ترامب متفائلاً يتعهد بالسعي من أجل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين
هل يزور ترامب تل ابيب والضفة في اواخر هذا الشهر؟
تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الأربعاء بفعل «كل ما هو ضروري» من أجل التوسط لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد أن استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في البيت الأبيض لكنه لم يطرح أي أفكار بشأن كيفية إحياء المفاوضات المتعثرة منذ وقت طويل.
وفي أول لقاء له مع عباس دعا ترامب الزعماء الفلسطينيين «للحديث بصوت موحد ضد التحريض» على العنف ضد الإسرائيليين لكنه لم يصل إلى حد إعادة إلزام إدارته بحل الدولتين للصراع الممتد منذ عشرات السنين والذي ظل لفترة طويلة حجر الزاوية للسياسة الأميركية.
وقال ترامب لعباس في مؤتمر صحفي مشترك بالبيت الأبيض «سأفعل كل ما هو ضروري… أود أن أعمل كوسيط أو موجه أو حكم بين الجانبين وسننجز هذا».
وسارع عباس إلى التأكيد مجدداً على هدف قيام دولة فلسطينية كعامل حيوي لإحياء أي عملية سلام.
ويواجه ترامب شكوكاً عميقة داخلياً وخارجياً حيال الفرص المتاحة أمامه لتحقيق أي انفراجة دبلوماسية سريعة لا سيما وأن الإدارة الأميركية الجديدة لم تضع بعد استراتيجية متماسكة لإحياء عملية السلام المحتضرة.
وتأتي محادثات عباس في البيت الأبيض بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في منتصف شباط (فبراير) في تحرك سريع لإعادة ضبط العلاقات بعد التوترات التي شابتها في عهد سلف ترامب الرئيس الديمقراطي باراك أوباما.
وأثار ترامب انتقادات دولية حين بدا أنه يتراجع عن دعم حل الدولتين قائلاً إنه سيترك للأطراف المعنية اتخاذ القرار. وهدف إقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل هو موقف الإدارات الأميركية المتعاقبة والمجتمع الدولي.
ويمثل اجتماع ترامب مع عباس، رئيس السلطة الفلسطينية المدعوم من الغرب، اختباراً آخر لما إذا كان ترامب، الذي أمضى في السلطة أكثر قليلاً من 100 يوم، جاداً في السعي للتوصل لاتفاق سلام شامل استعصى على أسلافه.
وخلال مؤتمر صحفي مع عباس، قال ترامب إنه مستعد لمحاولة التوصل إلى «الاتفاق الأصعب» للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين. غير أنه قال لاحقاً خلال مأدبة مع الزعيم الفلسطيني إن الأمر «ربما لا يكون صعباً كما اعتقد الناس على مدى سنوات».
وقال محللون إن ترامب، الذي قال إنه قرر «بدء عملية» لكنه لم يطرح وصفات لسياسة جديدة أو جدولاً زمنياً، ربما يهون من قدر تحدي انعدام الثقة بين الجانبين.
وقال ديفيد ماكوفسكي العضو البارز في فريق التفاوض الذي شارك إبان حكم أوباما في آخر جولة من المحادثات بين الجانبين والتي انهارت في 2014 «لا يمكنك التظاهر بأن عليك فحسب معالجة عدد قليل من القضايا الرئيسية… الأمر صعب للغاية».
وعلى الرغم من أن التوقعات لتحقيق تقدم ملحوظ محدودة قالت مصادر مطلعة إنه يجري إعداد خطط ليزور ترامب الزعيم الإسرائيلي اليميني في القدس وربما ليجتمع مع عباس في الضفة الغربية وإن الموعد المستهدف للزيارة هو 22 و23 أيار (مايو).
وأحجم مسؤولون أميركيون وإسرائيليون عن تأكيد الزيارة.
ضغوط داخلية على عباس
وبدا الود بين ترامب وعباس لكن سمات الجدية كانت ظاهرة عليهما خلال المؤتمر الصحفي. وكان المشهد أقل حميمية مما بدا عليه اللقاء بين ترامب ونتانياهو في شباط (فبراير).
وقال عباس «تحت رعايتكم الشجاعة وحكمتكم وكذا قدرتكم التفاوضية العظيمة» سيكون الفلسطينيون شركاء في السعي من أجل التوصل الى «اتفاق سلام تاريخي».
ولكن تحت الضغط الذي يواجهه بالداخل لتجنب تقديم تنازلات كبيرة قال عباس «لقد آن الأوان أن تنهي إسرائيل احتلالها» في إشارة إلى البناء الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية.
ودعا عباس إسرائيل إلى الاعتراف باستقلال فلسطين تماماً كما يعترف الفلسطينيون بدولة إسرائيل. لكنه لم يكرر علناً مطلبه بأن تجمد إسرائيل بناء المستوطنات على الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها كشرط لاستئناف المفاوضات.
وقال مسؤولون أميركيون إن من المتوقع أن يضغط ترامب على عباس لوقف أموال تدفعها السلطة الفلسطينية لأسر مقاتلين تحتجزهم إسرائيل.
وفي قطاع غزة، قال سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن التعهدات التي قدمها عباس في البيت الأبيض «غير ملزمة لأحد».
تفاؤل ترامب
والقى عباس كلمة مقتضبة غلب التفاؤل على مضمونها. وقال مخاطباً الرئيس الاميركي «لديكم الارادة والرغبة لتحقيق هذا النجاح، وسنكون شركاء حقيقيين لكم لتحقيق معاهدة سلام تاريخية».
واضاف عباس «نحن الشعب الوحيد الذي بقي في هذا العالم تحت الاحتلال، ويجب أن تعترف إسرائيل بدولة فلسطين كما نحن نعترف بدولة اسرائيل».
ويطالب الفلسطينيون بدولة على حدود 1967 تكون عاصمتها القدس الشرقية ما سيضع حداً لخمسين عاماً من الاحتلال في الضفة الغربية ولقطاع غزة والقدس الشرقية.
واكد عباس ان «خيارنا الاستراتيجي الوحيد هو تحقيق مبدأ حل الدولتين، فلسطين على حدود 67 بعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام واستقرار، مع دولة اسرائيل».
«وسيط» و«مسهل»
واذ اعتبر انه «وسيط» و«حكم» و«مسهل» لعملية «ستقود الى السلام»، شدد ترامب على انه لا يمكن تحقيق سلام دائم اذا «لم يجمع (القادة الفلسطينيون) على ادانة الدعوات الى العنف والكره».
وعلق ايلان غولدنبورغ خبير مركز الامن الاميركي الجديد «مجرد انعقاد اللقاء دليل جديد على ان مقاربة ترامب للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني تقليدية اكثر مما كان الجميع يتوقع».
وقد لوحظ تطور لموقف ترامب حول الملف على غرار العديد من الوعود التي قام بها خلال حملته الانتخابية بشأن ملفات دبلوماسية مهمة.
واذا كان ترامب اعتبر ان حل الدولتين الذي تؤيده الاسرة الدولية منذ عقود، ليس السبيل الوحيد، الا انه دعا بحضور رئيس الوزراء الاسرائيلي الى «ضبط النفس» في ما يتعلق بتوسيع المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
كما ان ترامب لم يذكر مجدداً بوعده بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الاميركية اليها وهو ما كان اثار غضب الفلسطينيين.
الا ان نائب الرئيس الاميركي مايك بنس، المح الى ان الفكرة يمكن ان تعود الى الواجهة. وقال خلال مراسم في ذكرى قيام دولة اسرائيل الثلاثاء «بينما نتكلم الرئيس يدرس بعناية نقل السفارة من تل ابيب الى القدس»، دون ان يعطي توضيحات.
رويترز/ا ف ب