افتتاحية

ممنوع على الضرائب ان تمس مصالح الكبار

تعرض المجلس الدستوري لحملة قاسية لم تنته اصداؤها بعد، بسبب قرار اصدره وابطل فيه قانون الضرائب اللادستوري والظالم بحق الشعب اللبناني. اما القائمون بالحملة فهم السياسيون على تنوع مشاربهم واهوائهم. لماذا؟ لانهم لا يتقبلون النقد من احد، ولا يعترفون بان هناك قوانين يمكن ان تطبق عليهم كما تطبق على كل الناس، هذا فضلاً عن انهم، لقلة خبرتهم في الاصول السياسية، يعتقدون انهم منزهون عن الخطأ. فكيف يأتي المجلس الدستوري ويقول لهم انتم اخطأتم، صححوا الخطأ ولا تظلموا المواطنين.
هؤلاء السياسيون مل الشعب اللبناني منهم، وبات يبحث عن وسيلة للخلاص. فكل وزير من الوزراء يعتقد نفسه انه حكومة قائمة بذاتها. يخالف البيان الوزاري، يتجاوز القرارات الحكومية، ويعقد الصفقات والاتفاقيات، حتى تحول مجلس الوزراء الى برج بابل. هذا يغرد الى اليمين وذاك الى اليسار، والحقيقة ضائعة واللبنانيون مربكون، لا يعرفون ماذا يفعلون. وكذلك هم السياسيون اذ بات كل واحد منهم يعتقد نفسه انه فوق كل القوانين، هي تخضع له دون ان يعيرها اي اهتمام. هكذا عموماً هي الطبقة السياسية عندنا، تتجاوز القوانين وبالتحديد الدستور، بمزاجية لا يقرها شرع او بلد، والا لماذا لم يجروا الانتخابات الفرعية التي ينص عليها الدستور، ويلزم الحكومة باجرائها؟
يقول بعض السياسيين ان تفسير الدستور هو من صلاحية المجلس النيابي، ولا احد غيره. لو اخذنا بهذه المقولة، لماذا اذاً انشيء المجلس الدستوري؟ هل ان كشف عيوب القرارات التي تصدر عن السياسيين هي التي اثارت هذه الحملة على المجلس الدستوري؟ وهل ان الذين يقولون بهذا الرأي يريدون الغاء المؤسسات وحصر الصلاحيات بايدي السياسيين؟ خصوصاً وان مجلس النواب مثلاً لم يعد شرعياً في نظر الكثيرين، بعدما مدد لنفسه مرات دون اخذ رأي الشعب الذي له كلمة الفصل؟ هل يمهدون الطريق لتمديدات جديدة، لانهم يعتبرون انفسهم انهم لا غنى عنهم؟ اذا كنتم لا تقرون بصلاحيات المجلس الدستوري، فلماذا اعطيتموه اياها؟ ولماذا حملتموه اسم «الدستوري»، اليس لانه يفترض فيه ان يفسر الدستور ويبطل كل قرار مخالف له؟
اختلفت الهيئات السياسية العليا في البلاد فتعطل البلد، وشلت الحركة، وعادت سلسلة الرتب والرواتب التي استبشر بها الموظفون خيراً تتجمد. لماذا؟ لانهم لا يريدون البحث عن مصادر تمويل، الا في جيوب الناس المغلوب على امرهم، ففي كل مرة يريدون تمويل مشروع او صفقة او هدر، يلجأون الى فرض الضرائب، حتى ضاق المواطنون ذرعاً بهذه السياسة. مع ان مصادر التمويل كثيرة، ولكن اللجوء اليها يضر السياسيين وينتقص من مواردهم وهذا في نظرهم غير مسموح.
على كل حال ان التخبط الذي يعيشه السياسيون، يعكس بما لا يقبل الشك، عمق الخلافات التي تترافق مع اتساع حركة المطالبات والاضرابات والاعتصامات التي لم تعد تؤثر بالسياسيين. لماذا هذا الاصرار على الضرائب، وخصوصاً الضرائب المزدوجة؟ يقولون انهم لا يريدون ان يصلوا الى الوضع اليوناني، وهم لا يدرون ان اغراق المواطنين بالضرائب غير العادلة مع استمرار الهدر والفساد اللذين وصلت اصداؤهما الى العالم كله، سيوصلهم الى ما هو اسوأ بكثير من الوضع اليوناني. لقد تحدث الخبراء ورجال الاقتصاد كثيراً عن الابواب التي يمكن ولوجها لتمويل السلسلة، ولكن السياسيين لا يريدون ان يسمعوا، ولا ان يعملوا. فهمهم مركز على جيوب الناس، واتكالهم على هذا الشعب المتخاذل، الذي بدل ان يرد العصي التي تنهال عليه، يعمد الى عدها، هذا الشعب الغارق في النوم الذي لو تحرك، لما كنا اليوم نشهد هذه الازمات، ولما كانت الطبقة السياسية باقية متسلطة. لقد استخفت بالناس وهي تعد العدة لنسف الانتخابات، والدليل هو عدم اجراء الانتخابات الفرعية، لانها ستفضح حجم بعض القوى التي لا تريد ان تصدق ان الناس تحولوا عنها. يتحدثون كثيراً عن انتخابات ايار المقبل، وهم يعملون في السر والعلن لنسفها. ولكن مما يخافون؟ هل من الشعب الطائع المدجن الذي لا يقوى على الاحتجاج؟
وخلافاتهم لم تبق محصورة بالداخل، بل تعدته الى الخارج والى قضايا مهمة مثل التطبيع مع دمشق. وهذا يعني الخروج على قرارات الجامعة العربية، فهل من مصلحة لبنان ان يعادي دولاً مدت له يد العون، اكراماً لنظام ذاق منه الشعب اللبناني الامرين وهو يحتجز في سجونه الالاف منهم دون سبب او محاكمة؟
اين هم من البيان الوزاري، واين هم من خطاب القسم، أبهذه الطريقة يستطيعون حل ازمة النازحين وهي مرتبطة بالامم المتحدة وبالدول الكبرى المعنية بالحل في سوريا؟
ان لبنان بحاجة الى سياسيين محترفين يعيدون اصلاح ما هدمه الجهل والمصالح الشخصية، لكي يعود فينهض من جديد، والا فعلى الدنيا السلام.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق