أبرز الأخبار

العراق: الاكراد خارج المحاصصة و«داعش» تطالب المسيحيين بجزية

يتفق العراقيون، ومن قبلهم المتابعون لتطورات ذلك الملف على حقيقة تتمثل بان انتخاب رئيس لمجلس النواب لا ينهي الازمة المستعصية. ذلك ان الازمة تمتد الى مجالات اخرى ما زالت مستعصية، وتتمثل بانتخابات رئاستي الجمهورية والحكومة، وسط اجراءات تؤشر على ان عملية المحاصصة التي اسست لنظام الحكم الجديد اصبحت على وشك الانهيار. وان الاكراد قد يكونون خارج اطار تلك العملية.

بدا واضحاً ان مسلسل الازمات العراقية بدأت دائرتها بالاتساع التدريجي، والى الدرجة التي يصعب الالمام بتفاصيلها الدقيقة، وانها ترشح البلاد الى المزيد من الصراعات التي تهيىء الارضية السياسية الى تقسيمات جغرافية مختلفة الشكل والمضمون. فمن جهة هناك مشاريع تقسيم تندرج ضمن اطار الانفصال عن الدولة الام. ومن جهة ثانية هناك مشاريع حكم ذاتي وليدة يبدو انها بدأت بالتشكل. في حين تعمقت ازمة الرئاسة الشيعية مع بعض دول الجوار، وخصوصاً الاردن الذي يتهمه نوري المالكي باحتضان السنة وتوفير الاجواء المناسبة لتحركهم من اجل اقامة حكم ذاتي.
وفي الوقت نفسه هناك محور ايراني – سوري – عراقي ينسق المواقف من اجل مجابهة اي مشروع من هذا القبيل، لديه تصورات عما يمكن القيام به في سبيل مواجهة اي طرف يعتقد انه قد يشكل خطراً على الرؤية «المالكية» الخاصة بالعراق.

نظام المحاصصة
ميدانياً، تتوالى عمليات الترشيح لشخصيات سياسية واجتماعية لمنصب رئيس الجمهورية ونائبيه بالرغم من أن الرئاسة مخصصة للاكراد بحسب المحاصصة المعمول بها في البلاد منذ عام 2003، لكنّ مراقبين يرون أن ذلك يدخل ضمن المناكفات والمناورات بين الكتل الهادفة لتحقيق مكاسب على حساب بعضها. الا ان نوري المالكي يرى ان نظام المحاصصة يجب ان يؤخذ بحذر شديد، مشيراً الى انه من غير الممكن ترشيح اي اسم لمنصب رئيس الجمهورية ما لم يكن مقتنعاً بوحدة ارض العراق، وما لم يكن مستعداً للدفاع عن تلك الوحدة. ويتحدث المالكي ضمن ذلك الاطار متهما الاكراد بالتخلي عن ثابت الوحدة للدولة العراقية والمطالبة باستقلال كردستان عن الدولة وتطوير الحكم الذاتي الى نظام الدولة المستقلة.
وفي الاثناء يرد البعض تلك الترشيحات السنية وغيرها الى الازمة الكردية الداخلية حيث يختلف الاكراد في تسمية مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية.
ويبدو ان القضية من اساسها تحولت الى قضية جدلية، حيث تشير بعض المصادر الى ان الاتحاد الكردستاني لا يرغب اصلاً بتسمية مرشح لرئاسة الجمهورية، استنادا الى قرار سابق بعدم التراجع عن استقلال اقليم كردستان. وهو القرار الذي اعقبه قرار آخر بسحب وزراء الاقليم في الحكومة العراقية – حكومة المالكي – المنتهية فترة ولايتها. ومغادرة الوزراء العاصمة بغداد والعودة الى اربيل.

مرشح تسوية
ومن جهتها، اشارت مصادر كردية الى أنه بعد الخلافات بين قيادة الاتحاد حول اختيار واحد من اثنين من اعضائها هما : برهم صالح نائب رئيس الوزراء العراقي رئيس حكومة كردستان سابقاً ونجم الدين كريم محافظ كركوك الحالي فإن مرشح التسوية للمنصب الآن هو فؤاد معصوم اول رئيس لحكومة كردستان عام 1992 وأول رئيس للبرلمان العراقي بعد سقوط النظام السابق عام 2003.
وفيما اشارت مصادر عراقية الى أن عدد المرشحين لرئاسة العراق بلغ الخمسين من دون تأكيدات رسمية لذلك، الا انه تم الاعلان رسمياً اليوم عن مرشح رابع للمنصب هو شاكر كتاب (من الصابئة المندائيين) عن «ائتلاف العراق» مؤكداً أن ترشحه يهدف الى الغاء المحاصصة الطائفية التي يعتقد انها اضرت بالشعب.
واضيف اسم كتاب الى مرشحين أربعة آخرين سبقوه بالترشح رسمياً للمنصب هم: وزير التخطيط السابق عضو ائتلاف العراق مهدي الحافظ والناشطة النسوية رحاب الظاهر المقيمة في المانيا اضافة الى المستشار القانوني احمد العبادي وحسين الموسوي… وترشيح سني وتركماني لمنصبي نائبي الرئيس.
وعن تعدد هذه الترشيحات لمنصب الرئيس قالت مصادر متابعة ان رئيس الحكومة نوري المالكي يدفع باتجاه زيادتها ليؤكد لخصومه الاكراد ان هناك معارضة قوية لسياساتهم اضافة الى أن كثرة الترشيحات ربما تفشل مرشح الاكراد في الحصول على الاغلبية المطلوبة، وهي نصف عدد اعضاء البرلمان زائداً واحداً ومن ثم مساومة الاكراد على حصوله على الولاية الثالثة في رئاسته للحكومة مقابل دعمهم في نيل منصب رئيس الجمهورية.
وبالترافق مع ذلك ، فقد رشح ائتلاف القوى الوطنية الممثل للمكون السني زعيم ائتلاف «متحدون للاصلاح» رئيس مجلس النواب السابق اسامة النجيفي لمنصب نائب رئيس الجمهورية مرشحاً وحيداً للمنصب ضمن الاستحقاق الانتخابي خصوصاً بعد تنازله عن منصب رئيس مجلس النواب الى النائب سليم الجبوري.
كما رشح المكون التركماني عضو قيادة كتلة الاحرار الممثلة للتيار الصدري فوزي اكرم ترزي لمنصب النائب الثاني للرئيس، مؤكداً أنه على ثقة بأن يحظى المكون التركماني بمقبولية وبأصوات عديدة تحت قبة البرلمان لان التركمان يرفضون تقسيم العراق تحت أية مسميات.

احتجاج المالكي
الى ذلك، وببينما تكشفت بعض عناصر تحالف يضم الى جانب نوري المالكي ومجموعته في الحكومة العراقية كلا من ايران وسوريا، اعلنت العراق استدعاء سفيرها لدى الاردن «للتشاور» وهو الاسلوب المتبع دبلوماسياً لاعلان الاحتجاج على تصرف ما. وجاء استدعاء السفير العراقي بعد يوم من انعقاد مؤتمر لزعماء المعارضة السنية في العراق في احد فنادق العاصمة عمان الراقية.
ومع ان المؤتمر اصر في بيانه الختامي على وحدة التراب العراقي وعدم التسليم بمشاريع تقسيمه، الا انه رفض بشكل قاطع ما يعانيه التيار السني من اضطهاد وقمع. والمح الى ضرورة حل مشكلة السنة، والبحث عن بدائل محددة من بينها خيار الحكم الذاتي.
واستندت قيادات التيار السني في ذلك الى التجربة الكردية، حيث تجربة الحكم الذاتي التي تندرج ضمن اطار الدولة العراقية.
ورغم نفي الحكومة الاردنية ان يكون لها أي دور في ذلك المؤتمر، الا ان الحكومة العراقية ترفض ذلك النفي وتصر على ما هو اكبر من ذلك. فالمعلومات المتسربة من مطبخ الادارة الحكومية العراقية تشير الى ان غالبية الزعماء السنة يتخذون من العاصمة الاردنية مقرا لهم. وان تلك القيادات تحظى بدعم اردني واضح – بحسب ما تؤكده تلك المصادر -.
فقد اعلن وزير الخارجية الاردني ناصر جودة، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي الذي زار العاصمة الاردنية أن المملكة «تستثمر في أمن واستقرار العراق لأن هذا من مصلحتنا، مضيفاً ان العراق دولة شقيقة و«علاقتنا بها قوية وهي جارة لنا». واعرب عن امله بان «لا يكون هناك أي تفسير غير صحيح أو غير دقيق للمؤتمر الذي عقد في عمان». وقال جودة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، السبت، أنه تلقى اتصالاً من وزير الخارجية العراقي حسين الشهرستاني يستفسر خلاله «ولا يحتج» حول المؤتمر الذي عقده عراقيون . وإذا ما كان صحيحاً كما صرح البعض بأن المؤتمر برعاية أو بدعوة أردنية». وأضاف جودة «انه اكد للسيد الشهرستاني أن هذا غير صحيح، وأن المؤتمر ليس أردنياً وليس برعاية أردنية».

استدعاء السفير
وكانت السلطات العراقية قررت استدعاء سفير العراق من العاصمة الاردنية للتشاور، بحسب ما اعلنت وزارة الخارجية الجمعة.
وجاء القرار العراقي بعد استضافة عمان لمؤتمر دعت في ختامه حوالي 300 شخصية عراقية معارضة للحكومة في بغداد المجتمع الدولي الى وقف دعمه لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، مؤكدين أن ما يشهده العراق اليوم هو «ثورة شعبية» طالبوا بتأييد عربي لها.
ولفت جودة إلى أن «الأردن يوفر المكان في أي زمان لأي جهة تطلب عقد اجتماعات أو لقاءات هنا في الأردن، وهذه ليست المرة الأولى التي يعقد فيها إخوة عراقيون مؤتمرات أو لقاءات على الأرض الأردنية ولا يوجد استثناء لأحد إلا ما يهدد امن واستقرار الأردن أو ما يشكل تدخلاً في الشأن الداخلي لأي دولة عربية».
وأكد وزير الخارجية الأردني إلى أنه «لا علاقة لنا بمضمون المؤتمر ولا بمخرجاته سوى أن نستخدم ما لدينا من نفوذ كدولة مضيفة بأن لا تكون مخرجاته تسيء بأي شكل من الأشكال إلى المسار السياسي في العراق أو المساس بالدولة أو دستورها مؤكداً ان البيان لم يتطرق بأي طريقة سلبية للدستور أو المسار السياسي».

«داعش» ضد المسيحيين
في موضوع آخر، وبينما واصل تنظيم داعش تقدمه على اكثر من جبهة في العراق، وسيطرته على مناطق جديدة، دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العالم الى الوقوف صفاً واحداً لمواجهة عمليات تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» ضد المسيحيين في مدينة الموصل الشمالية واعتدائه على الكنائس ودور العبادة، فيما قالت السلطات إن 350 عائلة من مسيحيي المدينة، التي يسكنها مليونا نسمة، قد فرت منها لحد الآن.
واضاف المالكي أن جريمة عصابات داعش ضد المواطنين المسيحيين تستدعي وقوف العالم صفاً واحداً لمواجهتهم، وقال «إن ما تقوم به عصابات داعش الإرهابية ضد مواطنينا المسيحيين في محافظة نينوى واعتداءهم على الكنائس ودور العبادة في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم، إنما يكشف بما لا يدع مجالاً للشك الطبيعة الإجرامية والإرهابية المتطرفة لهذه الجماعة، وما تشكله من خطر على الانسانية وتراثها المتوارث عبر القرون».
واشار المالكي في تصريح صحافي وزعه مكتبه الاعلامي «الاحد» الى أن «هؤلاء يؤكدون بهذه الجرائم وأمثالها هويتهم الحقيقية، ويكشفون عن زيف الادعاءات التي تصدر هنا وهناك بوجود ما يسمى بالثوار أو غيرهم بين صفوفهم».
وكان تنظيم داعش نشر بيانات وطلب من خطباء المساجد نقل مضمونها عقب صلاة الجمعة الاخيرة «ودعا فيها المسيحيين الى مغادرة المدينة خلال 24 ساعة».
وتضمنت البيانات تأكيداً أنهم «إذا أرادوا البقاء فعليهم دخول الإسلام أو دفع الجزية وقدرها 250 دولاراً لكل أسرة تود البقاء في المدينة، أما بالنسبة الى المغادرين فلن يكون مسموحاً لهم نقل أي من مقتنياتهم معهم».
واشار إلى أن «المسلحين في الموصل، قاموا بكتابة حرف نون على أبواب منازل المسيحيين في المدينة، ويعني ذلك أن المنزل يعود لـ «النصارى» وقد تمت مصادرته وبات من ممتلكات الدولة الإسلامية».
ومن جانبه، اكد المطران بطرس موشي رئيس اساقفة الموصل أن مركز مدينة الموصل بات خالياً تماما من المسيحيين بعد أن انذرهم تنظيم داعش باعتناق الإسلام أو دفع الأموال مقابل حمايتهم في ما يعرف باسم الجزية أو أنهم سيواجهون الموت.
ومن جهتها، اعلنت جمعية الهلال الاحمر العراقي عن نزوح اكثر من 350 عائلة مسيحية من الموصل الى اطرافها. وقال الامين العام المساعد للجمعية إن الهلال الاحمر سجل نزوح اكثر من 250 عائلة مسيحية الى قضاء الحمدانية وقرقوش في حين وصلت 90 عائلة أخرى الى برطلة وبعشيقة. واكد أن المسلحين سلبوا ممتلكات هذه العوائل اثناء هروبها من الموصل.

وضع انساني سيء
كما اكدت مفوضية حقوق الانسان أن عدد النازحين داخل العراق يبلغ مليوناً و250 الف نازح . وقال عضو المفوضية هيمن باجلان في مؤتمر صحافي في بغداد اليوم إن التوقعات تشير الى أن هذا العدد قابل للزيادة، مشيراً الى ان «النازحين يعانون من وضع انساني متردٍ يتمثل بقلة الخيم ومياه الشرب وقلة الخدمات الطبية المقدمة، بالاضافة الى بقية الخدمات الضرورية».
وطالب باجلان الحكومة بتجاوز البيروقراطية في تعاملاتها والاسراع بصرف المبالغ المخصصة للمهجرين. ودعا وزارة النقل بتأمين رحلات جوية الى العوائل العالقة من النازحين الراغبين مغادرة اطراف اربيل الى المحافظات الجنوبية. وشدد على ضرورة قيام وزارة التربية بحل مشكلة الطلبة النازحين من طلاب المدارس والجامعات. واوضح أن المساعدات المقدمة الى العوائل النازحة تقدم بها عدد من المنظمات المحلية والدولية بالاضافة الى عدد من الدول مثل بريطانيا وتركيا وقطر وحكومة كردستان.
وتعتبر مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق وأقدمها والمرتكز السكاني للعراقيين المسيحيين، ومن بعدها بغداد والبصرة. وهي تضم 13 كنيسة وديراً، فضلاً عن كاتدرائية موغلة في القدم، وكانت قبل الاحتلال تضم أكثر من 600 ألف مواطن مسيحي مقابل 900 ألف مسلم، لكن معظم المسيحيين هاجروا البلاد إلى السويد وفرنسا وكندا وكردستان ليصبح عددهم نحو 200 ألف تفرقوا في قرى تلكيف وسهل نينوى ومركز الموصل.
وينقسم مسيحيو الموصل إلى الكلدان والسريان والكاثوليك، وتضم المدينة واحدة من أقدم الكنائس في العالم هي كنيسة مار كوركيس التي شيّدت في العام 800 ميلاديا.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق