سينما

«حراس الوقت الضائع»… ماذا عن الغد؟

يدخل فيلم «أرق» التسجيلي للمخرجة اللبنانية ديالا قشمر إلى حياة مجموعة من الشبان الحزبيين الذين يعيشون على هامش المجتمع في أحد احياء العاصمة بيروت، لكنه لا يكتفي بتصوير هذه الحياة بل يساعد هؤلاء الشبان على الخروج منها.


وتنطلق عروض الفيلم في إحدى صالات السينما اللبنانية في 14 ايار (مايو) المقبل، وتستمر الى 27 منه. وعلى مدى ساعة وخمسين دقيقة، تعيش كاميرا المخرجة ديالا قشمر ( 36 عاماً) تفاصيل حياة هؤلاء الشبان الذين وصفهم عنوان الشريط بالإنكليزية بانهم «حراس الوقت الضائع».
وبدا العنوان الإنكليزي أكثر تعبيراً عن محتوى الفيلم وواقع هذه المجموعة من الشبان الذين يضيعون وقتهم وحياتهم بالتسكع وتعاطي المخدرات والتورط في مشاكل تقودهم في كثير من الأحيان إلى ما وراء قضبان السجن، أو تجعلهم عرضة لملاحقة الشرطة.

من «حي الملوك» إلى «حي اللجا»
من «قبضايات» الزمن البيروتي الغابر، أو زعماء المدينة وأقويائها، إلى هؤلاء الشبان المنتمين إلى جيل الحرب الأهلية (1975-1990) وما بعدها، قصة تحولات ديموغرافية واجتماعية جذرية حولت ما كان يعرف بـ «حي الملوك» إلى «حي اللجا»، نسبة الى لجوء اهالي جنوب لبنان، ومعظمهم من الشيعة، وتمركزهم فيه، على مقربة من المصيطبة، «العاصمة» السنية للعاصمة اللبنانية.
ويبدأ هذا الفيلم كأنه ريبورتاج تلفزيوني وسرعان ما يغوص المشاهد في شخصياته وملامحها ليسقط عنه هذه الصفة ويصبح اقرب الى الروائي.
هم احمد وعلي ومحمود ومصطفى وزهير وعلاء واخر ملقب بـ «التريبيتي» وسواهم، جميعهم يعيشون خارج القانون والوقت.
يتكلمون بعفوية، يدخنون السيجارة تلو الاخرى. يسخرون من واقعهم الرمادي، يتسكعون عند قارعة الطريق خلف الجدران، يقولون انهم يشاهدون افلام الاكشن العنيفة التي يسقطون انفسهم عليها.

كيف مر الوقت ولم نكبر؟
«ماذا عن الغد؟»، تسألهم المخرجة، يجيب أحدهم: «بعد عشرة اعوام ارى نفسي جالساً امام الحائط نفسه ولن يتغير شيء في حياتي».
ويضيف «نتحسر على أنفسنا وعلى شبابنا. كيف لي ان أعمل وانا أخبطها (أي أتعاطى المخدرات باللهجة المحلية) في النهار».
ويتساءل «كيف مر الوقت ولم نكبر؟».
يجلد هؤلاء الشباب ذاتهم، ويعرون حياتهم امام كاميرا مخرجة تصبح جزءاً من عالمهم، «يقتلون وقتهم ولكن الوقت يقتلهم»، على قول قشمر.
إنهم نموذج لشباب يمكن ان يعيشوا في اي بلد وفي اي حي، في الظاهر هم اقوياء يخالفون القانون، ولكن في الحقيقة هم ضحايا تائهون يائسون يعترفون بفشلهم من دون ان يلقوا اللوم على اهلهم، وفي اي حال «كلام الناس» وشم على قدم احدهم.

رحلة انسانية عن ناس هامشيين
ويقول الناقد بيار ابي صعب خلال تقديمه العرض ما قبل الاول من الفيلم ان هذا الشريط التسجيلي «رحلة انسانية في الواقع عن ناس هامشيين»، ورأى ان «قشمر دخلت عالمهم السفلي لتصبح واحدة منهم وهذا هو سبب نجاحها».
واصرت قشمر على ان يعرض فيلمها في الصالات السينمائية لأنها تريد «أن يشاهده اللبنانيون».
وقالت «الفيلم يعبر عن جيل شبان نحن همشناهم ولذلك وصلوا الى ما هم عليه».
وقال علي الملقب بـ «السنفور»، واحد المشاركين في الفيلم «لقد استفدنا من تجربتنا في هذا الفيلم الذي يقدم صورة واقعية عن حياتنا عله يصبح عبرة لغيرنا».
واضاف «يجب ان نبدل حياتنا حتى نفتخر بها. الادمان كالسرطان (…) نحتاج الى مساعدة، انا تعالجت من الادمان وعدت والان توقفت، العلاج لا يكفي، المثابرة ضرورية».
وقالت قشمر إن السنفور تزوج ورزق طفلاً، فيما قدم المشاركون في الفيلم تحية الى روح احمد ياسين، وهو فرد من المجموعة توفي قبل اسبوعين، ويظهر في الفيلم يقول إنه يحلم بأن يرى ابنته شابة بعد عشر سنوات.

أ ف ب
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق