رئيسي

اليمن: «القاعدة» يتمدد مستغلاً حالة الهدوء الحوثي: تحرير اسعار المحروقات يشعل الساحة

يتوقف متابعون للشأن اليمني عند نشاط مكثف وغير اعتيادي لتنظيم القاعدة. النشاط الذي يرصده المتابعون يتكئ على عاملين اثنين:
الاول: حالة الهدوء النسبي التي تعيشها الجبهة الحوثية، والتي تشير التقارير الى ان الحوثيين قد اوقفوا الجانب الاكبر من نشاطهم تحت تهديد الولايات المتحدة بالتدخل ضدهم، واعلانهم تنظيما ارهابيا يتوجب ملاحقته.
الثاني: الاجواء العامة التي تعيشها الحركات السلفية، والتي تؤشر على تمدد تلك الحركات الامر الذي يعني اجواء مناسبة لاعادة طرح مشروعها الذي يقوم على فكرة «الامارة  الاسلامية». والتي فككتها القوات اليمنية بالتعاون والتنسيق مع الجيش الاميركي، ومن خلال الطائرات المسيرة بدون طيار.

المدقق في تفاصيل المشهد «القاعدي»، يتوقف عند تغييرات جذرية في اسلوب العمل، ومن خلال توجيه رسائل مضمونها البدء بتطبيقات الدولة حتى ضمن المناطق التي لا يسيطر عليها التنظيم. اضافة الى رسائل تتعلق بمحاربة الفساد و«قطع ايادي السارقين».
وبين هذه وتلك، ثمة مستجدات تركت اثراً على الحالة الامنية، واعادت خلط الاوارق لجهة اثارة الاحتجاجات على نطاق واسع. السبب في ذلك القرار الذي اتخذته الحكومة والقاضي برفع الدعم عن المحروقات.

هجمات انتحارية
ميدانياً، أعلن مصدر عسكري يمني عن مقتل جنديين وعشرة من مسلحي تنظيم القاعدة خلال تصدي قوات الجيش لهجمات انتحارية عدة متزامنة استهدفت ثلاثة مواقع عسكرية في بلدة المحفد في محافظة ابين.
وقال المصدر نفسه ان «عشرات من مسلحي القاعدة شنوا هجوماً بثلاث سيارات مفخخة يقودها انتحاريون» للسيطرة على مواقع عسكرية. واضاف ان «سيارتين مفخختين انفجرتا قبل وصولهما الى اهدافهما بينما الثالثة انفجرت عند مدخل الكتيبة المرابطة في منطقة الحضن مركز البلدة».
واضاف ان «اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجنود والمهاجمين عقب الانفجارات الثلاثة. وادى الهجوم والاشتباكات الى مقتل جنديين واصابة 11 اخرين فيما قتل سبعة من المهاجمين بالاضافة الى الانتحاريين الثلاثة».
وينشط تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب في العديد من مناطق جنوب اليمن ويشن هجمات منتظمة على قوات الامن. ويشن الجيش اليمني منذ نيسان (ابريل) هجوماً على التنظيم المتطرف في محافظتي ابين وشبوة في جنوب البلاد.
كما قتل اربعة من جنود القوات الخاصة في الجيش اليمني واصيب اثنان آخران بجروح في هجوم نسب للقاعدة في وسط اليمن.
وقال المسؤول ان «هجوماً نفذته عناصر تنظيم القاعدة الارهابي» استهدف نقطة مراقبة قرب مدينة البيضاء في وسط البلاد، مضيفاً ان المهاجمين اضرموا النار في عربة للجيش قبل ان يلوذوا بالفرار.
وارسل الجيش تعزيزات الى الموقع وبدأ عملية تمشيط في الجبال المحيطة بالمدينة التي تعد احد معاقل القاعدة.
وتنشط القاعدة في محافظة البيضاء وخصوصاً رداع، حيث كان مئات من المتمردين في كانون الثاني (يناير) 2012 سيطروا عليها لساعات قبل الانسحاب منها تحت ضغط زعماء القبائل النافذين.
وكان تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الذي تعتبره الولايات المتحدة الاخطر بين فروع القاعدة، استفاد من ضعف السلطة المركزية في اليمن في 2011 مع اندلاع ثورة شعبية على نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ليعزز وجوده في اليمن.

اجراءات امنية
وفي الاثناء، شددت وزارة الداخلية اليمنية الاجراءات الأمنية في مناطق متفرقة من البلاد، إثر تلقي الأجهزة الأمنية معلومات عن مخطط لتنظيم القاعدة وجماعات تخريبية، تقدم اسناداً لعمليات القاعدة، يستهدف سفارات غربية في صنعاء ومنشآت عسكرية ومدنية حكومية. وكان سكان محافظة حضرموت جنوبي البلاد تفاجأوا الاسبوع الفائت، بتوزيع مجهولين بيانا منسوبا لتنظيم أنصار الشريعة، يهدد بقطع أيدي من وصفهم البيان بالمفسدين.
وذكر البيان الذي حمل عنوان «تحذير للفاسدين في ولاية حضرموت» أن التنظيم سيقطع أيدي من يسرقون أملاك المواطنين. ولم يصدر من السلطات اليمينة اي تعليق على البيان. وقال البيان إن التنظيم سيطبق «أحكام الله بحق المفسدين» بقطع اليدين بعد تأديبهم، وأكد أن ذلك «لم يعد صعباً».
وأقر البيان بتصفية من سمّاهم بـ «عملاء اميركا في ولاية حضرموت»، وتحدث عن قتل عدد من السحرة والمشعوذين في وقت سابق. وكان بيان منسوب للتنظيم حذّر النساء في حضرموت من الخروج إلى السوق بلا محرم شرعي، والشباب من ارتياد أسواق النساء، إلا للضرورة.
وكانت محافظة حضرموت شهدت أخيراً تزايداً ملحوظاً في نشاط تنظيم القاعدة فيها، حيث قتل العشرات من قوات الجيش والأمن في ثلاث عمليات استهدفت مصارف حكومية ومكاتب للبريد وهجمات على نقاط عسكرية في مواقع متفرقة من المحافظة.

رفع الدعم عن المحروقات
في موضوع مواز، شهدت العاصمة والمدن الاخرى تظاهرات، واعمال شغب، على اثر دخول قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية حيز التنفيذ.
وشهدت المحافظات اليمنية خلال الاشهر الاربعة الماضية أزمة وصفت بـ «الخانقة» جراء عدم توفر المشتقات النفطية في محطات الوقود التابعة لشركة النفط والمحطات الخاصة، الأمر الذي ادى الى خروج بعض المواطنين خلال الفترة السابقة الى شوارع أمانة العاصمة وبعض المحافظات احتجاجاً على استمرار الأزمة مطالبين الحكومة بسرعة تزويد المحطات بالوقود.
المشهد اليوم لم يختلف كثيراً، فبعد أن تفاجأ بعض المواطنين بالتسعيرة الجديدة، خرجوا الى عدد من شوارع أمانة العاصمة واضرموا النار في اطارات السيارات تعبيراً عن سخطهم وحنقهم عن هذا القرار الذي وصفه احد المحتجين بـ «الجرعة القاتلة»، مشيراً الى الارتفاع المصاحب في سعر المواد الاستهلاكية.
ويتوقع محللون اقتصاديون إن اسعار المواد الغذائية سترتفع بسبب ارتفاع اسعار الوقود التي تعتمد عليها المركبات في النقل ومحطات الكهرباء في توليد الطاقة والإنتاج ما سيؤثر بشكل مباشر على الحياة المعيشية للمواطن اليمني ويفاقم وضعه الاقتصادي المتردي والتي تشير تقارير رسمية إلى ان نصف عدد السكان يعيشون تحت خط الفقر وان 30 بالمئة منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي.
من جهته، دعا وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد، كل القوى في بلاده إلى الإصطفاف الوطني الشامل وبدء صفحة جديدة عنوانها الشراكة والتلاحم من أجل بناء المستقبل الجديد الواعد بالخير والنمو والتطور والإزدهار للشعب اليمني.
وشدد أحمد، خلال زيارة تفقديه لقيادة المنطقة العسكرية السادسة، على بذل قصارى الجهود لتأمين مسارات تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل الذي من خلاله توصل اليمنيون إلى قواسم مشتركة لبناء دولة اتحادية قوية وعادلة، دولة المواطنة المتساوية والتعايش والحكم الرشيد.
واستغرب وزير الدفاع اليمني ما وصفه بـ «الإدعاءات والحملات الكاذبة والمطللة» التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام لأهداف قال عنها انها «تجافي الحقيقة ولا تضع مصالح الوطن العليا أمامها أو في صدارتها». ودعا الإعلام بشتى وسائله إلى تحمل المسؤولية الوطنية ونبذ البغضاء والكراهية والتنافر وإرساء مقومات التعايش والوفاق وتهيئة الظروف لبناء اليمن الاتحادي الجديد.

شكل الدولة الجديد
في ملف آخر، وبعد أكثر من ستة أشهر على صدور قرار اعتماد النظام الفيدرالي وتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، دشنت محافظتا تعز وإب «الأكبر سكانا على مستوى البلاد» أولى خطوات شكل الدولة الجديد في إطار إقليم الجند الذي يضمهما معاً.
وجاءت هذه الخطوة من خلال عقد لقاء مشترك للجنتين الأمنيتين بمحافظتي «تعز» و«إب»، وسط البلاد برئاسة محافظ تعز شوقي أحمد هائل ومحافظ إب يحيى الإرياني.
ويبلغ مجموع سكان محافظتي تعز وإب، نحو 7 ملايين نسمة وهو ما يجعل إقليم الجند الأكبر سكانا بين الأقاليم الستة للبلد، البالغ تعداد سكانه 24 مليون نسمة.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية، «سبأ»، فقد ناقش اللقاء القضايا الأمنية المشتركة وتعزيز عملية التنسيق والاتصال والتواصل الأمني ومحاربة الجريمة وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار باعتبارهما الركيزة الرئيسية في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأكد مسؤولو المحافظتين على أن التنسيق الأمني المشترك سيكون له كبير الأثر في التسريع بتهيئة البنى التحتية لإقليم الجند في مختلف الجوانب على طريق تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
كما جرى الاتفاق على القيام بوضع رؤية مشتركة لتنفيذ مناطق أمنية وتغطية الفجوة الأمنية لسد الاختلالات الأمنية التي يتسلل منها المطلوبون أمنياً والخارجون عن القانون بين المحافظتين.
وكانت الحكومة اليمنية قد أصدرت مؤخراً قراراً باعتماد محافظة تعز عاصمة ثقافية للبلاد، وقبل ذلك بفترة كان قد جرى اعتماد محافظة إب عاصمة سياحية، وذلك بالإضافة إلى كون صنعاء عاصمة سياسية وعدن عاصمة اقتصادية للجمهورية اليمنية

ا. ح

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق