أبرز الأخبار

مشروع لفرض امر واقع جديد: اسرائيل تبدأ تقسيم المسجد الاقصى

تزامناً مع رفضها المطلق التفاوض على اي من طروحات السلام، وتمسكها بفرضيتها الغريبة، التي تعمق الازمة القائمة، بدلاً من ان تضيق فجوتها، واصلت حكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة اجراءاتها الرامية الى اعادة خلط الاوراق، وبعثرتها من اجل استبعاد اية فرصة يمكن ان تقدم اطراف المعادلة خطوة الى الامام. وفي الوقت نفسه، فإنها تواصل اختلاق المبررات، والازمات، من اجل بعثرة اي جهد قائم من شأنه ان يعيد طرح الملف الفلسطيني بصورة قريبة من المنطق.

التطورات التي تشهدها الاراضي الفلسطينية تعزز هذه القناعة. فإضافة الى مواصلة عمليات الاستيطان في الاراضي المحتلة عام 1967 ، اطلقت حكومة نتانياهو مشروعها «الاكثر خبثاً» والهادف الى تقسيم المسجد الاقصى. وحشر انوف المستوطنين في الاماكن المقدسة. الامر الذي فسر بانه مشروع استباقي لما طرحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتقدم الى مجلس الامن لاستصدار مشروع قرار يقضي بتحديد جدول زمني للانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية وبالتالي اقامة الدولة الفلسطينية ضمن برنامج زمني. وهو المشروع الذي لوحت الولايات المتحدة باحباطه من خلال التصويت عليه بـ «الفيتو»، بينما اعلنت دول مثل السويد انها ستصوت لصالحه.

اغلاق الحرم الابراهيمي
فقد كشفت مديرية أوقاف الخليل أن السلطات الإسرائيلية أبلغت رئيس سدنة الحرم الإبراهيمي الشريف بإغلاق الحرم بالكامل في وجه المصلين المسلمين يومي الأحد والاثنين المقبلين وفتحه أمام اليهود.
وقالت مديرية أوقاف الخليل في بيان لها أصدرته الأربعاء إن الجيش الإسرائيلي هو من أبلغ رئيس سدنة الحرم الإبراهيمي بأمر الإغلاق، مقابل فتحه أمام المستوطنين بجميع أروقته وساحاته، بذريعة الاحتفال بعيد «العُرش» اليهودي الذي يستمر أسبوعاً. وكانت السلطات الإسرائيلية قد أغلقت الحرم مرات عدة الأسبوع الماضي بمناسبة الأعياد اليهودية.
ويأتي هذا التطور تزامناً مع اقتحام مستوطنين صباح الاربعاء باحات المسجد الاقصى في ظل حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي بعيد مواجهات عنيفة مع فلسطينيين داخل وخارج باحات المسجد. ودخل المستوطنون باحات المسجد في  القدس المحتلة، بعد ساعات من شروع قوات الاحتلال بمنع دخول المسلمين للمسجد لتمكين مستوطنين من دخول الباحات.
واستخدمت قوات الاحتلال القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي أثناء المواجهات، مما أدى إلى إصابة عدد من الموجودين داخل المسجد.
واندلعت المواجهات إثر منع الاحتلال الاسرائيلي الفلسطينيين دون الستين عاماً من دخول المسجد الأقصى، وذلك بهدف تأمين دخول المستوطنين باحات المسجد ضمن ما يعرف بعيد «العُرش» الذي يقولون إنه يرمز للصعود إلى ما يسمونه «جبل الهيكل» وتقديم القرابين عليه.

مواجهات
وتشير معلومات صحفية الى ان المواجهات مع المصلين جاءت بعد ساعات من اجتماع نتانياهو بقادة الشاباك والشرطة واصدار تعليماته لهم بالانتشار الكثيف في القدس لوقف ما اعتبره «العنف الفلسطيني».
من جهته حذّر مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين من تداعيات قيام الشرطة الإسرائيلية بمنع المصلين المسلمين من دخول المسجد الأقصى، مقابل السماح لمستوطنين إسرائيليين باقتحام المسجد، وقال إنها محاولة لفرض واقع جديد في المسجد.
ووصف المفتي الإجراءات الإسرائيلية بأنها «تعسفية وظالمة ضد المسجد الأقصى»، وقال إنه «من الواضح أن هناك نوايا سيئة لمحاولة فرض واقع جديد في المسجد الأقصى، ولكنها إجراءات مرفوضة فالمسجد الأقصى للمسلمين وحدهم». في اشارة الى ما تردد من معلومات تتعلق بتقسيم المسجد الاقصى اسوة بالحرم الابراهيمي في الخليل.
فمنذ العام 1994 يُقسّم الحرم الإبراهيمي – الذي بُني على ضريح نبي الله إبراهيم عليه السلام – إلى قسمين، قسم خاص بالمسلمين وآخر باليهود، وذلك بعد قتل مستوطن يهودي 29 مسلماً أثناء تأديتهم صلاة الفجر يوم 25 شباط (فبراير) من العام ذاته.
وتسمح إسرائيل للمصلين المسلمين بدخول الجزء الخاص بهم في الحرم طوال أيام السنة، في حين تسمح لهم بدخول الجزء الخاص باليهود عشرة أيام فقط في السنة، وذلك خلال الأعياد الإسلامية وأيام الجمعة وليلة القدر من شهر رمضان، بينما تسمح لليهود بدخول القسم المخصص لهم طوال أيام السنة، وبدخول الحرم كله خلال بعض الأعياد اليهودية.
في الاثناء، طالب وزراء بالحكومة الإسرائيلية رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو  بالمصادقة على توصيات وزارة الأديان ترتيب الشعائر والصلوات التلمودية لليهود في المسجد الاقصى، ودعم القانون الداعي لتقسيمه وفرض السيادة الاحتلالية على ساحاته.
ويشهد الائتلاف الحكومي الحاكم وأوساط القيادات الدينية والحاخامات سباقاً محموماً بتقديم مشاريع تستهدف المسجد الأقصى عبر تشكيل «مفوضية يهودية» موازية لدائرة الأوقاف الإسلامية تتولى ترتيب الصلوات التلمودية.

قانون التقسيم
وتم في مطلع أيار (مايو) الفائت طرح قانون بالكنيست الإسرائيلي لإكساب الاقتحامات الجماعية للمسجد الصفة القانونية، مع التقسيم الزماني والمكاني لساحات الحرم القدسي الشريف – الممتدة على مساحة 144 دونماً – تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.
وبحسب القانون – الذي يعتمد بالأساس على التقسيم الزماني والمكاني الذي فرضته إسرائيل على المسجد الابراهيمي في الخليل سيسمح لليهود بإقامة الشعائر التلمودية بساحات الحرم ثلاث مرات يومياً، إذ يعتمد التقسيم على منع الوجود للفلسطينيين بساحات الأقصى خلال الأعياد اليهودية وحظر رفع الأذان وصلاة المسلمين بفترات زمنية محددة.
ويقضي القانون – الذي صنف كقانون أساسي يحظر إبطاله بموجب أنظمة الطوارىء – فرض عقوبة الإبعاد عن المسجد والسجن وغرامة مالية تصل لنحو 15 ألف دولار على كل من يخل بأنظمة التقسيم ويتصدى لاقتحامات اليهود للأقصى ويعيق الشعائر التلمودية.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية إياد البزم في تصريحات صحفية إن الوزارة أنهت جميع الاستعدادات والترتيبات اللازمة لتأمين وصول رئيس حكومة التوافق الفلسطينية رامي الحمد الله وجميع الوزراء القادمين إلى قطاع غزة من الضفة الغربية، وأوضح أن «الأجهزة الأمنية بغزة على استعداد تام لحماية وتأمين عقد جلسة الحكومة».
وفي وقت سابق، دعا رئيس الحكومة السابق إسماعيل هنية الأجهزة الأمنية بغزة إلى توفير الحماية اللازمة لإنجاح اجتماع الحكومة، وتأمين وصول وزراء حكومة التوافق.
وهي الزيارة الاولى للرئيس والوزراء منذ تشكيل الحكومة في الثاني من حزيران (يونيو) الماضي بعد أن سمحت له السلطات الإسرائيلية بذلك.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية إيهاب بسيسو في وقت سابق إن الاجتماع المقرر في غزة يهدف إلى إرسال مؤشر قوي على دعم غزة قبل اجتماع المانحين الدوليين لإعادة إعمار القطاع المدمر، والذي سيعقد في القاهرة يوم الأحد المقبل.
وفي سياق منفصل، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من رؤساء الشرطة وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) إبداء المزيد من التشدد مع تظاهرات الفلسطينيين التي تضاعف عددها في الأشهر الأخيرة في القدس المحتلة.

تعزيز الامن
وأفاد بيان صادر عن مكتب نتانياهو بأنه «طالب بتعزيز قوات الأمن في مناطق النزاع، والتصرف بطريقة هجومية ضد مرتكبي أعمال الشغب». وصدر البيان إثر اجتماع خاص لقادة الأمن، شارك فيه رئيس بلدية القدس، إضافة إلى مستشارين قانونيين للحكومة. ونقل البيان عن نتانياهو قوله إن «الوضع الحالي يجب الا يصبح أمراً معتاداً».
وتحدثت الشرطة الاسرائيلية عن توقيف أكثر من سبعمائة فلسطيني – بينهم 250 قاصرا على الأقل – في القدس. وأعلنت مجموعات حقوقية أن الشرطة لجأت في بعض الحالات إلى استخدام القوة المفرطة.
الى ذلك، اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحكومة الاسرائيلية برعاية وتشجيع اعتداءات المتطرفين الاسرائيليين في المسجد الاقصى، حيث جرت مواجهات بين قوات الامن الاسرائيلية وفلسطينيين كانوا يحتجون على وجود زوار يهود الى باحات المسجد.
وقال عباس في تصريحات صحافية «تتزايد هذه الايام وتتكثف الاعتداءات الاسرائيلية على المسجد الاقصى المبارك، والتي يقودها مستوطنون ومتطرفون، برعاية الحكومة الاسرائيلية». اضاف «في كل يوم نجد هؤلاء المتطرفين يحاولون بكل الوسائل الدخول الى المسجد الاقصى من خلال فرض امر واقع، وهو تقسيم الاقصى زمانياً ومكانياً، بحجة ان لهم نصيباً فيه»، مؤكداً انها «حجج واهية وكاذبة وتحريف للتاريخ».
وبحسب عباس فان الحكومة الاسرائيلية تحاول «فتح ابواب خاصة للمستوطنين والمتطرفين لتسهيل الدخول للمسجد الاقصى للعبث فيه»، مشدداً على ان هذا الامر «لا يمكن السكوت عنه». وتابع «نحن على اتصال دائم مع المملكة الاردنية والمملكة المغربية، التي تتراس لجنة القدس، لاتخاذ اجراءات عربية ضد هذه الممارسات الاسرائيلية، من اجل وقفها».

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق