سياسة لبنانية

«سر» الحراك الفرنسي في اتجاه لبنان: هل يصل الى «دوحة – 2» في باريس؟!

زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لبنان قبل أسابيع في إطار جولة عربية والتقى قيادات ومرجعيات سياسية ودينية كان من بينها وأبرزها البطريرك بشارة الراعي الذي قدم له مذكرة خطية… بعد أقل من شهر زار البطريرك الماروني باريس والتقى الرئيس الفرنسي مجدداً في قصر الإليزيه بعدما كان الراعي التقى عشية زيارته الرئيس سعد الحريري ونسّق معه في شأن لقائه مع هولاند، حيث أكمل في باريس ما كان بدأه في بيروت من طرح أفكار عملية ومتقدمة للخروج من المأزق الرئاسي… بعد أيام يصل وزير خارجية فرنسا «جان مارك إيرولت» الى بيروت لترجمة نتائج زيارة هولاند والبناء عليها… وبعد ذلك يصل وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف الى باريس حيث سيكون الملف اللبناني جزءا من المحادثات.
من الواضح أن باريس تحولت محوراً رئيسياً في الحركة الدولية – الإقليمية الخاصة بالوضع في لبنان. صحيح أن التأثير الفرنسي في لبنان ضعيف والأوراق التي في يد باريس محدودة، ولكنها تستفيد من وجود فجوة أتاحت لها النفاذ الى الساحة اللبنانية وأعطتها هامشاً أوسع من قبل: واشنطن دخلت «كوما» الانتخابات الرئاسية وهي في حال انكفاء عن مجمل ملفات الشرق الأوسط… موسكو تعطي أولوية مطلقة للوضع في سوريا، وحيث تبحث عن طريقة للخروج السياسي وقبل خروج أوباما من البيت الأبيض… إيران منهمكة في العراق وسوريا، والسعودية منصرفة الى اليمن وسوريا والى بناء محور إسلامي قاعدته العربية الخليج زائد مصر والمغرب والأردن…
الحركة الفرنسية الحالية لا تشبه الحركة السابقة التي لم تصل الى نتيجة بعد محاولات جرت بشكل مركز في اتجاه إيران وأقل تركيزاً باتجاه السعودية. الحركة الحالية تدور تحت سقف رغبة دولية بانتخاب رئيس للبنان وإقفال ثغرة الشغور الرئاسي في أسرع وقت، وتحت سقف «مرونة إقليمية» مستجدة، وفي ظل مناخ لبناني يبتعد عن المواجهة وينحو أكثر فأكثر في اتجاه التوافق في الملف الرئاسي. ويمكن اختصار الأجواء والعوامل الدافعة في اتجاه انتخاب رئيس في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة في ثلاث نقاط أساسية:
– قناعة تزداد رسوخاً بأن لا إمكانية لانتخاب المرشحين المتواجهين عون وفرنجية، وأن كل واحد منهما يلغي فرص وحظوظ الآخر، وأن مقولة الرئيس القوي أخلت مكانها لمقولة «الرئيس التوافقي».
– خطورة الوضع في سوريا المقبلة على أيام صعبة ومعارك عنيفة وما ينطوي عليه ذلك من مخاطر وانعكاسات تصيب لبنان، حيث الوضع السياسي والأمني على درجة من الدقة والهشاشة، ما يستوجب تحصينه وإقفال كل ثغراته ونقاط ضعفه بدءا من نقطة الفراغ الرئاسي.
– الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستؤدي من جهة الى تجميد ملفات وأزمات المنطقة لفترة سنة بدءاً من الصيف المقبل، ويمكن أن تسفر من جهة ثانية عن سياسة أميركية جديدة في المنطقة.
كل هذا الوضع يدفع في اتجاه التعجيل في بت الملف الرئاسي. فإذا لم يبت في الفترة الواقعة ما بين الربيع والصيف، فإنه سيكون بحكم المؤجل لسنة على الأقل. ويجري التداول في الكواليس بأفكار ومقترحات كان من بينها اقتراح رئيس انتقالي لسنتين ولكنه سقط سريعاً وفي مهده… وأما الفكرة الأساسية التي تروج حالياً فهي إمكانية تكرار سيناريو 2007 – 2008 الذي كان خاتمته في الدوحة وأفضى الى تسوية سياسية جرى انتخاب رئيس الجمهورية على أساسها… في الكواليس السياسية والدبلوماسية كلام عن «دوحة – 2» تجري هذه المرة في باريس «المتحمسة» لاستضافة حوار لبناني على طريقة «مؤتمر سان كلو» والباحثة مع دول إقليمية عن تسوية سياسية للأزمة الرئاسية على غرار تسوية الدوحة التي قامت على ثلاثة مرتكزات: رئاسة، حكومة، قانون انتخابات… ولكن «دوحة – 2» ستضاف إليها عناصر وبنود جديدة أبرزها: اللامركزية الإدارية ومجلس الشيوخ وهيئة إلغاء الطائفية السياسية، وكلها بنود تحت سقف الطائف مع بقاء قانون الانتخاب جوهر المشكلة وأساس الحل ومحور المعركة والحوار لأن الاتفاق عليه أصعب من الاتفاق على رئيس الجمهورية…
السؤال: إذا كانت «تسوية الدوحة» حصلت عام 2008 «على الساخن» بعد معارك نهر البارد وأحداث 7 أيار (مايو)، هل تحصل «دوحة – 2» «على البارد» أم يتطلب إنضاجها وتسريعها أحداثاً ساخنة؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق