افتتاحية

بين تعنت وتعنت… لبنان في خطر

التعنت والعناد والاستبداد والفوقية كلها عناوين لمعنى واحد وهي تطبع المرحلة الراهنة في لبنان فتزيد من الاخطار الكبيرة جداً التي تهدد الوطن.
فالفئات اللبنانية المتعددة تنطبق عليها هذه العناوين وان بنسب متفاوتة، وكلها تعمل من اجل مصالحها الخاصة او مصالح الجهات التي تدعمها، بعيداً عن المصلحة الوطنية العليا التي اصبحت يتيمة لا تجد من يدافع عنها او يعمل من اجلها.
فهناك فئة تصر على عنادها بان سياسة النأي بالنفس التي تدعو اليها الحكومة غير ذات فائدة، وبالتالي فهي مستمرة في تأييدها التدخل في الخارج لمصلحة اطراف عديدة الا المصلحة الوطنية. قد تكون هذه الفئة على حق، ولكن لماذا لا تجرب سياسة النأي بالنفس، بعدما خبرت مخاطر التدخل في الخارج؟ فاذا صح قولها تكمل مهمتها وتصبح الاعتراضات بلا قيمة. اما اذا ثبت ان خيارها هو الخاطىء فتتخلى عنه وتعود الى الوطن، المهم التراجع عن هذا العناد.
وهناك فئة يضرب تعنتها وعنادها الحياة السياسية في لبنان، فتعطل المؤسسات وتشل حركة الدولة، وتدفع الوطن الى حافة الهاوية. هذه الفئة آلت على نفسها الا تهتم بالمصلحة الوطنية، ذلك ان مصلحتها الخاصة هي فوق كل اعتبار، فعمدت الى مقاطعة انتخابات رئيس للجمهورية، مع علمها الاكيد ان الجسم بلا رأس لا يمكن ان يحيا بصورة طبيعية، فكيف يمكنها ان تستمر في سياستها هذه، وكيف يمكن ان تتسلم مقدرات البلاد وهي تعمل على ضربها؟ فهل تعتقد انها بسياستها هذه ستصل الى اهدافها؟
نقول هذا اذا ثبت ان هذه الفئة تعمل لمصلحتها الخاصة دون اي ضغوط خارجية، ودون ان تكون قوى اخرى رسمت لها طريقها. اما اذا ثبت انها تعمل لمصلحة فريق، فهناك تكون الطامة الكبرى. طبعاً ان الايام والاشهر القليلة المقبلة ستكشف المستور، ويظهر كل شيء الى العلن، ويتحمل كل طرف مسؤوليته تجاه لبنان وتجاه شعبه.
ان سياسة التعطيل التي دأبت هذه الفئة على اتباعها اعطت في الماضي نتائجها وحققت لها ما ارادت، ولو على حساب الوطن فما الهم؟ اليست مصلحتها هي الاهم؟
مئة يوم تقريباً انقضت ولبنان بلا رئيس أليست هذه المدة كافية لتقتنع هذه الفئة بان لا امل لها في ايصال من تريد الى بعبدا، فتراجع حساباتها وتقدم مصلحة البلاد على كل المصالح الاخرى؟
الفئة الاخرى وجهت ضربة قوية الى القطاع التربوي برمته وكان يمكن ان تضرب مستقبل مئة واربعين الف طالب اخذوا رهائن دون ان يكون لهم اي ذنب، او ان يكونوا طرفاً في النزاع الدائر بين هيئة التنسيق والدولة.
وما يدعو الى العجب ان هيئة التنسيق ومن ضمنها نقابة المعلمين، وبعد كل العناد والتعنت والاستبداد والفوقية التي خاطبت بها الرأي العام اللبناني، لا تزالان على عنادهما، وهما تريدان تحميل وزارة التربية عدم حصول الطلاب على شهادات، مع ان الوزارة تصرفت انقاذاً لمستقبل جيل كامل اراد المعلمون ان يتلاعبوا به ويسخروه خدمة لمصالحهم الشخصية، عمدت ولو مكرهة الى اعطاء الطلاب افادات تساعدهم على اكمال حياتهم. فهل هذا هو الضمير التربوي الذي عالج به المعلمون مصلحة جيل كامل؟ ان التربية رسالة مقدسة. فكيف سمح من يعملون في القطاع التربوي لانفسهم بالتلاعب في مستقبل شباب لبنان؟ وبأي لهجة فوقية خاطبوا اللبنانيين واغرقوهم في تهديداتهم وهم لا يزالون مستمرين؟
لقد قلنا الكثير في هذه القضية ولن نكرر ما قلناه. فاللبنانيون كلهم يعرفون من تلاعب بمصير الطلاب واخذهم رهينة تحقيقاً لمصالح خاصة. ولن نكرر التنبيه الى دور لجان الاهل او بعضها على الاقل والتي تخلت عن مسؤولياتها لاغراض ليست خافية على احد. كما نكرر ايضاً وايضاً تحذير المدارس مما يخطط له المعلمون في مطلع السنة الدراسية الجديدة وقد اصبحت على الابواب، وندعوها الى اخذ احتياطاتها.
واخيراً شكراً لوزير التربية لانقاذه العام الدراسي، وان مكرهاً، في ما اتخذه من قرارات.
ايها المتخاصمون على مغانم هذا الوطن تخلوا قليلاً عن تعنتكم ليبقى لكم وطن، والا لا تعود الندامة تنفع.

«الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق