سياسة لبنانية

سجال سياسي بين الرابية وعين التينة

أوساط في التيار الوطني الحر تساندها أوساط شيعية متحمسة للعماد عون، توجه أصابع الاتهام والتشكيك باتجاه الرئيس نبيه بري، مستغربة موقفه ودوره ومتسائلة عن خلفيته وأهدافه في أن يكون رأس حربة في المواجهة التي تشن على عون لكسره ومحاصرته بعدما تبيّن أن دور بري كان أساسيا في تمرير قرار التمديد لقائد الجيش وأن تيار المستقبل استند الى بري واتخذ من موقفه غطاء…
وتتملك هذه الأوساط حيرة في تحديد أسباب اندفاعة بري ضد عون: هل هي رد على موقف عون الذي يحول دون عقد جلسات تشريعية للمجلس النيابي، ولا يريد منح المجلس أي شرعية؟! أم أن رئيس المجلس حسم قراءته بأن عون لن يكون رئيساً للجمهورية، ولن يكون قادراً على لعب دور مركزي في المرحلة المقبلة، وبالتالي ليس هناك من داع لمراضاته. أو ربما تكون لدى رئيس المجلس قراءة مستجدة للتطورات الإقليمية، من الوضع في سوريا الى مرحلة ما بعد الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وصولاً الى المساعي الروسية، ليصل الى خلاصة تفيد بأن تسويات كبرى تجري صياغتها، وأنه يريد أن يلاقيها ويؤسس لأرضية لبنانية لها؟!
ولكن أوساط بري لديها رأي آخر وتنقل عنه أنه لا يوافق على مقولة أن حلفاء عون تركوه وحيداً في المعركة التي أجّلت تسريح قهوجي. في رأيه أن عون لم يحسن اللعب في الجلسة الأخيرة، بل أدار المعركة في شكل خاطىء. ولم يحسن ممثلوه استغلال اقتراح وزير الدفاع سمير مقبل طرح جملة من أسماء المرشحين لقيادة الجيش، ومن بينها اسم العميد شامل روكز والذهاب في هذا الأمر الى النهاية، فضاعت هذه الفرصة التي لن تتكرر «لأنني وحزب الله وحلفاء التيار وربما وزراء حزب الكتائب كانوا سيؤيدون تعيين روكز. وبعد التمديد أو التأجيل الأخير الذي حصل أصبح من الصعب تحقيق مطلب عون وإقناع الآخرين بمشروعه».
وتعتقد هذه الأوساط بأن عون يراكم، منذ الشغور الرئاسي على الأقل، خسائر سياسية تلقي بوزرها على مقدرته في التأثير حالياً كما في ما بعد، بدءاً بتعذر التوافق على انتخابه رئيساً وإصراره برغم ذلك على المضي في الترشح، مروراً بإخفاقه في إرساء تفاهم سياسي واسع النطاق مع تيار المستقبل، وصولاً إلى تعويم خلافه مع الرئيس نبيه بري في ملفات لم تعد تقتصر على النفط وانعقاد مجلس النواب، بل توزعت على كمّ إضافي من النزاعات وصلت إلى التمديد للبرلمان وآلية عمل مجلس الوزراء وأحدثها وليس آخرها التعيينات العسكرية. وعجز عون عن إقناع بري بتفسير المادة 24 من الدستور المتعلقة بالمناصفة في مقاعد البرلمان، ولم يجاره أحد من الخصوم والحلفاء في اقتراح إجراء استفتاء شعبي على انتخاب الرئيس. لا أحد معه في تحريك الشارع، ولا في أولوية الانتخابات النيابية على الاستحقاق الرئاسي حتى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق