أبرز الأخبار

العراق: قيادات تحذر من «التفكيك» والمالكي يلجأ لـ «بوابة الطوارىء»

يعتقد سياسيون عراقيون، ومحللون متابعون لتفاصيل المشهد العراقي ان الدولة اقتربت كثيرا من مرحلة «التفكيك»، وانها دخلت في مجال «حرق المراحل»، دخولاً في تلك الحالة. والمؤشرات على ذلك كثيرة جداً، ابرزها الانهيارات الامنية والسياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد عشية موعد الانتخابات التشريعية المحدد موعدها في نهاية الشهر الجاري. والتي يعتقد محللون انها لن تجري في ذلك الموعد، وانها ستكون شارة تفكك الدولة.

في التفاصيل، يتوقف المحللون عند كم من المعطيات التي تصب في تلك القراءة، التي لم تعد بعيدة عن مناقشات سياسية داخلية، ابرزها التحذيرات التي وجهها المرج الشيعي الاعلى آية الله السيستاني، حيث اتهم الساسة بالفساد، ودعاهم الى حل الخلافات سريعاً. وكذلك التحذيرات التي اطلقها مسعود البرزاني من تفكك البلاد.
الصورة الاجمالية في العراق باتت اكثر سوداوية، ازاء ما يجري في اكثر من مكان، وخصوصاً في منطقة الفلوجة التي يعتقد محللون انها تحولت الى كتلة من اللهب يحاول تنظيم داعش النفخ فيه وصولاً الى مناطق اخرى بما فيها العاصمة بغداد التي اصبحت هدفاً من اهداف التنظيم وركناً من اركان خطته لاستكمال تحرير «الامارة الاسلامية».
ففي وقت حذّرت فيه المرجعية الشيعية في العراق من اعادة انتخاب من اسماهم «الوجوه المتهمة بالفشل والسرقة»، ودعوته الى انتخاب من «يقدم مصالح الشعب على مصالحه الحزبية والشخصية»، حذر رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني من تفكك البلاد، محملاً الحكومة المركزية أسباب هذا التفكك، مع تفاقم الخلافات بين بغداد وأربيل، وسقوط مناطق عديدة في قبضة تنظيم داعش.

سيطرة التطرف
وتشير آخر التقارير الى ان أقرب نقطة خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» تبعد نحو 25 كلم عن العاصمة بغداد، بعد فرض مقاتلي هذا التنظيم سيطرتهم على معظم منطقة أبي غريب في غرب بغداد، وإحكام السيطرة على مدينة الفلوجة وقرى أخرى في محافظة الأنبار – 80 كلم غرب بغداد -. والتحذيرات التي وجهت الى السكان من المشاركة في الانتخابات المقبلة في نهاية الشهر الحالي. الخطوة التي اثارت اجتهادات متقاطعة، ابرزها تحليلات تصب ضمن اطار العامل الطائفي، وتنمية هذا العامل وصولاً الى خدمة اغراض التفكيك. وسيطرة التنظيمات المتطرفة على المشهد.
فقد نشرت مواقع الكترونية عراقية معلومات استخبارية عن سيطرة الجماعات المسلحة على مناطق شاسعة من غرب العراق، وانها تشنّ هجمات عسكرية على الجسور والبنايات الحكومية. من بينها خمس هجمات على جسور في الانبار ومناطق راوة والرمادي والفلوجة، استخدمت فيها سيارات مفخخة، ومن نتائجها قطع جسر الرمادي، ما أدى إلى قطع حركة المرور في المنطقة، إلى جانب التفجيرات الأخرى على جسر زوبع في جنوب الفلوجة، لمنع وصول الإمدادات إلى القطعات العسكرية الموجودة هناك.
ومنها ايضاً، هجمات نفذتها مجاميع مسلحة، تابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام، تستقل عجلات رباعية الدفع، تابعة للجيش العراقي، ضد قطعات عسكرية في منطقة زوبع جنوب مدينة الفلوجة، فيما هاجم مسلحون تجمعاً للصحوات بسيارة مفخخة في المنطقة نفسها، ومنها، تدمير الجسر الاستراتيجي الوحيد الذي يربط وسط الفلوجة بجنوبها، حيث وضعت كميات كبيرة من العبوات الناسفة وفجّرت عن بعد. وفي منطقة الكرمة، وهي معقل داعش، تفيد معلومات استخبارية بأن عناصر من القوات الأمنية والصحوة من أهالي الأنبار، تركوا عملهم، وانضموا إلى عناصر داعش.
وقامت المجاميع المسلحة بتفجير جسر المثنى في شمال بغداد، وهو جسر فعال
، تستخدمه قيادة عمليات بغداد في التنقل ونقل القطعات العسكرية. واستهدف تفجير آخر لداعش جسراً في منطقة المشاهدة، ما ادى الى شلّ حركة الجيش العراقي في المنطقة.
ودلالة على عمق المأساة، نشرت وسائل اعلام مقطع فيديو للجماعات المسلحة وهي تستعرض في قضاء أبو غريب، ما يؤكد وصول الجماعات المسلحة إلى مناطق قريبة من بغداد. وأشارت تقارير في وقت سابق إلى أن الحكومة العراقية أخلت سجن أبو غريب يوم 3 آذار (مارس) على خلفية معلومات استخباراتية ومعارك في منطقة الزيدان القريبة من السجن.

تحذير
الصورة بمجملها دفعت رئيس إقليم كردستان العراق الى التحذير من فشل العملية السياسية في العراق وتفكك البلاد وعدم الاستقرار، وألقى باللائمة على سياسات الحكومة المركزية، التي قال ان «كل محاولات تقريب النوايا بينها وبين المركز قد فشلت».
ويعوّل البرزاني في تصريحات صحفية، على وساطة أميركية، حيث بيّن أن «الإقليم ينتظر وساطة أميركية لحل مشكلة تصدير النفط بين بغداد وإربيل»، مؤكداً على أن «الإقليم لن يسكت عن هذا الإجراء في حال استمراره، ولن يبقى متفرجاً، ملوحاً بان لديه «برنامجاً، وخطة جاهزة للتنفيذ».
ورأى البرزاني أن «العراق يتفكك بسبب حالة عارمة من عدم الاستقرار، إضافة إلى استشراء الإرهاب في المناطق الغربية من البلاد، ووجود مدن خارج سيطرة الحكومة، كما يمارس الإرهابيون نشاطهم في شكل علني». وتوقع البرزاني أن العملية السياسية في العراق «توشك أن تفشل».

جبهة جديدة
في تلك الاثناء، تشير تقارير امنية واستخبارية الى ان تنظيم «داعش» يسعى الى تخفيف الضغط عنه في الفلوجة من خلال التقدم نحو بغداد وفتح جبهة جديدة مع الأمن العراقي. ويأتي هذا المخطط قبل اسابيع من انتخابات تشريعية، ما يثير تساؤلات عن قدرات الجيش والشرطة على صد تلك الهجمات.
وبحسب ضابط في الجيش العراقي يحاول عناصر الدولة الاسلامية في الشام والعراق فك الضغط المفروض عليهم في الفلوجة من خلال التحرك ضد القرى الضعيفة الواقعة بين الفلوجة وبغداد ومهاجمة وحدات الجيش. فقد خرجت الفلوجة واجزاء من الرمادي عن سلطة الدولة، بينما تخوض قوات الجيش العراقي معارك في المحافظة سمحت باستعادة مناطق كثيرة في الرمادي، لكنها ما زالت تواجه صعوبات في الفلوجة التي تواصل حصارها وقصف اهداف في داخلها. وخاضت القوات العراقية معارك شرسة الاسبوع الفائت، في منطقتي زوبع والزيدان في ابو غريب التي تقع بين بغداد والفلوجة. واسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل ثلاثة اشخاص واصابة خمسين جندياً بجروح.

اعلان الطوارىء
في تلك الاثناء، عبّر نواب وسياسيون عراقيون عن مخاوفهم من مشروع قانون بعث به نوري المالكي إلى البرلمان للمصادقة عليه، يمنحه صلاحيات واسعة تقود إلى إعلان حالة الطوارىء وتقييد الحريات وتفريق الاجتماعات بالقوة وتنفيذ اعتقالات وفرض الرقابة على وسائل النشر ومراقبة الرسائل البريدية والبرقية وجميع وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية والالكترونية وتفتيشها وضبطها.
ويحمل القانون الجديد، اسم «قانون السلامة الوطنية»، ويمنحه صلاحيات واسعة تمكنه من الانفراد بالسلطة، حيث تشير مواده الى موافقة مجلس النواب ورئيس الجمهورية على اعلان حال الطوارىء خلال مدة 24 ساعة فقط ومنح حق تمديده لرئيس الوزراء حصراً .
كما يجيز القانون لرئيس الوزراء حق ممارسة سلطة فرض قيود على حرية الاشخاص في الانتقال والمرور والتجول في اماكن معينة، واعتقال الاشخاص المشتبه في سلوكهم، وحظر الدخول في بعض الاماكن حظراً تاماً.
كما يمنحه حق فرض قيود على حرية الاجتماع وتفريق الاجتماعات والتجمعات بالقوة وفرض قيود على السفر الى خارج العراق أو القدوم اليه، اضافة الى فرض الرقابة على وسائل النشر ومراقبة الرسائل البريدية والبرقية وجميع وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية والالكترونية وتفتيشها وضبطها.
ويجيز القانون اعلان حالة الطوارىء، في حال تعرض الشعب للخطر نتيجة الاعمال الارهابية التي تقوم بها مجموعات مسلحة أو غير مسلحة، واذا حدث اضطراب خطير في الامن العام أو تهديد خطير له، وحصول أي عمل عسكري أو غير عسكري يهدد التداول السلمي للسلطة وفقاً لاحكام الدستور، وكذلك اذا حدث وباء عام أو كارثة عامة.
كما يجيز القانون اعلان الحرب أو التهديد باعلانها أو تعرض البلاد أو أي منطقة فيها الى أي عمل عسكري عدواني يهدد سلامة العراق.
في تلك الاثناء، تفاقم الخلاف حول الموازنة العامة للدولة، البالغ حجمها 135 مليار دولار. والتي تعد الاكبر في تاريخ الدولة العراقية، الامر الذي اثار حفيظة مختلف المرجعيات من دينية وسياسية. وسط دعوات بضرورة الاسراع في اقرارها وتجاوز الخلافات بشأنها، وحل الخلاف النفطي مع حكومة كردستان.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق