افتتاحية

فخامة الرئيس حارب الفساد وسيذكر لك التاريخ ذلك

الاسبوع الماضي نشر تقرير مؤشر الفساد للعام 2016 الصادر عن «منظمة الشفافية الدولية» في برلين، كشف عن تراجع الدول العربية كلها تقريباً، وان كان بعضها القليل بقي  فوق المعدل الوسطي. وما يهمنا بالدرجة الاولى الفساد في لبنان، الذي حل في المرتبة 136 عالمياً من اصل 176 دولة شملها التقرير، الذي تعده المنظمة سنوياً. وعليه يكون لبنان قد تراجع عن الموسم الماضي 13 مرتبة، اذ كان قد حل في العام 2015 في المرتبة 123. وهذا يعني ان الفساد في لبنان يتصاعد عاماً بعد عام، خصوصاً وان البلد عاش سنتين ونصف السنة في فراغ شبه كامل، شلت خلاله كل المؤسسات، وخصوصاً المؤسسات الرقابية. اما اليوم وقد اصبح لدينا رئيس قوي، وعد في خطاب القسم بأن يكافح الفساد ويقضي عليه، وان يحاسب الفاسدين، فاذا لم يعمد وبسرعة، وهو حتماً فاعل، فان لبنان سيصبح في اخر اللائحة.
هذا التقرير الذي يفضح الوضع المتردي، يجب نشره وتوزيعه على جميع رجال السياسة، عله يساهم في اعادة الفاسدين منهم الى جادة الصواب، فيسارعون الى اقرار قانون جديد للانتخاب ينصف كل الطوائف والفئات، ويساهم في ايصال طبقة سياسية نظيفة، فيعيدون بناء الدولة على اسس سليمة.
المعروف عن العماد عون انه ثابت برأيه ويحترم وعوده، ولذلك نعلق الآمال الكبيرة عليه في هذه الفترة، للقضاء على الفساد واستئصاله من دوائر الدولة التي نخرها كالسوس ويكاد ان يقضي عليها، وقد فقد المواطن اللبناني كل امل بالاصلاح، كما فقد ثقته بهذه الطبقة السياسية. ويبدو ان رئيس الجمهورية مصمم على المواجهة، وهو يعرف ان المعركة صعبة، بعدما تغلغل الفساد في كل زاوية وبات يحتاج الى عملية جراحية لاستئصاله. وكان اول الغيث في مجلس الوزراء، عندما عارض البحث في تأليف هيئة الاشراف على الانتخابات، قبل الاتفاق على قانون جديد. وبذلك وضع الجميع امام الحقيقة الواضحة. القانون الحالي، قانون الستين كما يسمونه، لعب الدور الاكبر في استشراء الفساد، وبات من الضروري التخلص منه نهائياً، فعسى ان ينجح في مهمته.
يقول بعض السياسيين مثلاً لن نرضى بقانون انتخاب لا يقبل به فلان. ولكننا نسأل هولاء لو فرضنا ان هذا الفلان يريد قانوناً مفصلاً على قياسه، ولو على حساب الفئات الاخرى، فهل تسيرون معه؟ وهل صحيح، وهل يجوز ان ترهنوا مصير بلد وشعب بمزاج زعيم او سياسي؟ فاين مصلحة البلد، واين مصلحة الشعب اللبناني؟ ان صياغة قانون يرضي الجميع ويلبي رغبات الجميع، دون التطلع الى المصلحة العامة، امر شبه مستحيل، ولكن على الجميع ان يتخلوا عن انانياتهم ويقدموا التنازلات، لا لصالح فلان او فلان، بل لصالح الوطن ولصالح الشعب اللبناني الذي عانى من القهر على مدى سنوات طويلة.
ثماني سنوات من عمر هذا المجلس وعدونا في بدايتها بان اول عمل سيقومون به هو وضع قانون جديد للانتخابات، ومرت السنوات وانتهت الولاية، ومددوا لانفسهم مرة واثنتين، وفي كل مرة كان الوعد واحداً يتكرر. اما التنفيذ ففي عالم الغيب، افليس هذا قمة الفساد؟
اليس الفساد هو الذي اوصل عدداً من الدول العربية الى الحركات الانتفاضية الرافضة لتصرف السياسيين؟ فهل يريدون ان يشهد لبنان مثل هذه التحركات التي يمكن ان يستغلها كثيرون لتدمير ما بقي في هذا البلد؟
اليس الفساد هو الذي لا يزال يوقع لبنان في الظلام منذ العام 1990، تاريخ انتهاء الحرب اللبنانية الى اليوم؟ لماذا لم يتم تأمين الكهرباء بعد؟ ولماذا لا نزال ندفع فاتورتين، واحدة للكهرباء المقننة والثانيةللمولدات؟ وهل صحيح ان هناك جهات متواطئة مع اصحاب المولدات، بحيث لا يسمحون باصلاح وضع الكهرباء ليبقى الحال على ما هو عليه من اجل الكسب؟ اين ذهبت الاموال التي انفقت على الكهرباء وهي بالمليارات؟ونحن نجيب انها بدل ان تحط في معامل الانتاج والشبكة المهترئة لتطويرها، حطت في بعض الجيوب وفي الحسابات الخاصة.
اليس الفساد وراء حرمان اللبنانيين من المياه، وبلدهم ينعم بالينابيع الكثيرة، فيضطرون الى الاستعانة بالصهاريج لتأمين حاجاتهم من هذه المادة الحيوية؟ لماذا حولوا حياة المواطن الى جحيم، فشغلوه بامور عادية لا يفكر بها مواطن في بلاد الناس المتحضرة، وكل ذلك لالهائه وابعاده عن كشف فسادهم وعيوبهم. الامثلة كثيرة ولا مجال لتعدادها كلها هنا، من النفايات الى اخر المعزوفة، ولكننا نناشد فخامة الرئيس ونشد على يده والشعب كله معه، ان يخوض معركة محاربة الفساد مهما كانت صعبة فيذكر له التاريخ هذا العمل الوطني الجبار.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق