سياسة لبنانيةلبنانيات

التصعيد في الجنوب مضبوط حتى الساعة وانزلاق لبنان الى الحرب مرتبط بتطورات المعركة

صعدت اسرائيل قصفها على قطاع غزة، موقعة القتلى والجرحى وزارعة الدمار والخراب. وقد حشدت اعداداً كبيرة من الدبابات استعداداً للدخول الى القطاع. حماس من جهتها اتخذت قرارها بالرد على القصف بالقصف، بعد انذار السكان بمغادرة منازلهم. وهكذا كان، فاطلقت صواريخها باتجاه تل ابيب وعسقلان والقدس وغيرها من المدن والقرى واصابت مطار بن غوريون.
في هذا الوقت ارتفعت نسبة التوتر على الحدود الجنوبية اللبنانية، فرد حزب الله على مقتل ثلاثة من عناصره بالقصف الاسرائيلي امس الاول، والذي استهدف مركز مراقبة للحزب، فاطلق عدداً من الصواريخ باتجاه المراكز العسكرية الاسرائيلية داخل الاراضي المحتلة. كما استهدف دبابة ميركافا بصاروخ اصابها مباشرة ودمرها. وبعد فترة هدوء نسبي، اطلقت حماس عدداً من الصواريخ باتجاه الجليل. فردت اسرائيل بقصف القرى والبلدات الجنوبية، موقعة اضراراً كبيرة من جراء القنابل الفوسفورية التي اطلقتها. وفي وقت لاحق تبنت حماس العملية. كل ذلك دون ان يكون للدولة اللبنانية كلمة هذا الوضع الخطر ويمكن القول رغم كل ما يجري ان الوضع لا يزال تحت السيطرة حتى الساعة، سواء لجهة اطلاق الصواريخ ورد حزب الله، او القصف الاسرائيلي. خصوصاً وان لا نية لدى حزب الله بالتصعيد، اخذاً بعين الاعتبار الوضع اللبناني المهترىء، ولا يمكنه باي حال تحمل نتائج اي حرب. ولكن الى متى يستمر الوضع المضبوط؟ فاذا بدأت اسرائيل معركة الدخول الى غزة، من يضمن الا تشتعل الساحات كلها وبينها الساحة اللبنانية؟ ان الوضع خطير للغاية، والامور مرهونة بالتطورات الميدانية.
في هذا الوقت نشطت الاتصالات المكثفة لمنع انزلاق لبنان نحو الحرب. فقطعت السفيرة الاميركية دوروثي شيا عطلتها وعادت الى بيروت. التقت الرئيس نبيه بري، ثم زارت السرايا الحكومية والتقت الرئيس ميقاتي ونقلت اليهما موقف بلادها، فقالت ان الولايات المتحدة حريصة على لبنان ومستمرة في الوقوف الى جانبه، لذلك يجب بذل اقصى الجهود لمنع جره الى الحرب التي ستكون عواقبها وخيمة. ومن جانبه دعا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى جلسة لمجلس الوزراء، تعقد عند الرابعة من بعد ظهر غد الخميس في السرايا لبحث الوضع الراهن، والنزوح السوري المتزايد. وقال انه يفعل ذلك بدافع وطني متمنياً على الوزراء جميعاً حضور هذه الجلسة. التيار الوطني الحر علق على الدعوة فقال ان قرار مقاطعة مجلس الوزراء لا يزال ساري المفعول، ولكنه يترك الحرية للوزراء اذا ارادوا الحضور. وتردد ان بعض وزراء التيار قد يحضرون، خصوصاً لمناقشة قضية النزوح. ويبقى السؤال ماذا يستطيع مجلس الوزراء ان يفعل في مجال الحرب، طالما ان القرار ليس بيده وكل ما يستطيع فعله هو تلاوة بيان يرفض الدخول في هذه المعركة، وهذا لن يؤثر في الواقع على الارض.
من جهة ثانية سيناقش مجلس الوزراء قضية النزوح التي تزداد خطورة يوماً بعد يوم، حيث تشهد المناطق اللبنانية اشتباكات شبه يومية بين اهل البلد والنازحين السوريين. وما يدعو الى الغضب ان بعض اللبنانيين يساعدون على تصاعد هذا الوضع المتوتر، من اجل مصالح شخصية وافادات مادية، دون التطلع الى خطورة ما يجري، وما يمكن ان يحل بلبنان في المستقبل. ولولا الدور الكبير الذي يقوم به الجيش في هذا المجال، لكان الوضع اسوأ بكثير، ولكان الفلتان سيد الموقف. فهو يفرض رقابة صارمة على المعابر غير الشرعية، رغم ضآلة الامكانيات المتوفرة لديه، وهو يعتقل الالوف من النازحين الذين يحاولون الدخول خلسة، بمساعدة مافيات لبنانية وسورية تتآمر على البلد من اجل الكسب المادي. والاخطر في هذا الوضع ان الموقف السوري الرسمي يبدو انه مشارك في دفع هذا النزوح، للضغط على الدول العربية والغربية وحملها على اعادة اعمار ما هدمته الحرب. وعلى الرغم من كل التصريحات التي تصدر من هنا وهناك، فان النظام السوري لا يريد عودة النازحين الى قراهم، وهو يستعملهم ورقة للابتزاز. اما الموقف السياسي الرسمي اللبناني فمتردد، دون اغفال المصالح الشخصية لبعض المسؤولين. ان لبنان فوق فوهة بركان مهدد بالانفجار في كل لحظة، والسياسيون يتلهون في تحديد جنس الملائكة فعلى الرغم من خطورة الوضع القائم، لم يفتح المجلس النيابي ابوابه، ولم يُدع النواب الى جلسة مفتوحة لا تقفل الا بعد ان يصبح للبنان رئيس، شرطه الاول ان يكون حيادياً وبعيداً عن الاصطفافات القائمة، وان يتمتع بالحنكة والكفاءة في ادارة شؤون البلد، واخراجه من جهنم التي اوقعته فيها منظومة فاسدة ادانها العالم بسبب انكارها لشعبها وبالتخلي عن مسؤولياتها. ان المرحلة مصيرية والمنطقة امام تغييرات كبرى فمتى يستفيق المسؤولون اللبنانيون؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق