاق. دام الاجتماع مع بري ساعة كاملة، انتهى الى موقف موحد تم ابلاغه اليه، ويقضي بالطلب اليه العمل على انتخاب رئيس. وقد وصف بري الاجتماع بانه مفيد وواعد. كما قالت سفيرة الولايات المتحدة ليزا جونسون بأن الاجتماع كان ممتازاً. هذا وسيكمل السفراء الخمسة جولاتهم على المسؤولين ورؤساء الكتل النيابية في محاولة لاقناعهم بالقيام بواجباتهم الدستورية، رافضين ذكر الاسماء، لان ذلك هو من اختصاص اللبنانيين، على ان يبلغوا نتائج لقاءاتهم الى وزراء خارجية دولهم، ثم تجتمع اللجنة وتتفق على مقترحات سيحملها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى المعنيين اللبنانيين. وتتركز جهود اللجنة على المرشح الثالث، على ان يختار كل طرف المرشح الذي يراه مناسباً ويدعى المجلس النيابي الى اختيار رئيس. وتسعى اللجنة الخماسية خصوصاً الى فصل ازمة الرئاسة عن حرب غزة فيسهل العمل على تحقيق انجاز في هذا المجال. فهل تنجح الجهود الخارجية الناشطة في ظل التقاعس الداخلي، في تحريك المياه الراكدة في هذا المجال؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق