سياسة لبنانيةلبنانيات

مجلس نيابي معطل وحكومة لا تجتمع وفراغ يتحكم ويقود البلد الى الخراب

ماذا يفعل مجلس النواب وما هي وظيفته بالتحديد. فهو لا يقر القوانين الاصلاحية الالزامية للخروج من هذا الوضع، وان اقر احدها بعد اخذ ورد فهو يفرغها من مضمونها، كما فعل بالنسبة الى قانون السرية المصرفية الذي اعيد اليه. وهو لا ينتخب رئيساً للجمهورية، فيعقد الجلسة تلو الاخرى بلا نتيجة لان لا قرار بالانتخاب والفراغ هو الحاكم الاوحد الذي يقود الى الخراب. ثم ان الجدل قائم حالياً حول ما اذا كان يحق له ان يشرع في زمن الانتخابات الرئاسية، منذ ثلاث سنوات وقانون الكابيتال كونترول مطروح امامه، وكان اكثر من ضروري في حينه لمنع تهريب الاموال الى الخارج، غير انه نام في الادراج طوال هذه المدة، ولما اشتدت الضغوط على المجلس نفض الغبار عنه، ولكن ليس لاقراره، بل لمواصلة طرح الذرائع، لعدم اخراجه الى الضوء. وهذا ما حصل في جلسة الاسبوع الماضي وامس الاثنين، ولا نعرف ان كانت الآلة التعطيلية ستستمر بالعمل في جلسة اللجان اليوم.
نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب كان واضحاً أمس وكشف ان هناك نواباً يؤيدون اقرار الكابيتال كونترول واخرين لا يريدون وهم يماطلون ويكررون الاداء بارائهم، ولكنه وعد بأن النقاش الجدي سيبدأ اليوم وسيتناول مشروع القرار بنداً بنداً حتى ينتهي المجلس منه. فهل تصدق الوعود هذه المرة. ويسأل المواطنون لماذا هذا الخوف من اقرار الكابيتال كونترول وهل هناك علاقة للبعض في تهريب الاموال؟ ثم هل ان الناخبين اتوا بهذا المجلس، ليتخلى عن مهامه، ويلحق بمصالحه الخاصة؟ لماذا لا يقدم النواب يوم الخميس المقبل، وهم مدعوون الى جلسة انتخاب فيختارون رئيساً قادراً على انتشال البلد من جهنم التي القوها فيها؟ اليست هذه مهمتهم الاساسية؟
نواب المعارضة رغم انقساماتهم يعملون على انتخاب رئيس، وقد رشحوا النائب ميشال معوض، وهم ينتظرون ان يعمد الفريق الاخر الى اعلان اسم مرشحه. ويتوقف عن تعطيل للجلسات، وليفز من يفوز. هذه هي الاصول الديمقراطية ويجب العمل بموجبها.
في السياق وبعد انتهاء جلسة اللجان اليوم يجتمع اكثر من ثلاثين نائباً من التغييريين والمستقلين وحزب الكتائب، للتداول في انتخابات الرئاسة، والاتفاق على مرشح واحد، وعلى امل ان ينضم اليهم جميع نواب المعارضة لتدعيم الموقف. مع العلم ان جلسة الخميس المقبل لن تختلف عن الجلسات السابقة، لان فريق السلطة لا يزال مصراً على مواقفه، فيحضر الدورة الاولى باوراق بيضاء، وينسحب قبل بدء الدورة الثانية فتتعطل العملية الانتخابية. وهذا الفريق اعلن صراحة وعلى لسان بعض قادته بما معناه انه يختار وعلى الجميع تأييد المرشح الذي يطرحه، دون مناقشة. وهو يتكل على عامل الوقت، فاما تأتي كلمة سر من الخارج تفتح الطريق، واما تتم تسوية وهي ايضاً من الخارج، وان كانت بلسان محليين، تماماً كما حصل في انتخاب الرئيس السابق ميشال عون، بعد انتظار دام سنتين ونصف السنة. فهل بهذه الطريقة يمكن بناء بلد حر مستقل، غير مرتهن للخارج؟
هذه الفوضى السياسية تقابلها فوضى اجتماعية، معيشية تؤسس لثورة لن تكون ربما سليمة هذه المرة، لان سبل العيش ضاقت كثيراً بوجه المواطنين، بسبب الغلاء الذي فاق كل التصورات. وبدل ان تعمل الحكومة على تخفيف العبء قدر المستطاع، فانها تقصف المواطنين يومياً برسومات وضرائب جديدة تسد امامهم كل امل بالحياة الكريمة. فهي لا تعمل الا في قطاع فرض الضرائب. اما عملها فمعطل. اليوم تصدر الموازنة في الجريدة الرسمية وهي تتضمن 10 بالمئة رسوماً اضافية على السلع، فيرتفع الغلاء اكثر فاكثر، يترافق ذلك مع ارتفاع تعرفة الكهرباء دون تأمين زيادة في التيار كما سبق للحكومة ووعدت غير ان المواطنين باتوا معتادين على وعود كاذبة لم ينفذ واحد منها. كذلك يلوح وزير الاتصالات بزيادات جديدة على وسائل الاتصالات رغم رفعها قبل اشهر قليلة ستة اضعاف. يصرح بذلك دون خجل، بدل ان يبحث عن المليارات الضائعة في اوجيرو. فالى متى هذا الاستخفاف بحياة الناس؟ ومتى يدرك الذين يدعون انهم مسؤولون ان الاحمال الثقيلة التي يلقونها على كاهل المواطن دون ان يقدموا له شيئاً البتة مقابلها، فاقت بكثير قدرته على التحمل. انهم جميعاً معومون مادياً فكيف يمكنهم ان يشعروا بجوع الناس؟
المطلوب اليوم انتخاب رئيس مستقل قادر على الانقاذ، وتشكيل حكومة فاعلة تعمل ولا تكون معطلة كالحكومة الحالية بعيدة كل البعد عن الطبقة السياسية الفاسدة، تعمل لما فيه مصلحة البلاد والمواطنين. وما عدا ذلك فان الهيكل سيسقط على رؤوس الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق