فناننجوم ومشاهير

جهاد الأندري: أعيش اللحظة لكنني اشعر أنني على موعد كبير

يحمل أكثر من صفة، فهو ممثل، مخرج مسرحي ومؤدٍ في مهرجانات شعرية. من هنا تبدو صفة فنان هزيلة على جهاد الأندري. كيف لا وهو الذي حفر اسمه  بعد جهد ودراسة معمقة في المسرح والغناء والباليه كلاسيك، ومن الدراما اللبنانية والمسرح اللبناني انطلق نحو العالم العربي ليسجل اسمه في أعمال درامية من دون ان يوقع على عقد حصري لأنه لا يؤمن بالحصرية. حالياً يدير اللعبة الاخراجية في مسرحية «قمر وشمس» التي بدأ عرضها على مسرح كازينو لبنان ويؤدي فيها دورين يطبعان شخصيته، لكن حساباته أبعد من اللحظة وان كان يعيشها فهو مقتنع بأنه على موعد ما كبير!! جهاد الأندري في حديث فوق العادة قبل موعد فتح الستارة…

تنتقل من عمل مسرحي الى آخر كممثل ومخرج علماً بأن لا رابط بين العملين، إلى هذا الحد أنت مشتاق للخشبة؟
أنا في حال شوق دائم للخشبة، وليس خطأ أن ننتقل من عمل مسرحي إلى آخر لأن الممثل لا يكون قد دخل مرحلة الخمول والصدأ. وقد يطول الوقت قبل أن أطوي صفحة، لكن إذا حصل لا ألتفت إلى الوراء، وأتعهد في أن أفقد الذاكرة. وهذا ما يساعدني على الخروج من حالة والدخول في أخرى بين عمل مسرحي وآخر.
أي دور تؤديه في المسرحية؟
ألعب دور مراسل إضافة إلى شخصية اخرى مختلفة تماماً وقد استحدثت لدواع إخراجية. لكنني لن أصرح عنها حتى تبقى مفاجأة للجمهور.
أية عناوين جديدة تحملها مسرحية «قمر وشمس» في زمن باتت كل القضايا والمشاكل واحدة؟
العمل من نوع المسرح الاستعراضي – الغنائي لوجدي شيا كتابة وإنتاجاً. وهي تعالج قضايا تتعلق بالثورة والظلم والحرية المسرحية، إضافة إلى الرقص والتمثيل. عناوين ليست جديدة حتماً وهذا طبيعي، لأننا محكومون بهذا الوجع كوننا نعيش في محيط بلاد الشام. لكن الكاتب حاول أن تكون الأغنية هي العصب والمحور فجاءت في خدمة الدراما ومكملة لها.

الكليشيهات تزعجني
وما هي نقاط التمايز التي عملت عليها كمخرج ؟
ركزت على التقنية في العمل واشتغلت على التفاصيل الصغيرة، إن بالرؤيا الإخراجية أو في بناء الشخصيات والتعاطي معها. وقد وضعت هذه السلة في إطار الغرابة والخصوصية لإعطاء العمل نكهة مميزة. ولا بد من الإعتراف بان الأفكار الجديدة غير موجودة في الحياة كما في الفن، من هنا سعيت الى أن ابتعد عن الأفكار المتداولة سواء في الحركة أو الاداء وإلغاء كل ما يمت إلى «الكليشيهات» بصلة لأنها تزعجني وتضرب على وتر أعصابي. هذا لا يعني أنها فاشلة لكنها لا تعكس رؤيتي وشخصيتي.
هل واجهت صعوبة في إدارة ممثلي «قمر وشمس»  خصوصاً أن الشخصيات الرئيسية من خارج خشبة المسرح؟
اتعامل مع الإسم إنطلاقاً من الخط المرسوم له. وأفتش عما يجب أن يكون وليس ما أريد، وأذهب إلى حيث يأخذني النص لأرسم الرؤيا الإخراجية، وهكذا نذهب سوياً نحو متطلبات المشهد، وأعتبر أنني أملك الجرأة الكافية للرهان على شخصية ما.

المسرح رصيدي
هل تعيش الرهبة على خشبة المسرح أكثر من بلاتوه التصوير؟
عندما تفتح الستارة نكون في اللحظات الأصعب لأن المسرح «يعري» الممثل كما المخرج ويفضح أخطاءه. وهذا التحدي أواجهه عندما أجري مقابلة صحافية لأنني أكون في حال «التعري» من الداخل عينها، في حين يختبىء الممثل وراء الشخصية التي يؤديها.
هل وصولك إلى المسرح الإستعراضي نتيجة عشقك له؟
سنوات الخبرة والدراسة في مجال المسرح والباليه كلاسيك والغناء الكلاسيكي تؤكد عشقي للمسرح الإستعراضي الغنائي وهذا هو رصيدي ومصدر ثقتي كممثل ومخرج.
هل تضع في حساباتك التمايز الحاصل في الأعمال المسرحية بين الأمس واليوم؟
أساساً لا أوافق على اي عمل إذا لم يستفزني في مكان ما، وغالباً ما أفتش عن الحدث والدهشة، علماً بأن المسألة نسبية وهي لا تأتي في كل لحظة. لكنني أعتبر أن «قمر وشمس» مكمل لمشواري ويطيل من عمري كفنان.
وكأنك بدأت تخطط لنهاية مشوارك الفني؟
عمر الممثل كما الراقص قصير على مستوى المشوار الفني، على عكس عمر الموسيقي. وأعتقد أنني سأتفرغ للإخراج مع الأمل في أن يكون السلام قد عم البلاد ويعود المسرح إلى عزه وحركته، عندها أكون توجت مشواري وأطلت عمره بالإخراج.

زمن السقطة
تتكلم بغصة عن واقع المسرح؟
صحيح فنحن اليوم نمر في زمن «السقطة» التي بدأت تجتاح المستوى الفني منذ ما يقارب العشر سنوات، وتعززت اليوم أكثر بسبب الأحداث الحاصلة على الساحة العربية والثورات، وسيمر وقت طويل قبل أن تستعيد نهضتها. هذا لا يعني أنني أقيم أحداً من الزملاء أو انتقد الأعمال، لأنني معني بها ايضاً ولست متفرجاً.
نفهم من كلامك أن تداعيات الثورات كانت مدمرة على مستوى المسرح؟
طبعاً وبغض النظر عن نتائج الثورات السياسية. وهناك مثل شائع يقول: «إذا أردت أن تلهي شعباً عن إبداعه إصنع له حرباً أو أدخله في مجاعة». ولن ننسى العصرنة التي شوهت مخيلة الجيل وساهمت في توجيه  الذاكرة على رغم إيجابياتها.

بين الشاشة والمسرح
ننتقل إلى ممثل الدراما على الشاشة الصغيرة، لماذا أنت مقل على رغم غزارة الإنتاج المحلي؟
منذ البداية وضعت استراتيجيا مفادها أن أكون مقلاً في اعمالي وأن أركز على النوعية وليس على الكمية.المهم أن تأتي الفرصة التي تتناسب وموهبتي التي آمنت بها واحتراماً للجمهور اللبناني والعربي.
لكن الجمهور ليس ألا مجرد متلقٍ؟
أنا لا أضع اللوم على الجمهور إنما على الإنتاج والممثل. فالجمهور ليس إلا صفحة بيضاء وهو يمتص كل ما يقدم له. وهذا الجمهور هو نفسه الذي يشارك في مؤتمرات ثقافية ويناقش في الجمعيات ويشاهد أعمالاً مسرحية وتلفزيونية في الوقت عينه. لكن المسرح يبقى المصفاة الحقيقية لأن هاجس الشاشات هو الفضائح والتشهير بالناس وتسليع جسد المرأة وتسطيح ذهن المتلقي.
واضح انك تحتل مكانة خاصة لدى المخرج السوري نجدت أنزور وتكاد أعمالك العربية أن تكون شبه محصورة به وآخرها «محاربة الإرهاب»؟
تدرجت مع المخرج نجدت أنزور بشكل معتدل بعدما كنت صنعت إسمي في الدراما والمسرح اللبناني. وهذه نقطة مهمة. أما عشقي وشغفي في التعامل معه فيعودان إلى كونه يأخذني إلى الأماكن التي يراني فيها. لكن أرفض مقولة أنني نقطة ضعفه لأنني أصر على أن أتعامل مع مخرج قوي وصاحب شخصية حاسمة. وهذا ما ساعد في تعزيز العلاقة الفنية في ما بيننا، أضف إلى أنني لا أؤمن بالحصرية.

مشتاق للدراما السورية
هل انت مشتاق للدراما السورية التي انحسرت في زمن ثورات الربيع العربي؟
أكثر مما تتصورين. فالدراما السورية وضعتني في مكان كبير وقدمت لي أجمل النصوص وأطهر الشخصيات ولها الفضل الكبير في ما أنا عليه اليوم. هذا لا يعني أنها تتفوق على الدراما اللبنانية لكنها تتمايز بتقنياتها ونصوصها التي تبتعد عن الإفتعال، بغض النظر عما إذا كان النص واقعياً أم لا.
خائف على مستقبل الإنتاج الفني في ظل الأحداث الجارية في المنطقة؟
طبعاً فالحرب هي دائماً مصدر خوف لأنها في مفهومي لا تقتصر على المدفع إنما على الرواسب. وهذه لم تكن يوماً إيجابية إنما هي سبب لكل إعاقة فكرية أو جسدية.
برزت كمؤدٍ في حفلات شعرية وموسيقية فهل يعود الفضل في ذلك إلى صوتك أم الى جودة الاداء؟
أنا أعشق اللغة العربية وأتذوق الشعرلكن الصوت ليس سبباً في اختياري كمؤد في عدد من المهرجانات الشعرية اللبنانية والعربية، فهناك روح الصوت التي تلعب دوراً أساسياً في إيصال الأشياء.
لطالما حلمت بعمل مسرحي غنائي ضخم هل تحقق أم ما زلت على موعد ما؟
أنا أعيش اللحظة واشعر بأنني على موعد كبير، قد يكون في انتظاري وربما لا. لكنني أتقن السير بصمت، وأكمل المشوار من دون أن أفرض نفسي أو أتباهى بما أملك من مقدرات، لأنني مؤمن بأن هذه الطريقة تؤكد أن لا مكانة لصاحبها، في حين أن «الكرسي» يسبقني من دون أن أفتش عنه أو اسعى إليه.

ج. ن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق