أبرز الأخبار

سوريا: المفخخات توقع عشرات القتلى، والمعارضة تنشغل بـ «صراع النفوذ»

تطورات مثيرة، طفت على سطح المشهد السوري خلال الايام القليلة الفائتة. فبينما سيطر صراع النفوذ على تفاصيل العلاقة داخل اطياف المعارضة، ادى ذلك الى خسرانها احد الحقول الغازية التي سبق ان سيطرت عليها في وقت سابق.

وبالتزامن، وعلى عكس المتوقع، خسرت القوات النظامية بعض المواقع في محافظة الرقة، وخسرت عشرات القتلى في حوادث مفخخات. وفي هذا الصدد تشير التحليلات الى ان التطورات الاخيرة ادت الى خلط الاوراق، وزيادة عدد نقاط التماس التي من شأنها ان تضفي نوعا من الظلال على الصورة، وتزيد من قتامة المشهد.
فقد اعلن تنظيم  الدولة الاسلامية انه اعدم العشرات من ضباط وجنود النظام السوري الذين وصفهم بانهم «فارين من الفرقة 17» المتمركزة في محافظة الرقة، بينما سقط عدد من القتلى في انفجار سيارتين مفخختين بمنطقتين حدوديتين مع تركيا، واستعادت قوات النظام السيطرة على حقل نفطي في حمص.
وأعلن تنظيم الدولة أنه أعدم أكثر من 150 من ضباط وجنود النظام «الفارين من الفرقة 17 في الرقة»، بينما لقي عدد من عناصر التنظيم حتفهم في اشتباكات مع فارّين آخرين. وبث التنظيم صورا تظهر جنود النظام الذين أعدمهم في الرقة مقطوعي الرؤوس.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن مئات العناصر من قوات النظام انسحبوا إلى أماكن آمنة أو نحو اللواء 93 المجاور، وأشار إلى أن مصير نحو مائتي عنصر لا يزال مجهولاً.
وبعد سيطرة التنظيم على مقر الفرقة 17 – وهو قاعدة عسكرية كبيرة لقوات النظام – تكون القوات النظامية قد خسرت أحد آخر ثلاثة مواقع لها في محافظة الرقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة. والموقعان المتبقيان حالياً هما مقر اللواء 93 والمطار العسكري في مدينة الطبقة غرب المحافظة.

مقتل ثلاثين جندياً
وأفاد المرصد السوري بمقتل ما لا يقل عن ثلاثين عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، إثر كمين نصبه لهم تنظيم الدولة بين قريتي المقبلة والرحمانية في ريف حلب الشرقي، وفي اشتباكات بين الطرفين في محيط قرى طعانة والرحمانية واعبد والمقبلة الواقعة شرق وشمال شرق مدينة حلب.
وتحدث المرصد عن سقوط مروحية تابعة للنظام في حلب، وقال إن دوي انفجار سمع خلال الليلة الماضية في مخيم النيرب الذي تسيطر عليه قوات النظام، تبين أنه ناجم عن انفجار مروحية بعد استهدافها من قبل مسلحين بصاروخ.
وأوضح أن الطائرة سقطت فوق مبنى سكني في المخيم، مما أدى إلى مقتل طفلة وإصابة مواطنين عدة بجراح خطرة، كما قتل طاقم الطائرة المكون من ثلاثة ضباط وضابطيْ صف.
من جانب آخر قالت تقارير اخبارية، إن خمسة مدنيين قتلوا وأصيب عشرات جراء انفجار سيارة ملغمة وسط سوق مزدحم في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي. وبعد ذلك بنحو ثلاث ساعات، انفجرت سيارة أخرى في بلدة أطمة الحدودية مع تركيا في محافظة إدلب، وتسببت في مقتل عشرة أشخاص وجرح 22 آخرين.
وتجددت معارك بين تنظيم الدولة الإسلامية وفصائل من المعارضة المسلحة في قرية إخترين القريبة من مدينة إعزاز، حيث يسعى التنظيم إلى استعادة السيطرة على إعزاز التي انسحب منها قبل أربعة أشهر.
من جهة ثانية، أكد تنظيم الدولة أنه سيطر على كامل الفوج 121 التابع لقوات النظام والمعروف باسم فوج الميلبية قرب مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، وذلك بعد معارك دارت لأيام بين مقاتلي التنظيم وقوات النظام. ويعتبر الفوج من أكبر التشكيلات العسكرية في محافظة الحسكة التي تخضع معظم مناطقها لسيطرة النظام وما تعرف بقوات الدفاع الوطني.

استعادة حقل نفطي
وفي حمص استعادت قوات النظام السوري مساء السبت حقل الشاعر النفطي من تنظيم الدولة بعد أكثر من أسبوع على استيلاء التنظيم عليه.
وأكد الجيش السوري استعادة الحقل «بعد عملية نوعية قضى خلالها على أعداد كبيرة من الإرهابيين».
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إن القوات النظامية استعادت حقل الشاعر بعد معارك عنيفة اندلعت صباحاً واستمرت طيلة النهار، وأشار إلى أن القوات النظامية «استعادت كل أجزاء الحقل ومنشآته والتلال المحيطة به».
وسيطر تنظيم الدولة على الحقل يوم 17  تموز (يوليو) الجاري في معركة دامية قتل فيها أربعون من مقاتليه وأكثر من 270 من عناصر القوات النظامية وجيش الدفاع الوطني الموالي له وحراس الحقل والعاملين فيه، بحسب المرصد.
واصدرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة بياناً اعلنت فيه «ان وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية أحكمت سيطرتها الكاملة على جبل الشاعر وحقول الغاز في ريف حمص الشرقي بعد عملية نوعية دقيقة قضت من خلالها على أعداد كبيرة من إرهابيي ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية».
ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» عن البيان تأكيده ان قوات الجيش «دمرت أدوات إجرامهم، وتقوم وحدات الهندسة بإزالة الألغام والعبوات المتفجرة التي زرعتها العصابات الارهابية في المنطقة».
ويسيطر داعش على عدد كبير من حقول النفط في محافظة دير الزور في شرق سوريا. وكانت السيطرة على حقل الشاعر بداية المواجهات العنيفة بين القوات النظامية وتنظيم «الدولة الاسلامية» اللذين لم تفد التقارير عن مواجهات كبيرة بينهما منذ ظهور التنظيم في سوريا في 2013.

تصعيد المواجهات
وتشهد هذه المواجهات تصعيداً جديداً منذ الخميس الفائت، في معارك بين الجيش السوري وتنظيم «داعش» في ريف الرقة وريف حلب، وريف الحسكة. وتمكن داعش  من السيطرة على مقر الفرقة 17 شمال مدينة الرقة، وهو قاعدة عسكرية كبيرة لقوات النظام. وبذلك تكون قوات النظام خسرت احد آخر ثلاثة مواقع لها في محافظة الرقة التي يسيطر عليها «داعش».
وقتل في معركة الرقة منذ الخميس 85 عنصراً من قوات النظام غالبيتهم اعدموا لدى وقوعهم في كمين نصب لهم اثناء انسحابهم من مقر الفرقة 17، وقطعت رؤوسهم وعرضت في مدينة الرقة، بحسب ما افاد المرصد واظهرت حسابات اسلاميين متطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي. كما قتل 28 مقاتلاً من داعش.
في الاثناء، وضمن ما اطلق عليه «صراع النفوذ» تمكن مقاتلو المعارضة السورية في الفترة الاخيرة من دفع مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية خارج المناطق المحيطة بدمشق الا ان هؤلاء لا زالوا يدافعون عن مواقعهم في ثلاثة احياء في جنوب العاصمة.
وفي معركة اطلقوها منذ ثلاثة اسابيع، تمكن مقاتلو المعارضة من طرد عناصر التنظيم من اربع بلدات جنوب شرق دمشق هي مسرابا وميدعا في الغوطة الشرقية اضافة الى يلدا وبيت سحم.
وتراجع مقاتلو التنظيم الى احياء الحجر الاسود والتضامن والقدم في جنوب دمشق، وسط معلومات تشير الى انهم يتمتعون بوجود قوي في هذه الاحياء. وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، اندلعت معارك عنيفة  بين عناصر الدولة الاسلامية ومقاتلي المعارضة، في حيي الحجر الاسود والقدم. واشار مدير المرصد، الى ان مقاتلي المعارضة يريدون انهاء وجود الدولة الاسلامية في المناطق المحيطة بدمشق.

ملاحقة الدولة الاسلامية
وقال عبد الرحمن الشامي وهو متحدث باسم جيش الاسلام المنضوي تحت لواء الجبهة الاسلامية والمتواجد بكثافة في ريف دمشق ان المعركة مع الدولة الاسلامية بدأت منذ نحو ثلاثة اسابيع بعدما تقدمت مراراً الى «مواقعنا، ومواقع لكتائب اخرى لقتل مجاهدينا». واضاف «لم يكن لدينا خيار آخر سوى الدفاع عن انفسنا. فنحن تحت حصار خانق من النظام، والدولة الاسلامية تطعننا في ظهرنا».
واكد الشامي انه لم يعد للدولة الاسلامية اي قواعد في الغوطة الشرقية، وان مسلحيه يلاحقون «فلول هذا التنظيم». وبحسبه، تدور خلال الايام الاربعة الاخيرة معارك في جنوب دمشق وانه «لم يعد ثمة وجود قوي له في محيط دمشق».
واستمراراً لـ «صراع النفوذ» بين فصائل المعارضة، وفي الشمال الغربي، اندلعت معارك عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في ادلب، بين «حركة احرار الشام» المنضوية تحت لواء الجبهة الاسلامية، وحركة «حزم» المرتبطة بهيئة الاركان التابعة للائتلاف المعارض، بحسب المرصد وناشطين. واغلق المعبر بنتيجة الاشتباكات التي ادت الى سقوط جرحى، قبل التوصل الى اتفاق لاعادة فتحه مبدئياً صباح الاثنين.
وبحسب الناشطين، اندلعت الاشتباكات بعدما ارسلت «حزم» عدداً من عناصرها ليشاركوا «احرار الشام» الحاجز المقام على المعبر، وهو ما رفضته الاخيرة. واستمرت الاشتباكات ساعة، وتلاها استنفار بين الجانبين، قبل تدخل الجبهة الاسلامية للتوسط. ووضع مدير المرصد الاشتباكات في اطار صراع النفوذ لتسهيل حركة العبور من تركيا واليها. ويعد المعبر نقطة اساسية لمرور مقاتلي المعارضة والمقيمين في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا.
وفي المعارك مع قوات النظام، قتل تسعة مقاتلين معارضين خلال معارك مع القوات النظامية في ريف درعا الغربي، وذلك في اطار معركتين اطلقهما 26 فصيلاً مقاتلاً بهدف قطع خطوط امداد النظام نحو مدينة درعا، عبر السيطرة على بلدتي خربة غزالة، والمفطرة. وقالت وكالة الانباء الرسمية السورية ان القوات النظامية منعت محاولة تسلل «إرهابيين» الى نقاط عسكرية في محيط خربة غزالة.

انهيار القوات النظامية
وبحسب مصادر في قوات المعارضة، انهارت القوات النظامية بشكل سريع مع بدء قوات المعارضة الهجوم على قرية الشيخ سعد في الريف الغربي للمحافظة. حيث  بدأ المئات من عناصر الجيش النظامي في الثكنات المحيطة بالانسحاب إلى نقاط خلفية في منطقتي نوى والشيخ مسكين على الرغم من وجود ذخيرة وسلاح لديهم تكفي للحرب لمدة شهر بحسب تقديرات قوات المعارضة.
وتقول مصادر الثوار إن سيطرتهم على كتيبة النقل جنوب الشيخ سعد استغرقت نصف ساعة فقط.
ولم يبد جنود الجيش النظامي مقاومة كبيرة، كما تمكنت قوات المعارضة من السيطرة على كتيبتي المشاة والدبابات في اللواء61 والقرية التي يتحصن فيها الجيش النظامي منذ أكثر من عام في غضون ست ساعات. وتعد المنطقة آخر معاقل (اللواء61 حدودي) أكبر لواء في سوريا، ولكنه اختفى الآن بعد عمليات عديدة سيطرت فيها المعارضة على تلال الجابية، والجموع وعشترة وكتائب عديدة من اللواء.
ووصف أبو إدريس الحوراني المسؤول الإعلامي لحركة المثنى الإسلامية معنويات جنود الجيش النظامي الموجودين في المنطقة بانها منهارة تماماً وخصوصاً بعد السيطرة على تلال عدة في المنطقة مؤخراً، وترك العتاد الثقيل والذخيرة بهذه الكميات الكبيرة ينم عن هذا الانهيار في صفوف الجيش، وأكثر من ألف جندي من الجيش النظامي كانوا يتحصنون بشكل خاص داخل قرية الشيخ سعد وعدد قليل منهم في الكتائب المحيطة بها جنوبا وشرقا وغربا وهؤلاء انسحب غالبيتهم بعد ساعات قليلة من انطلاق المعركة.
ويرى أبو خالد – القيادي في حركة المثنى – أن سرعة سيطرة الثوار على كتيبة النقل ساهمت في تسريع انهيار كتيبتي المشاة والدبابات بعد معارك استمرت خمس ساعات هرب بعدها الجنود بالآليات المدنية التي كانوا سرقوها من المواطنين وتركوا لنا الدبابات وكميات كبيرة من الذخائر.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق