سياسة لبنانيةلبنانيات

حرب على الحدود وقصف حكومي بضرائب خيالية يزرعان القلق على المصير

فشلت المفاوضات في تمديد المهل الانسانية ووقف حرب غزة، تمهيداً للوصول الى وقف شامل لاطلاق النار، واصبح واضحاً ان رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو، لا يريد ان تتوقف الحرب، لانه مع صمت المدافع تنتهي حياته السياسية، وربما يدخل السجن وهناك نقمة شعبية ضده، ومحاكمته تستأنف هذا الاسبوع بتهم متعددة.
والقصف العنيف الذي استؤنف على غزة واوقع مئات القتلى والجرحى، انعكس ايضاً على الحدود الجنوبية اللبنانية، وعاود جيش العدو قصف القرى الجنوبية بالمدفعية الثقيلة ومستخدماً الطيران الذي شن غارات مكثفة على عدد من القرى، ولم يوفر الغابات والحقول بالقنابل الفوسفورية الممنوعة دولياً، وردت المقاومة الاسلامية بالاسلحة المناسبة مستهدفة تجمعات للعدو، واوقعت فيها خسائر مؤكدة كما جاء في بيانات المقاومة.
رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي مثل لبنان في قمة المناخ المنعقدة في الامارات العربية المتحدة، اثار الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب اللبناني وقال لقد تسببت الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة في جنوب لبنان، بما في ذلك استخدام الاسلحة المحرمة مثل الفوسفور الابيض، الى استشهاد المدنيين والحاق اضرار لا يمكن اصلاحها، باكثر من خمسة ملايين متر مربع من الغابات والاراضي الزراعية والاف اشجار الزيتون، مما ادى الى تدمير سبل العيش ومصادر الدخل وتهجير عشرات الالاف من اللبنانيين واللبنانيات.
اصوات كثيرة صدرت من بعض اصدقاء لبنان، طالبت بالبقاء على الحياد وتجنب الانزلاق الى الحرب، لانها ستكون فوق قدرة البلد على تحمل تداعياتها، في ظل الازمات التي يعاني منها. ومع عودة التوتر عاد القلق يسيطر على اللبنانيين، اولاً بسبب احتمال الانزلاق الى الحرب، وثانياً بسبب تخلي الدولة عن مسؤولياتها، ان بالنسبة الى القرار 1701، الذي ينص على نشر الجيش اللبناني على طول الخط الازرق بمعاونة قوات حفظ السلام الدولية (آليونيفيل) او بالقصف الحكومي على الشعب اللبناني الذي لا يقل خطورة. لقد وضعت موازنة 2024 بجدول ضرائب يفوق بكثير قدرة المواطن اللبناني على تحمل ولو نسبة ضئيلة منها، لان حجم الضرائب التي تتضمنها هذه الموازنة يفوق التصور. ولذلك تعرضت لهجوم عنيف ليس من قبل المواطنين وحسب، بل وايضاً من الخبراء الاقتصاديين الذين انتقدوا بشدة عدم كفاءة واضعي هذه الموازنة. والخوف كل الخوف من عدم مناقشتها في المجلس النيابي، فتعمد الحكومة الى اصدارها بمرسوم. فماذا كان دور اللجان التي كان يفترض فيها ان ترفضها من الاساس، عبر ادخال تعديلات عليها توازي حجم الضرائب التي تضمنتها.
على الصعيد السياسي وفور بدء الهدنة الانسانية، تحركت الوساطات الخارجية الصديقة للبنان لانتخاب رئيس للجمهورية بعدما دخل الشغور الرئاسي شهره الرابع عشر. فعاد الى بيروت الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وفتح مع المسؤولين ورؤساء الكتل النيابية ثلاثة ملفات هي: رئاسة الجمهورية، وقيادة الجيش والقرار 1701. وناقلاً تحذيرات خطيرة جداً، في حال انزلاق لبنان الى الحرب، وبدا شديد الاستغراب كيف ان الحرب والخطر الذي يتهدد لبنان لم يفتحا اعين المنظومة السياسية، واستمر البعض في مواقفهم المتعلقة بمصالحهم الخاصة بعيداً عن اي مصلحة وطنية، فعاد كما جاء دون ان يحقق خطوة واحدة في اي ملف، اذ ان العناد، والتمسك بالمصالح الخاصة بعيداً عن اي مصلحة اخرى بقيا على حالهما.
وما يقال عن مهمة لودريان ونتائجها، يشبه الى حد بعيد الوساطة القطرية، اذ جاء الموفد القطري عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني (ابو فهد)، ساعياً الى التوفيق بين اللبنانيين على شخص ثالث يتم انتخابه لرئاسة البلد، ولكنه فشل هو الاخر في مهمته. وهكذا فان الحل لكل هذه الملفات العالقة اصبح بعيد المنال، وقد يمتد الى اشهر طويلة وربما الى سنوات. فمصلحة البلد والشعب اصبحت في اخر اهتمامات الطبقة السياسية. وتفيد الانباء الواردة من بكركي ان البطريرك بشاره الراعي لم يكن مقتنعاً بالتبريرات التي قدمها وزير الدفاع، وان موقفه من التمديد لقائد الجيش يعكس موقف الجبهة التي يمثلها في الحكومة.
ان لبنان يعاني ما يعانيه بسبب منظومة استولت على الحكم، وهي تتحكم بالبلد وبالشعب. والخلاص من هذه الازمة بات شبه مستحيل، الا اذا قرر الشعب التحرك بجدية وازاحة هذه المنظومة عن كراسي الحكم، وعندها يصبح كل شيء ممكناً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق