ذكرى

ساحة امين الحافظ وحديقة ليلى عسيران جنباً الى جنب

بعيداً، بعيداً عن الصراعات والسجالات وطبول الحرب وابواقها، اخذتنا بلدية بيروت مطلع الاسبوع الفائت نحو محطة راقية استعدنا واستعادت معها بيروت ذكرى ثنائي سياسي – ثقافي لا يتكرر، ذكرى الراحلين الرئيس أمين الحافظ والاديبة الكبيرة ليلى عسيران.
في وسط بيروت كان اللقاء حاشداً، ممثلو الرؤساء الثلاثة، سياسيون وكثير من الاصدقاء اتوا ليشهدوا حدثاً مميزاً راقياً، افتتاح  ساحة الرئيس أمين الحافظ، بين ساحة رياض الصلح وشارع المصارف، وحديقة الأديبة ليلى عسيران، الى جوارها، بين شارع المصارف وشارع الكبوشية. الفنان جهاد الأطرش مقدم الحفل يستغرق في وصفه الراحلين الكبيرين: «جسّدا صورة لبنان المشرقة. وكانا علمين من أعلام لبنان ونموذجاً عن لبنان اللقاء والانفتاح المشرعة أبوابه لكل من يحتمي به»،  ورئيس بلدية بيروت الدكتور بلال حمد يشرح: «أرادت بلدية بيروت أن تحافظ على بيروت الكلمة نضالاً وأدباً، فاختارت علمين من أعلام لبنان، هما الرئيس أمين الحافظ، والأديبة ليلى عسيران لتكرمهما بإطلاق اسميهما على ساحة وحديقة في وسط بيروت حرصاً منها على إرجاع الإشراق السلمي والحضاري الى العاصمة».

 


رجل الدولة ووجه الثقافة
وفق بلال حمد «جسد الحافظ في مسيرته السياسية عنواناً أصيلاً من عناوين الشفافية والنضال وتغليب مصلحة اللبنانيين، فكان رجل دولة بامتياز. لذلك تم اختيار الساحة لإطلاق اسمه عليها نظراً لما تحمله من رمزية، إذ إنها تتوسط المسافة بين مبنى مجلس النواب، حيث كان الرئيس الحافظ نائباً طيلة 36 عاماً، وسرايا مجلس الوزراء، حيث مارس الحافظ الحكم في مرحلة حرجة، فساهم من موقعه آنذاك في وأد الفتنة وإطفاء نارها، لينعم لبنان بعامين إضافيين من السلم حتى العام 1975». وأوضح حمد «ان تسمية حديقة باسم ليلى عسيران هي للاضاءة على وجه الثقافة والأدب ودورها الروائي في نقل الصورة كما هي في نتاج أدبي زاخر».
وتكريم هذا الثنائي في بيروت اتى «تكريماً لمكان لقائهما»، وهو مكان شكل كما يقول حمد «ساحة للقاء كبار لبنان وواحة للثقافة والحوار والعمل السياسي الملتزم بقضايا الوطن» وبذلك «كانت بيروت منارة العرب» وافتتاح هذه الحديقة جاء «ايماناً من المجلس البلدي بهذا الدور للعاصمة»، لافتاً إلى أن «البلدية حريصة على أن تستعيد العاصمة إشراقها. لذلك، أرادت لشوارعها وساحاتها وحدائقها أن تكون الناطقة باسمها تأهيلاً وترحيباً بكل كبار لبنان».
وألقى ابن الراحلين رمزي الحافظ كلمة العائلة فقال: «لا يغيب عني أن النظام السياسي في لبنان لم يحتمل تجربة أمين الحافظ، وهذا حقاً، في حدّ ذاته، شهادة له، خلّدت مواقفه الوطنية في ذاكرة الناس الذين حفظوا له أنه نجح، في أسابيع قليلة أمضاها رئيساً للحكومة، في وأد فتنة أخفق جبابرة السياسة آنذاك في التصدي لها». واضاف: «أما ليلى عسيران فكتبت للإنسان وبحثاً عنه، وأسست لنوع خاص من الأدب الملتزم في الرواية العربية».

وثائقي وكتاب يرويان «امين وليلى»
تخلل الاحتفال عرض أفلام وثائقية لخصت المراحل التي عاشها الزوجان الحافظ وعسيران ونضالاتهما السياسية والأدبية، بالإضافة الى وصلات فنية حيث استعادت الفنانة سمر كموج بصوتها إحدى أغنيات الموسيقار محمد عبد الوهاب. وقرأت الفنانة جوليا قصار نصاً مستعاداً من مكتبة الأديبة ليلى عسيران، فيما قدمت الفنانة سحر طه وفرقتها أغنيتين أعدتهما خصيصاً للمناسبة لحنتهما لكلمات من أدب ليلى عسيران.
وفي ختام الحفل، توجه الحاضرون إلى حديقة ليلى عسيران حيث وزع كتاب «أمين وليلى» الذي يروي سيرة المكرمين الراحلين، والصادر حديثاً عن دار رياض الريس للكتب والنشر.
ولد أمين الحافظ في طرابلس في العام 1926، وشغل منصب رئاسة وزراء لبنان لأقل من ثلاثة أشهر في العام 1973، في عهد الرئيس سليمان فرنجية في حكومة لم تمثل أمام مجلس النواب لتنال الثقة. وهو خريج كلية الحقوق في جامعتي القاهرة والأميركية في بيروت قبل تحصيله شهادة الدكتوراه في جامعة لوزان ليصبح استاذاً للاقتصاد في الجامعة اللبنانية. دخل أول مرة مجلس النواب، ممثلاً طرابلس، في العام 1960 على لائحة الرئيس الراحل رشيد كرامي، واستمر في المجلس حتى العام 1992. وتوفي في تموز (يوليو) العام 2009.
اما  ليلى عسيران فولدت في صيدا في العام 1934 وهي مجازة في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية.
تعرفت إلى أمين الحافظ وتزوجا في العام 1958. وكانت في سنة قبلها قد حققت شهرة، في عملها صحافية في جريدة «الأنوار»، حين غطت محاولة انقلاب أحد لواءات الجيش على ملك الأردن. دخلت عسيران، بعد لقائها «الاستاذ» ميشال عفلق، في «حزب البعث العربي الاشتراكي». لكن التزامها لم يدم طويلاً. و«الأخت ليلى»، على ما لقبها الفدائيون، زارت بعد هزيمة 1967 القواعد العسكريّة لـ «حركة فتح» في أغوار الأردن فكتبت عنهم روايتها «عصافير الفجر» في العام 1968. بدأت بكتابة الروايات في العام 1962 مع صدور روايتها «لن أموت غداً». وقد توفيت في العام 2007.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق