مطر: الإنتخابات ضرورية والتوافق على قانون أمر أساسي وجوهري
رعى رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر إفطار جامعة قدامى الحكمة – كليمنصو، الرمضاني الثالث والعشرين، في فندق فينيسيا، شارك فيه الشيخ خلدون عريمط ممثلاً مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، النائب عبداللطيف الزين ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب باسم الشاب ممثلاً رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري ووزراء ونواب حاليون وسابقون وممثلو القيادات الأمنية والعسكرية وهيئات سياسية وقضائية ونقابية واكاديمية ورياضية وبلدية ورؤساء مدارس الحكمة ولجان قداماها.
حمودي
بعد صلاة المغرب والنشيد الوطني ألقت ريتا حمودي كلمة جاء فيها: «أهلاً وسهلاً بكم في هذا الإفطار الرمضاني الكريم وقد حطت الحكمة فيه رحالها للمرة الثالثة والعشرين، وهو قد أضحى فرصة للمشاركة في مودة مع الأصدقاء، القدامى والجدد، لنحتفل جميعنا بهذا التنوع المذهل الذي يتكون منه نسيج الحكمة، وهي كانت منذ نشأتها، ولا تزال صورة سليمة للبنان الذي أضحى جريحاً».
تابعت «إنه أمر رائع أن نجتمع مرة جديدة، فهذا الشهر هو بالنسبة الى المسلمين وقت عبادة ومشاركة، والعودة إلى قيم السلام والإحسان. وبذلك هو يلتقي مع تقاليد المسيحيين، في عبادة الله ومحبة القريب. لهذا إن لقاءنا اليوم هو تأكيد على رغبتنا، بل على التزامنا بلقاء دائم، في أحضان الحكمة وعلى وسع رحاب الوطن. يقال أنه من المستحب للصائم عندما يجلس على مائدة الإفطار أن يدعو فإن دعوته في هذا الوقت مقبولة. إن لقاءنا اليوم معا هو بحد ذاته دعوة يراها الله ويسمعها ويقبلها. نرفعها لا لأجل وطننا وحسب، بل لأجل كل العالم الذي يحتاج إلى حكمة قامت عليها مدرستنا منذ نشأتها».
الحوت
ثم ألقى رئيس قدامى الحكمة في كليمنصو المحامي المختار باسم الحوت كلمة حيا فيها المطران مطر على رعايته هذا الافطار.
وتابع «يمر علينا شهر رمضان هذا العام وقد تجاوزنا الكثير من الأزمات، الكل يتذكر كيف كان الفراغ يتحكم في مؤسساتنا الدستورية، وبمساعي الخيرين بات لنا رئيس للجمهورية وحكومة تعمل، ونأمل اليوم أن يتم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات، لاستكمال عقد المؤسسات الدستورية، والشروع فوراً بالتفرغ الى شؤون الناس ومكافحة الفساد الذي ينخر مؤسساتنا العامة. من المعيب أن تبقى الطبقة السياسية تتراشق التهم بدل السعي والتنازل عن الحسابات الفئوية واقرار قانون انتخابي جديد يحقق المناصفة والتمثيل الصحيح بعد تمديدين لمجلس العام 2009 ونحن نتغنى بالديموقراطية الفريدة في المنطقة.
وحيا المؤسسات العسكرية التي تتصدى للارهابيين والعملاء والمهربين ولمحاولات العبث بأمن اللبنانيين وأرواحهم وارزاقهم وبث الرعب في نفوسهم، نسأل الله أن يحمي ضباط وعناصر مؤسساتنا الامنية الذين يذودون عن الوطن».
اضاف «المشاركة ليست شعاراً أو عناوين كبيرة، هي ممارسة وطريقة حياة. والحكمة قامت منذ تأسيسها على قيم المشاركة والتفاعل وستستمر على هذا المنوال مدى السنين. نسأل الله أن يلهمنا الصبر والإيمان وأن يلهم المسؤولين الحكمة والوعي وبعد النظر في تحمل المسؤولية وان يكونوا على قدرها. ونسأله تعالى أن يزيل هذه الغمة وهذا البلاء الذي أصابنا وأن يعيد الأمل والثقة والإيمان الى نفوس شبابنا بمستقبل اكثر أمناً واستقرار وازدهاراً».
مطر
وألقى مطر كلمة من وحي المناسبة والشهر الفضيل، جاء فيها: «أود أن أتوجه إلى الله بدعاء في هذا الشهر الفضيل، أن نفتح قلوبنا جميعاً للاعتدال، الذي لم يكن يوماً بعيداً ولا غريباً عن أمة شاءها الله، أن تكون أمة الوصل. الإعتدال روح الإسلام وروح المسيحية، على الرغم من كل تطرف. التطرف شواذ، الإعتدال قاعدة ونهج حياة منذ بداية الإسلام وبداية المسيحية بالذات. تشرفنا وكنا مع غبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وسماحة المفتي عبد اللطيف دريان، في القاهرة في شهر شباط الماضي وبعده مرة ثانية عندما زار القاهرة قداسة البابا فرنسيس، وكنا فرحين جداً لهذا الجو الإعتدالي الذي كان سائداً لدى المؤتمرين والذين كانوا أكثر من ألف، مسلمين من 90 دولة ومسيحيين من الشرق الأوسط وروما وأوروبا وأفريقيا، كلنا تمنينا العودة إلى الإعتدال، وكان لنا رجاء، بأن هذا الخط سسيكون خط المستقبل، كما كان خط الماضي على الرغم من بعض الموجات التي سوف تزول بإذنه تعالى. وفي مصر تعلمت ما لم أكن أعلمه، أن الدولة الأولى للاسلام في المدينة، التي أسسها النبي العربي، ضمت، كما قال المؤسس، إلى المسلمين مؤمنين من أهل الكتاب، مسيحيين ويهوداً. أي أن المسيحيين واليهود دعوا بمؤمنين، وهم مع المسلمين يؤلفون الدولة الإسلامية الواحدة في المدينة، أليس هذا فعل تأمل بما يجب أن نكون عليه في العالم العربي والإسلامي بأسره».
اضاف «نحن هنا في لبنان، فخورون كل الفخر بهذا العيش المشترك، الذي ثبتناه وأمنا به نهج حياة، فصار لبنان بالنسبة الى العالم كله، رسالة للشرق والغرب. بعض الغربيين يقولون لنا، العيش المشترك لم يعد ملكاً للبنانيين وحدهم، صار ملكاً للبنان. مسؤولون نحن عن هذا النهج أمام العالم بأسره، ليسيطر الإعتدال على العالم، ونعود إلى إنسانيتنا كما خلقنا الله وأكرمنا. لم يكرمنا الله لنقتل بعضنا بعضا، بل أكرمنا لنكون متعارفين، بعضنا تجاه بعض. فلا نخطئن الحساب أبداً. لبنان يجب أن يبقى صورة ناصعة بإختباره الإنساني، بالنسبة الى العرب جميعاً، والى محيطنا كله. ليأخذوا عنا هذه الفكرة، فكرة العيش معا، فكرة احترام الآخر وأن هناك هواء لكل الصدور وأن هناك مكاناً لكل إنسان، لأننا كلنا لآدم ومنه أتينا، ولنا رب واحد وهو الذي في السماء».
تابع «نتمنى من صميم القلب الا نوقف مسيرة لبنان، ولا المسيرة السياسية التي هي ضرورية، الإنتخابات ضرورية والتوافق على قانون إنتخابي أمر أساسي وجوهري، يجب أن نصلي ونصوم من الآن وحتى العشرين من هذا الشهر، لكي يتحقق التوافق بين اللبنانيين، وحرام ألا يكون سوى ذلك بالنسبة الى مصيرنا. مسؤولون نحن تجاه العالم وليس فقط تجاه أنفسنا عن هذا الإختبار الأساسي. ولذلك نتوجه إلى الله عز وجل، بأن يتقبل صومكم وصلاتكم، ونضم صلاتنا إلى صلاتكم حتى يقبل الله كل نياتنا الطيبة، فنخلص بعضنا لبعض، بكل ما للكلمة من معنى».
واردف «وهنا ومن دون تبجح، أقول إن الحكمة كان لها إختبار خاص بالنسبة الى المشاركة في الحياة بين المسيحيين والمسلمين. نحن في الحكمة لم نتوقف عند التوازن المسيحي الإسلامي، ولا عند التوافق المسيحي الإسلامي، ولا عند الروبط المسيحية الإسلامية، بل تعديناها من كل قلبنا إلى المحبة بين المسيحيين والمسلمين. نعم الحكمة علمتنا، وتلامذتنا الموجودون في هذا الإفطار يشهدون، أن نحب بعضنا بعضاً. ولذلك نحن نأمل أن يكون الوجود المسيحي في كل الشرق، قضية إسلامية في الدرجة الأولى، ونحن مسيحيي الشرق يجب أن نكون رسلاً للاسلام الحقيقي والإسلام الصافي، تجاه العالم بأسره، لئلا يسيئوا إلى صورة الإسلام الناصعة وإلى كل دعوات الإنسانية. هكذا نتضامن وهكذا نبني من جديد وطننا ليكون مثالاً في الدنيا وهكذا يرضى الله عنا، فليقبل الله صومكم وصلاتكم».