رئيسيسياسة عربية

السعودية: توافق سعودي – فرنسي حول سوريا وتنسيق مشترك لتسليح «الجيش الحر»

منذ الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الى العاصمة الفرنسية باريس قبل اربعة اعوام، خطت العلاقات الفرنسية – السعودية خطوات عديدة الى الامام، وفي شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها من المجالات.

المتابعون لشأن تلك العلاقات يتوقفون عند قفزات نوعية حققتها العلاقات المتميزة اصلاً بين البلدين. ويبدو ان المنحنى التصاعدي في هذا المجال ارتفع بشكل لافت سياسياً وامنياً بحكم العديد من التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم، واستناداً الى تطابق الموقف للبلدين في ما يخص هذه التطورات، وفي مقدمتها تطورات الملف السوري، حيث تتخذ الدولتان موقفاً صلباً من ممارسات النظام السوري، وتصران على دعم المعارضة السورية المنضوية ضمن اطار الجيش الحر، بالامكانات اللازمة لتمكينها من الصمود في وجه  الجيش النظامي.
وبالتوازي حققت العلاقات بين البلدين قفزات نوعية في مجالات التبادل التجاري، وصولاً الى تنسيق مشترك في المجالات الاستثمارية. اضافة الى مشاركة فرنسا في مشروع التنوع في مصادر التسليح التي قررت الدولة السعودية اعتماده لاغراض متعددة بعضها سياسي وبعضها الاخر عسكري.
ضمن هذا السياق جاءت زيارة وزير الدفاع الفرنسي  جان إيف لو دريان، الذي زار المملكة خلال الاسبوع الفائت، حيث اجمع المتابعون على اعتبار تلك الزيارة ناجحة بكل المقاييس. فعلى مدى يومين، اجرى الوزير الفرنسي مباحثات مع عدد من كبار المسؤولين السعوديين، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وولي العهد الامير سلمان، ووزير الداخلية محمد بن نايف، اضافة الى عدد من القادة العسكريين.

مباحثات سياسية وعسكرية
وأفادت وكالة الأنباء السعودية أن المباحثات مع الأمير سلمان، وهو وزير الدفاع أيضاً، شملت العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى آخر التطورات الإقليمية والدولية. كما التقى وزير الدفاع الفرنسي نائب وزير الدفاع الأمير سلمان بن سلطان في وقت لاحق. كذلك استقبل الأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان والوفد المرافق له. وجرت خلال الاستقبال مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
المباحثات التي تراوحت ما بين البعدين السياسي والعسكري، كانت ناجحة بدرجة كبيرة جداً – كما يقول المسؤول الفرنسي رفيع المستوى – والذي التقى العاهل السعودي واجرى معه محادثات تناولت مجالات التعاون المشترك وسبل تطويرها، والموقف من ملفات المنطقة ومنها الملف السوري.
ففي ختام لقائه العاهل السعودي، اعلن الوزير الفرنسي أن بلاده تدعم الائتلاف السوري المعارض سياسياً وإنسانياً وعسكرياً، وانها تعمل لكي يكون الائتلاف جزءاً من مؤتمر «جنيف – 2»، مؤكداً ان السعودية تشارك بلاده هذا الموقف.
واعرب الوزير الفرنسي عن امله بان يحقق «جنيف -2» النجاح مكرراً القناعة بانه لا حل عسكرياً في سوريا، وانه يتوجب أن يجلس الجميع على الطاولة للتوصل إلى حل انتقالي. واكد أن بلاده تدعم الجيش الحر بقيادة اللواء سليم إدريس ولا تدعم غيره، معرباً عن امله بأن ينظم المسلحون أنفسهم حول هيئة الأركان بقيادة إدريس بشكل أفضل لكي يتفادوا أن تسيطر عليهم العناصر المتطرفة التي قال انها لا تفيد إلا الرئيس السوري بشار الأسد.
ورفض لو دريان توضيح نوعية المساعدات العسكرية التي تقدمها بلاده للجيش الحر، مؤكدا انها «معدات عسكرية وتدريبات» ويجري ارسالها بكل شفافية مع الاطراف المقربة، ومنها السعودية.
وأكد لو دريان تطابق المواقف مع السعودية حيال سوريا، مشيراً إلى أن لقاءه مع خادم الحرمين الشريفين يعتبر إشارة إلى قوة ومتانة العلاقة والاتفاق الكبير في وجهات النظر حيال الأزمات العديدة التي تعصف بالمنطقة.
وكان لو دريان أجرى محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز شملت العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها، بالإضافة إلى آخر التطورات الإقليمية والدولية. كما التقى وزير الدفاع الفرنسي نائب وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن سلطان في وقت لاحق. وبحسب اوساط متابعة شملت المحادثات فضلاً عن الأمور السياسية، «التعاون الثنائي في مجال الدفاع والصادرات والمشاريع الصناعية».

الحل السياسي
الى ذلك اكد الوزير الفرنسي في مؤتمر صحافي عقب اختتام محادثاته مع المسؤولين السعوديين دعم بلاده للمعارضة السورية بالأسلحة. لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة حل الأزمة السورية بالطرق السياسية، وليس العسكرية، ووصف ما يجري على الأراضي السورية بـ «الحرب الأهلية».
وأكد الوزير أن المحادثات تطرقت إلى كل من سوريا وإيران، مشيراً الى أن تقويم الوضع في سوريا «تقويم مشترك». وركّز على أن فرنسا تعرف أن الحل لهذه الحرب الأهلية لن يكون إلا سياسياً، وذلك عن طريق تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات شاملة، بعد مؤتمر «جنيف – 2».
وبالنسبة الى الوضع الإيراني، اكد الوزير الفرنسي انه لاحظ تطوراً ايجابياً في الخطاب الإيراني، وادرك ان هناك إرادة واضحة للانفتاح، وهو ما عبر عنه الرئيس الجديد روحاني. وفي مجالات التعاون التقني، كشف جان إيف لو دريان النقاب عن توقيع عقد بقيمة 1،3 مليار يورو لتجديد مشروعي «الصواري – 1»، و«الصواري  – 2» وهما عبارة عن قطع بحرية سعودية بحاجة الى تطوير مشيراً الى ان هذا العقد سيدخل حيز التنفيذ فوراً. ومن ابرز عناصره، تحديث أربع فرقاطات وسفينتي إمداد بالنفط دخلت الخدمة في أواسط الثمانينيات.
واضاف انه جرى البحث في بعض مجالات التعاون المستقبلي ومنها  التعاون في الفضاء، والدفاع الجوي، والدفاع ضد الصواريخ، والحرب الإلكترونية، وكذلك في مجال البحرية، مبيناً أن أهمية هذا العقد تكمن في أن جانباً كبيراً منه سيجري تنفيذه في السعودية، حيث ستشارك الصناعات السعودية في هذا المشروع.
بالتوازي اشار بعض المصادر المتابعة الى ان المباحثات الفرنسية – السعودية تناولت مشروع تحديث الدفاعات الجوية السعودية. ويتضمن هذا المشروع، الذي تناهز قيمته ملياري يورو، تزويد الجيش السعودي بصواريخ أرض – جو من طراز «كروتال» من الجيل الجديد، تصنعها مجموعة «تاليس» وتزود الجيش الفرنسي بها منذ التسعينيات.

جدة – « الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق