سياسة لبنانية

لماذا اصبح موقف ايران من رئاسة الجمهورية اكثر ليونة وماذا يقول جيرو؟

كشفت مصادر أن الموفد الفرنسي فرنسوا جيرو حرص خلال محادثاته في لبنان على إعطاء انطباع واضح لدى القوى السياسية بأن «الموقف الإيراني بات أكثر مرونة وتسهيلاً من ذي قبل حيال الاستحقاق الرئاسي»، مشيرة إلى أن الموفد الفرنسي استخدم في هذا السياق تعبيراً مفاده أن «إيران أصبح لديها إحساس بمخاطر الفراغ الرئاسي على لبنان أكثر من أي وقت سابق».
وتختلف القراءات بصدد الأسباب التي جعلت طهران «تعدل» اليوم موقفها من الانتخابات الرئاسية في لبنان، وتقبل اليوم الخوض في ملف كانت ترفض سابقاً مناقشته بحجة أنه «من اختصاص اللبنانيين». بيد أن دبلوماسيين فرنسيين وعرباً يجمعون على القول إن إيران «تريد أن تفهِم الغرب أنها جد متعاونة» في ملفاتها الخلافية معه. ففي الملف النووي، الجميع يشيد برغبة إيران في التوصل إلى اتفاق. وفي الملف العراقي، تجد إيران نفسها إلى جانب التحالف الدولي في خط مواجهة «داعش».
ورغم الاختلاف الجذري بين غالبية دول التحالف وإيران بصدد سوريا، فإن الجميع يقاتل «داعش». طهران تقاتلا، إما بالواسطة عبر قوات النظام السوري الذي تدعمه سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وإما مباشرة عبر خبرائها وميليشياتها. ولذا، فإن الانفتاح الإيراني في لبنان يعد «طبيعياً» وامتداداً لمظاهر الانفتاح الأخرى. والجدير بالذكر ان جيرو يزور ايران اليوم ومن بعدها السعودية لبحث ملف الرئاسة اللبنانية.
وأشارت مصادر مواكبة لجولة جيرو الذي التقى مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله عمار الموسوي الى أن الأول بدا واضحاً في طرحه خلال لقائه عون أن مهمته السعي لإيجاد مرشح توافقي، بعيداً عن ترشيحي عون وجعجع. وأشارت مصادر مستقبلية إلى أن حراك جيرو «لن يسهم في حلحلة الوضع. الرئاسة في لبنان لا تزال بعيدة جداً».
وفي ما يتعلق برمي جيرو الطابة في ملعب الأحزاب المسيحية، داعياً إياها إلى التوافق على رئيس، تقول المصادر إن «هذا يعني أن جيرو ينعى تحركه قبل انتهائه، فالكل يعرف أن توافق المسيحيين من سابع المستحيلات».

هولاند والحريري
استرعى الانتباه تلقي الرئيس سعد الحريري اتصالاً من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ويؤشر هذا الاتصال في رأي مصادر سياسية إلى حرص هولاند على وضع الحريري في صورة لقاءات جيرو، ويدلل على مدى الاهتمام الفرنسي بهذه الزيارة والتعويل عليها لتحقيق خرق رئاسي.
ويقول مصدر سياسي في 8 آذار وهو من الذين يعتقدون أن الحوار لن يوصل الى مقاربات مشتركة في الشأن الرئاسي، إنه طالما لم يحصل تقدم فعلي على مستوى الوضع الإقليمي فمن الصعوبة أن يتمكن الفرقاء اللبنانيون من الاتفاق على اسم المرشح لرئاسة الجمهورية.
ويرى هذا المصدر أن الحوار يمكن أن يخلق مناخات داخلية من شأنها تسهيل تنفيذ التفاهمات الخارجية عندما يحين أوان هذه التفاهمات. ويضيف أن حوار حزب الله وتيار المستقبل وربما إطلاق حوارات أخرى لاحقاً من شأنها أن تهيىء الوضع السياسي الداخلي عندما تحصل تسويات خارجية، خصوصاً ما بين إيران والسعودية.
ويضيف المصدر إنه حتى لو حصلت تفاهمات إقليمية، فالمدخل الوحيد لحل أزمة الرئاسة يكون من خلال التفاهم مع العماد ميشال عون، وهذا التفاهم لا يمكن أن يحصل إلا من خلال إقرار تيار المستقبل السير بترشيح عون وفي الحد الأدنى أن يكون للعماد عون القرار الفصل في تحديد اسم المرشح مع حصوله على ضمانات بما يتعلق بمرحلة ما بعد انتخاب الرئيس الجديد.

تفاؤل بالحوار
وتبدي أوساط سياسية تفاؤلها بإمكانية نجاح الحوار بين المستقبل وحزب الله في إحداث الاختراق وتحريك الوضع وإخراجه من حال الركود والاستنقاع وفي الوصول الى ما يمكن تسميته «دوحة لبنانية» عبر اتفاق مثلث الأطراف يشمل رئاسة الجمهورية والحكومة الجديدة وقانون الانتخاب… وهذا السيناريو يعني عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان وعودته الى رئاسة الحكومة. فهو إما أن يعود الى رئاسة الحكومة وإما لا معنى سياسياً لعودته، وهو إما يعود بالاتفاق مع حزب الله وتحت مظلة الحوار معه وإما تكون عودته غير مستقرة وغير نهائية كما حدث عندما عاد في الصيف الماضي بطريقة مباغتة وغير منسقة مع أحد، وكان أن تجاهل حزب الله وجوده ولم يرحب بعودته ولم يسعَ الى لقاء أو اتصال معه.
وحسب قراءة هذه الأوساط، انتخاب الرئيس التوافقي يفتح الطريق تلقائياً وحكماً أمام حكومة جديدة، والحريري يرى أنه حان أوان عودته الى لبنان والى رئاسة الحكومة. وإذا كان خرج مطلع عام 2011 بقرار من حزب الله، فإنه يعود بحوار معه… وإذا كان انتظر في السنوات الأربع الماضية سقوط الرئيس بشار الأسد ليعود الى بيروت عبر مطار دمشق، فإنه توصل الى استنتاج خصوصاً بعد المتغيّرات الأخيرة في المنطقة وتعقيدات الحرب على «داعش» والتحالف الدولي وتشابك المصالح أن الأزمة السورية طويلة ولا حل سياسياً لها ولا حسم عسكرياً حتى إشعار آخر وطويل. ولذلك فإن من الأفضل فك الارتباط بين الملفين السوري واللبناني، بما في ذلك وضع دور حزب الله وقتاله في سوريا جانبا، والبحث عن حلول وتسويات محلية موضعية لتمرير المرحلة بأقل خسائر وأضرار وفي ظل استقرار نسبي.
ويقول مصدر ديبلوماسي روسي: «صحيح أن بوغدانوف طرح مسألة المرشح التوافقي، لكننا لا نعتقد أن موقفاً كهذا، في هذه الظروف اللبنانية يعني وجود توجه لدينا لمصلحة أحد الطرفين. ولا علاقة للموقف الروسي بمسألة استبعاد مرشح أو بأن روسيا تريد أن تنحاز لأي من التكتلين الكبيرين، والحديث عن رئيس توافقي»…
ويعود حذر الجانب الروسي حيال فكرة البحث عن رئيس توافقي الى أن الجهود الدولية في هذا الصدد ما زالت قائمة ومستمرة لدفع اللبنانيـين الى انتخاب رئيس، وبالتالي فإن تفسير هذا التوجه على أنه استبعاد لمرشح أو مرشحين، سيؤدي بقوى خارجية الى اتهام روسيا بأنها تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، وبالتالي يزيد من تعقيد الأمور فتطرح قوى خارجية مرشحاً آخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق