رئيسيسياسة عربية

لا حكومة قبل الضربة العسكرية ومعرفة نتائجها

لماذا تبخرت الآمال بتشكيل حكومة سياسية وضاعت الاحلام بحكومة جامعة حيادية قبل الانفجارات الاخيرة، وظهور مخطط يستهدف الساحة اللبنانية بما عرف بمشروع سماحه – مملوك خصوصاً بعد انفجارات الرويس في الضاحية ومسجدي السلام والتقوى في طرابلس، اوقعت العديد من القتلى والجرحى وخلفت دماراً كبيراً في المنطقتين، تبين من التحقيقات الاولية وفق مصدر وزاري ان جهة واحدة تقف وراء التفجيرات واطلاق الصواريخ واستهداف الامن والاستقرار في لبنان في هذه المرحلة؟

وصف مسؤول امني سابق مخطط سماحه – مملوك بانه يهدف لاشعال الفتنة السنية – الشيعية في لبنان، ووضع احد الوزراء مسؤولي حزب الله في المعلومات الاولية من ان جهة خارجية واحدة هي وراء المخطط.
يروي احد السياسيين المواكبين للاتصالات لتشكيل الحكومة ان قوى 14 اذار وبعد نقاش مستفيض في ما بينها وافقت على مضض على القبول بالمشاركة في حكومة جامعة مع حزب الله وفق القواعد التي وضعها الرئيس المكلف تمام سلام، اي صيغة ثلاث ثمانيات من دون ثلث معطل، مع التسليم بالمداورة وجعل اعلان بعبدا مضمون البيان الوزاري. وحاول مسؤولون في 14 اذار اقناع المعنيين بها وبضرورة قيام حكومة مسؤولة في هذا الظرف تواجه التطورات وتداعياتها على لبنان، بعد الحديث عن ضربة عسكرية غربية لسوريا رداً على استخدام الكيميائي في المواجهات الاخيرة، وكذلك التصدي للاستحقاقات الدستورية وفي مقدمها انتخاب رئيس الجمهورية في ايار (مايو) المقبل لمنع الفراغ وتفعيل ادارات الدولة المعطلة والمشلولة، بعدما رفضت الحكومة المستقيلة تحمل مسؤولياتها، ورفض رئيسها عقد جلسات لمجلس الوزراء لئلا تفسر الخطوة بانها محاولة لعرقلة التأليف والقوطبة على مهمة سلام ومسعى لتعويم الحكومة المستقيلة في ظل استحالة التأليف بسبب «غابة» الشروط والمطالب، كما قال الرئيس سلام. لقد وافق المعنيون على حكومة جامعة شرط ان يتمثل فيها الحزب بقريبين وليس بحزبيين. وفي الوقت الذي كان يتوقع البعض ان تلاقي 8 اذار خطوة 14 اذار، لجأت الى التصعيد رغم انها لم تعارض صيغة حكومة سياسية عندما عُرضت على النائب محمد رعد.

التفجيرات منعت التشكيل
يقول الرئيس المكلف انه قبل انفجارات الرويس والمسجدين «كدنا نعلن ولادة حكومة جامعة من حياديين قريببين من القوى السياسية» الا انه بعد التفجيرات سقطت الحيادية لتحل محلها حكومة سياسية من شخصيات غير استفزازية. ولما نجحنا في انتزاع موافقة قوى 14 اذار اعتقدنا اننا حققنا انجازاً، وفوجئنا بموقف متصلب من 8 اذار تمثل باصرار العماد ميشال عون على المشاركة وفق الاوزان والاحجام رافضاً مبدأ المداورة، واعلان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم رفض حكومة الثلاث ثمانيات مطالباً بالثلث المعطل وبثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، واعلن الرئيس نبيه بري مبادرة قلب فيها الطاولة، فطالب باستئناف هيئة الحوار للاتفاق على الحكومة وبيانها الوزاري، ولم يشر الى اعلان بعبدا بل تمسك بالجيش والشعب والمقاومة، بعدما كانت 14 اذار تطالب بحكومة قبل استئناف اجتماعات هيئة الحوار. وسبق للرئيس بري ان اعلن مبادرة منذ فترة تقوم على نعي 8 اذار ودعوة مكوناتها الى ان يتشاور كل على حدة مع سلام، وانه مع الحزب يشكلان الثنائي الشيعي فلا ثلث معطلاً بعد الان والمشاركة وفق الاحجام والاوزان وان الثنائي الشيعي يختار الوزراء الشيعة.
لماذا لم تلاق 8 اذار ايجابية 14 اذار وتنازلها لمصلحة اللبنانيين وقبولها بحكومة جامعة؟ يقول احد الوزراء انه لا يمكن لـ 8 اذار ان تتنازل في هذا الظرف وفي ظل استهداف المحور الايراني – السوري، لانها تخشى تداعيات التطورات خصوصاً وان مسار الامور في المنطقة ولا سيما في سوريا ليس لصالح محورها. فاذا تراجعت خسرت موقعها وبات عليها اعلان انسحابها من سوريا. ان القرار في هذا الموضوع لا يعود الى قيادة الحزب، كما قال احد مسؤوليه لاحد الوزراء، الذي كان ينصحه بعودة الحزب من سوريا. ان قرار المشاركة في الحرب لم يكن من قيادة الحزب بل من الحرس الثوري الايراني بموافقة مرشد الثورة، والعودة تتم بقرار منه. ان ايران وفق مصدر ديبلوماسي تحاول ان تستخدم مشاركة الحزب كورقة ضغط من اجل فتح صفحة جديدة مع السعودية خصوصاً بعد وصول الرئيس حسن روحاني الى السلطة، وقد استبق وصوله بتأكيد الرغبة في اقامة افضل العلاقات مع السعودية، وجدد الاستعداد بعد انتخابه، الا ان تورط الحزب في سوريا عقد الامور.

شرط العودة الخليجية
ينقل سياسي لبناني عن وزير سعودي قوله: اننا لا نتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، فأمر تشكيل الحكومة يعود الى الرئيس المكلف تمام سلام ونحن في مجلس التعاون الخليجي اتخذنا موقفاً من لبنان بعد تورط حزب الله في الحرب. ان عودة المجلس عن قراره تبدأ بعودة مقاتلي الحزب من سوريا ووقف دعم النظام. وقد اوضح السفير السعودي علي عواض العسيري موقف بلاده مما يجري في لبنان فأكد للقيادات التي التقاها مؤخراً ان بلاده لا تتدخل في الشأن اللبناني وهي مع لبنان بكل اطيافه ومؤسساته الدستورية وليست مع فئة دون اخرى. ورفض الدخول في التفاصيل بعدما اجتمع مع العماد ميشال عون في الرابية لاستمرار التواصل معه ليس اكثر، من دون نقل دعوة له لزيارة السعودية كما كان يتوقع قيادي عوني. وتريث العسيري في الالتقاء مع اطراف في حزب الله لان العلاقات بين المملكة وايران ليست على ما يرام، بل هي في اعلى سقف المواجهة وفق ما يقول مسؤول لبناني، لذلك تستبعد اوساط المصيطبه اي حلحلة على صعيد التشكيل بل تتوقع تصعيداً قد يزداد مع الضربة العسكرية على سوريا اذا لم ترفق بخطة حل وفق آلية «جنيف – 2»، تكون لها ارتدادات ايجابية على الساحة اللبنانية، والا شهد لبنان مرحلة توتر وتجاذب سياسية – امنية لانه بات مسرحاً للصراعات الخارجية، بسبب ارتباط الاطراف السياسية في الخارج وربط مصالح لبنان بالتطورات لاسيما في سوريا، وان الاستقرار الذي توفره المظلة الدولية ربما تعرض للاستهداف بعد الضربة اذا لم يتم تدارك تداعياتها والعمل على ايجاد تسوية انطلاقاً من شعور طرفي الصراع في سوريا بانهما ضعيفان فلا منتصر بينهما وهذا يساعد على الدفع باتجاه جنيف. وينتظر الجميع التطورات ونتائج الضربة ويحاول كل طرف ان يوظفها لصالحه سياسياً لدعم مواقفه في وجه خصومه ونيل اكبر قدر من المكاسب.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق