سياسة لبنانيةلبنانيات

عن اي تضامن يتحدث ميقاتي والانقسامات حادة والولاءات متعددة

هل يتطلع اللبنانيون الى مصلحتهم ولو مرة واحدة لا الى مصلحة الزعيم الذي يستخدمهم؟

قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان لبنان بتضامن الجميع يمكنه ان يخرج من الوضع الذي يتخبط فيه، ويجتاز الازمة غير المسبوقة بشهادة العالم كله. انه كلام صحيح ولكنه اقرب الى الحلم من الحقيقة. فعن اي تضامن يتكلم، والخلافات تعصف بالبلد من كل الجهات، والانقسامات الداخلية بلغت حداً مقلقاً. فكل طرف يحمل على الاطراف الاخرى ويزيد الساحة الداخلية توتراً حتى عدنا الى اجواء سابقة، لا نريد ذكرها ولا نحب ان نسمع بها ولا ان نعود اليها.
مجلس الوزراء معطل لماذا؟ لان المعطلين لا يريدون الوصول الى الحقيقة في جريمة انفجار المرفأ، فكأن 220 ضحية و6500 جريح وتدمير جزء كبير من العاصمة لا يستحقون ان يكمل التحقيق حتى النهاية، ليكشف من ادخل نيترات الامونيوم الى المرفأ، ومن امر بتخزينها ومن غطاها الى اخر الاسئلة، التي تتردد على السنة اللبنانيين كلهم، ومعهم المجتمع الدولي باسره، الذي وصف هذه الجريمة بانها الافظع منذ مئة وخمسين عاماً.
ويترافق تعطيل مجلس الوزراء مع تعطيل الادارة. فالموظفون لا يداومون في مكاتبهم بحجة ارتفاع اسعار المحروقات، ومصالح المواطنين معطلة، وغياب الموظفين ينعكس على كل القطاعات ووصل الى القضاء. واصبح المسؤولون والقضاة مضطرين الى تأجيل الدعاوى، وهي اصلاً متراكمة ولا تسير بالسرعة التي يجب ان تكون عليها.
هذا الشلل المسيطر ينعكس ايضاً على الوضع العام فيزيده جموداً وتراجعاً. فالازمة مع دول الخليج على حالها، ولا قرارات بشأن حلحلتها باستثناء بعض التصاريح التي لم تعد الدول المعنية تأخذ بها. فالمهم العمل لا الاقوال كما قال وزير خارجية المملكة العربية السعودية. ويدرك المسؤولون انه في حال حلت ازمة الخليج وعادت العلاقات الى طبيعتها، فانعكاساتها ستكون كبيرة على الوضع الاقتصادي. فهي تفرج الصناعيين الذين كانوا يصدرون منتجاتهم الى الاسواق الخليجية. وقد تهددت معاملهم اليوم من جراء اقفال الحدود بوجههم، نتيجة السياسة الخاطئة التي يسلكها المسؤولون، والتي ابعدت لبنان عن محيطه العربي، رغم انه من مؤسسي جامعة الدول العربية.
المفاوضات مع صندوق النقد الدولي مهددة بالوصول الى طريق مقفل، بسبب تعطيل مجلس الوزراء. فهناك عشرات القوانين والقرارات النائمة بالادراج، تنتظر استئناف العمل الحكومي لاقرارها. فهل يستطيع المعطلون تحمل كل هذه النتائج واضرارها على المواطنين فادحة؟
في بيروت اليوم الموفد الفرنسي دوكان، الذي جاء يستطلع الاوضاع في لبنان، وهل ان الحكومة نفذت ولو جزءاً يسيراً من الاصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، والتي هي حاجة داخلية ملحة. ان الاهتمام الفرنسي بلبنان يستحق الشكر والثناء، ولو كانت الدولة اللبنانية مهتمة بقدر الاهتمام الفرنسي بشعبها لتبدلت الامور، ولما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم. ولكن المنظومة متلهية بخلافاتها ومصالحها بعيداً عن مصالح اللبنانيين، وتحسين وضعهم المزري. ماذا سيقول المسؤولون للموفد الفرنسي؟ وما هي حجتهم في عدم جمع كلمة المواطنين كل المواطنين، حول مصلحة لبنان اولاً، وهو الامر الطبيعي في جميع دول العالم، الا عندنا فالانقسامات حادة والولاءات متعددة، والمصالح الخاصة تعلو فوق اي مصلحة وطنية.
من هنا يمكن القول ان الازمة طويلة والامل بالاصلاح معدوم، الا اذا جرت الانتخابات، وهذا مستبعد في نظر المراقبين، لان المنظومة المتجذرة في الحياة اللبنانية ستكون الخاسرة الاولى في هذه الانتخابات، ولذلك فهي ستعمل على خربطتها. ولكن اذا تمكن اللبنانيون من الوصول الى الانتخابات تحت الضغوط، فقد يكون التغيير عندها ممكناً. فهل يتطلع المواطنون ولو مرة واحدة الى مصلحتهم لا الى مصلحة الزعيم الذي يتسخدمهم لمصالحه الخاصة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق