ترامب يقترح أمام الكونغرس نظاماً جديداً للهجرة يقوم على «الجدارة»

ركز الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الثلاثاء في خطابه الأول أمام الكونغرس على مسألة الهجرة، مقترحاً نظاماً جديداً مبنياً على «أساس الجدارة»، كما وعد بالبدء قريباً في بناء جدار حدودي مع المكسيك.
اقترح دونالد ترامب الثلاثاء أمام الكونغرس نظاماً جديداً للهجرة مبنياً «على أساس الجدارة»، وأعطى كمثال على ذلك دولا تطبقه مثل كندا وأستراليا، مهاجماً المهاجرين غير الشرعيين بشدة. وقال الرئيس الأميركي إنه يريد «أن يتخلى عن النظام الحالي للمهاجرين (…)، وأن يتبنى مكانه نظاماً مبنياً على أساس الجدارة» التي ستسمح بحسب رأيه «بتوفير الكثير من المال».
وأوضح ترامب في أول خطاب له حول السياسة العامة أمام الكونغرس بمجلسيه أن «أولئك الذين يريدون الدخول إلى (أي) بلد، يجب أن يكونوا قادرين على إعالة أنفسهم مالياً. ومع ذلك، نحن في أميركا لا نفرض هذه القاعدة، الأمر الذي يستنزف الموارد العامة التي يعتمد عليها الأفقر بين مواطنينا».
كما أبدى الرئيس بقوة، عزمه على محاربة الهجرة غير الشرعية التي ربطها بالجريمة في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه أمر بإنشاء مكتب خاص لضحايا جرائم الهجرة. كما كرم أميركيين وجهت إليهم الدعوة لحضور خطابه، هم أقارب أشخاص قتلوا بأيدي «مهاجرين غير شرعيين» كانت لديهم سوابق جنائية.
بناء جدار حدودي مع المكسيك
وتعهد دونالد ترامب بأن يتم «قريباً» عملية بناء جدار «كبير» على الحدود مع المكسيك، وهو الوعد الأكثر رمزية ضد الهجرة الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية، مؤكداً أنه «علينا إعادة فرض السلامة وتطبيق القانون على حدودنا. لهذا السبب، سنبدأ قريباً بناء جدار كبير على طول حدودنا الجنوبية»، وهو وعد تسبب بأزمة دبلوماسية بين واشنطن ومكسيكو.
وندد ترامب بشدة بعمليات «التخريب» الأخيرة التي طاولت مقابر يهودية وبـ «التهديدات» التي تم توجيهها إلى مراكز للمجتمع اليهودي في كل أنحاء الولايات المتحدة.
وقال ترامب في بداية الخطاب الذي بثه التلفزيون إن «أحدث التهديدات التي استهدفت مراكز للمجتمع اليهودي وتخريب المقابر اليهودية (…) تذكرنا بأنه إذا كنا ربما أمّة منقسمة عندما يتعلق الأمر بالسياسة، إلا أننا بلد موحد لإدانة الكراهية والشر بكل أشكاله».
تعزيز الوظائف والأجور للأميركيين
واستغل ترامب الخطاب لشرح ما يرغب في تحقيقه خلال عامه الأول في السلطة من إصلاح نظام الرعاية الصحية والضرائب وصولاً إلى قضايا الحدود ومحاربة المتشددين الإسلاميين.
وقال إن من الممكن إعداد خطة موسعة بشأن الهجرة إذا رغب الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس في الوصول إلى حل وسط. دون ذكر تفاصيل.
وقال الرئيس الجمهوري الذي تبنى نهجاً متشدداً ضد المهاجرين غير القانونيين في حملته الانتخابية في 2016 «أعتقد أن من الممكن إحداث إصلاحات حقيقية وإيجابية بشأن الهجرة.. ما دمنا نركز على الأهداف الاتية: تعزيز الوظائف والأجور للأميركيين.. تقوية أمن بلدنا.. وإعادة الاحترام إلى قوانينا».
ودعا ترامب الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون إلى إلغاء ووضع بديل لقانون الرعاية الصحية الذي صدر في عهد الرئيس السابق باراك أوباما مع إصلاحات توسع الخيارات المتاحة وتزيد الاستفادة بالرعاية الصحية وتقلص التكاليف وذلك وفق مقتطفات من الخطاب.
وقال الرئيس الأميركي أيضاً إن إدارته تعد مقترحاً بتخفيضات ضريبية للشركات وتخفيضات ضريبية «هائلة» للطبقة المتوسطة.
استثمارات بقيمة تريليون دولار
وقال ترامب في الخطاب عينه «بهدف بدء إعادة إعمار البلاد، سأطلب من الكونغرس الموافقة على التشريعات التي ستطلق استثمارات بقيمة تريليون دولار في البنية التحتية في الولايات المتحدة، سيتم تمويلها بفضل رؤوس أموال من القطاعين العام والخاص، وهو ما سيخلق ملايين الوظائف».
وتابع أن «أميركا أنفقت زهاء ستة تريليونات دولار في الشرق الأوسط، في حين تفككت البنية التحتية لدينا. بتلك التريليونات الستة من الدولارات كان بإمكاننا إعادة بناء بلدنا مرتين وحتى ثلاث مرات لو كان لدينا زعماء يملكون القدرة على التفاوض»، من دون أن يخوض في مزيد من التفاصيل حول شروط هذه الخطة الاستثمارية.
ووعد ترامب مجدداً، بالقيام بإصلاح ضريبي «تاريخي» سوف «يقلل من الضرائب على شركاتنا حتى تتمكن من التنافس مع أيّ كان والازدهار في أي مكان» وسيعود بالنفع أيضاً على الطبقة الوسطى، من دون أن يخوض في تفاصيل ذلك.
فرض ضرائب على الواردات الأجنبية
وكرر وعوده بفرض ضرائب على الواردات الأجنبية، لحماية الصناعة الأميركية. وقال الرئيس الأميركي «في الوقت الراهن، عندما نصدّر المنتجات من أميركا، العديد من البلدان الأخرى تجعلنا ندفع الرسوم الجمركية، (في حين أن) الشركات الأجنبية التي تصدّر منتجاتها إلى أميركا لا نجعلها تدفع شيئاً تقريباً».
ولتوضيح وجهة نظره، تحدث عن اجتماع عقده في الآونة الأخيرة مع قادة صناع الدراجات النارية الأميركية «هارلي ديفيدسون»، مشيراً إلى أن هؤلاء قالوا له إن عليهم أن يدفعوا في بعض البلدان رسوماً تبلغ نسبتها 100%. مضيفاً «هم لم يطلبوا حتى أن يتغيّر ذلك، لكن أنا الذي أطلب ذلك. أنا أؤمن بالتجارة الحرة بقوة، لكنني أؤمن أيضاً بتجارة منصفة».
وكان ترامب وعد بإعادة التفاوض حول اتفاقية التبادل الحر بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وأعلن انسحابه من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادىء.
وجدد الرئيس ترامب دعم بلاده لحلفائها الأمنيين القدامى حول العالم لكنه أكد أن الأصدقاء والشركاء بدءاً من أوروبا والشرق الأوسط وانتهاء بالمحيط الهادي عليهم «دفع نصيب عادل للتكلفة».
وسعى ترامب لإعادة طمأنة الحلفاء الذين ما زالوا قلقين مما قاله أثناء حملته الانتخابية عام 2016 بشأن الالتزام بشؤون الدفاع لديهم ومواصلة الدور القيادي العالمي للولايات المتحدة.
لكنه أوضح أيضاً أنه يتوقع من تلك الدول أن تتحمل المزيد في ما يتعلق باحتياجاتها الأمنية تكراراً لما ورد ضمن رسائل حملته بأن بعض الحلفاء استفادوا من كرم واشنطن التي منحتهم مظلة أمنية.
وطمأن ترامب بصفة خاصة حلف شمال الأطلسي بشأن استمرار التزام الإدارة الجديدة بالحلف القائم منذ عقود. لكنه لم يشر إلى أحد المصادر الرئيسية للقلق الأوروبي وهو حديثه الودود خلال حملته الانتخابية عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال ترامب «ندعم بقوة حلف شمال الأطلسي وهو الحلف الذي تأسس استناداً إلى حربين عالميتين أطاحتا الفاشية وحرب باردة قهرت الشيوعية».
وقال «لكن شركاءنا ينبغي عليهم الوفاء بالتزاماتهم المالية». وأضاف أنه «الآن وبناء على نقاشاتنا القوية للغاية والصريحة بدأوا في ذلك».
وجاء خطاب ترامب بعد إيفاده في وقت سابق من هذا الشهر لعدد من وزرائه إلى بروكسل وبون وميونيخ في ألمانيا بهدف تهدئة المخاوف الأوروبية.
ورغم أنه بدا يعالج بعض المخاوف لدى حلفاء الولايات المتحدة أكد ترامب بوضوح أنه يطلب منهم فعل المزيد.
وقال «نتوقع من حلفائنا سواء في حلف شمال الأطلسي أو الشرق الأوسط أو المحيط الهادي القيام بدور مباشر وذي مغزى في العمليات الاستراتيجية والعسكرية ودفع نصيبهم العادل في التكلفة».
فرانس24/ أف ب/ رويترز