ندد الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي بالخطاب حاد اللهجة الذي يسود حملة انتخابات الرئاسة ووصفه بأنه «غير لائق» في انتقاد مستتر لهجوم الرئيس حسن روحاني على منافسه الرئيسي المنتمي للتيار المحافظ.
وأشعل انسحاب مرشحين محافظين آخرين حملة الانتخابات المقررة يوم الجمعة على نحو غير متوقع لتقتصر على متنافسين اثنين هما روحاني (68 عاماً) ورجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي (56 عاماً) المقرب من خامنئي.
وقد يرجح تدخل خامنئي كفة رئيسي بإشارته إلى عدم رضاه عن سلوك روحاني.
وقال خامنئي لمستمعيه يوم الأربعاء وفقا لما نقله موقعه الالكتروني «بعض التصريحات في مناظرات الانتخابات كانت لا تليق بالأمة الإيرانية. لكن المشاركة (الكبيرة) ستبدد كل ذلك».
وتبادل المتنافسون الاتهامات بالفساد والوحشية في مناظرات وأحاديث أذيعت على الهواء واتسمت الحملة الانتخابية بأسوأ مستوى لانفلات الأعصاب في تاريخ الجمهورية الإسلامية التي تأسست قبل 40 عاماً.
وفي سياق منفصل، حذر روحاني الحرس الثوري وميليشيا الباسيج التابعة له على عدم التدخل في الانتخابات.
ونقلت وكالة العمال الإيرانية عن روحاني قوله خلال خطاب ضمن الحملة الانتخابية في مدينة مشهد «لدينا طلب واحد فقط: أن تبقى الباسيج والحرس الثوري في أماكنهما لأداء عملهما».
وعزز روحاني نداءه باقتباس كلمات الزعيم الأعلى الراحل آية الله روح الله خميني مؤسس الجمهورية الإسلامية الذي قال روحاني إنه حذر القوات المسلحة من التدخل في السياسة.
حدود المناظرات
لم يذكر خامنئي مرشحا بالاسم لكن انتقاده موجه في ما يبدو لروحاني الذي تجاوز في مناظرة الأسبوع الماضي حدود المسموح عادة ليصم خصومه بأنهم مخالب لقوات الأمن ومتعطشون للسلطة.
وقال روحاني لمنافسه إبراهيم رئيسي في المناظرة «سيد رئيسي.. يمكنك أن تشوه سمعتي بقدر ما تشاء. كقاض في المحكمة الشرعية يمكنك حتى أن تصدر أمر اعتقال. لكن من فضلك لا تسيء استغلال الدين من أجل السلطة». ورئيسي مسؤول قضائي يحظى بدعم الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
وفي مرحلة أخرى من المناظرة قال روحاني «بعض الجماعات الأمنية والثورية تنقل الناس بحافلات إلى مؤتمراتكم الانتخابية… من يمولهم؟».
وهاجم رئيسي بدوره الرئيس الإيراني لفشله في تحقيق الإصلاحات الاقتصادية التي وعد بها.
ورئيسي عضو قديم في السلطة القضائية وكان واحداً من أربعة قضاة قضوا بالإعدام على آلاف السجناء السياسيين في الثمانينيات.
وفي نظام الحكم الإيراني يملك خامنئي (77 عاماً)، الذي وصل إلى منصبه عام 1989، سلطة أكبر من الرئيس المنتخب لكنه لا يشارك عادة في إدارة الشؤون السياسية اليومية. وتقتصر تعليقاته في الانتخابات على دعوة الناخبين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات.
هؤلاء الذين يقطعون الألسن
جاء روحاني إلى السلطة قبل أربعة أعوام بنتيجة كاسحة بلغت ثلاثة أمثال الأصوات التي حصل عليها أقرب منافسيه متعهداً بتقليل عزلة إيران الدولية وتوفير المزيد من الحريات في الداخل.
وانجازه الرئيسي هو الاتفاق النووي مع القوى العالمية الذي نص على رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران مقابل قيود على برنامجها النووي. لكن التحسن الاقتصادي لم يتحقق بالصورة المتوقعة ويتهمه المحافظون بأنه يبيع مصالح إيران بثمن بخس للغرب.
والعائق الوحيد أمام الرئيس روحاني هو عزوف الناخبين المؤيدين للإصلاحيين الذين يقول كثير منهم الآن إنهم يشعرون بإحباط تجاه بطء وتيرة التغيير.
ويعرف روحاني في العادة بأنه صاحب نهج عملي أكثر منه إصلاحي وقد حاول إشعال حماس المعسكر المؤيد للإصلاحات بخطب تكسر «المحظورات» شملت إشارات صريحة إلى انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات.
وفي الأسبوع الماضي أشار إلى المحافظين بأنهم «أولئك الذين يقطعون الألسن ويكممون الأفواه».
وإذا لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50 في المئة من الأصوات في انتخابات الجمعة فستجرى جولة إعادة بعدها بأسبوع.
وفي 2009 أدت انتخابات رئاسية تنازع المرشحون على نتائجها إلى اندلاع اضطرابات واسعة النطاق في إيران التي تندر فيها الاحتجاجات السياسية. وأنهت حملة أمنية الاحتجاجات.
رويترز