سياسة عربية

ليبيا: المواجهات تعمق الازمة الحكومية وتطيح وزير الداخلية

الاطار العام للازمة الليبية لم يتغير، لكن التفاصيل كثيرة، وفيها الجديد كل يوم. هذا هو الانطباع السائد بخصوص تطورات الموقف في ليبيا. فمن حيث المبدأ هناك مواجهات متعددة الاطراف، فبعضها شعبي، اطرافه جماعات مسلحة احياناً، وتجمعات شعبية احياناً اخرى، وقبلية بعض الاحيان. وبعضها الاخر يجمع طرفي الازمة الدائمين حيث تكون المواجهة شبه متواصلة بين قوات الامن وبعض الاطراف.

التقاطعات الكثيرة والمتعددة للمشهد تنتهي الى رسم لوحة فريدة، حيث تتعدد المواجهات وتتشعب، وتكون نتيجتها دامية في كل الاحوال.
هنا يمكن التوقف عند النزاعات شبه الدائمة بين الجماعات المسلحة، التي تحاول كلها الاستئثار بالسيطرة على موقع او اكثر. وترفض – حتى اللحظة – التسليم بوجود شركاء يشاطرونهم السيطرة على الساحة.
في المقابل هناك من يرفض الاعتراف بكل تلك الجماعات، أو بحقها في ممارسة اية نشاطات امنية او سياسية او عسكرية. ويرى ان تلك الممارسات من شأنها ان تؤخر قيام الدولة بكل مقوماتها، وبجميع عناصرها. وان تشكل ضربة قاتلة للجهود الرامية الى تأسيس الدولة، ولو بالحد الادنى من مقوماتها.
ويبدو – تبعاً لذلك – ان كل المواجهات تتحول ضمن هذا السياق، فحتى المواجهات بين الجماعات التي تعتقد ان من حقها الاحتفاظ بقدر من السيادة على الارض، تترجم على شاكلة مواجهات بين القانون والخارجين عليه، وتتحول الى اعمال غير شرعية وغير قانونية تضطر الدولة بمؤسساتها المتواضعة الى التعامل معها بما هو متاح من قوة.
وهي في الوقت نفسه تتحول الى خلافات داخل البيت الحكومي الذي ما زال يعاني من سلسلة ازمات، تعلق نشاطاتها، وتدخلها في متاهات هيكلية، يصعب معها التوافق على قدر معين من معطيات الحكم.

ضحايا الاشتباكات
في التفاصيل – على سبيل المثال – وصل عدد ضحايا الاشتباكات بين مسلحين من مدينتي الزاوية وورشفانة من المنطقة الغربية بليبيا خلال الاسبوع الفائت إلى أربعة قتلى و30 جريحاً، نقل بعضهم الى تونس للعلاج لان حالتهم حرجة. هذه الاشتباكات اندلعت مع بدء عطلة نهاية الاسبوع الفائت، واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مسلحين ينتمون الى قبائل من مدينتي الزاوية وورشفانة عند بلدة المعمورة الواقعة بينهما. وتشهد الطريق الرابطة بين مدينة طرابلس والزاوية والممتدة بطول 45 كلم، هجمات واعتداءات متكررة لمسلحين وخارجين على القانون ضد معسكرات للجيش وسرقات للسيارات واعتداءات على المواطنين.
واصدر البرلمان الليبي مطلع آب (اغسطس) الجاري، قراراً يقضي بتكليف قوات درع ليبيا شبه الحكومية التي تتكون من كتائب الثوار، بتأمين الطريق وملاحقة الخارجين على القانون. وكان رئيس الوزراء الليبي علي زيدان اكد ان نوري بوسهيمن رئيس المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة سياسية وتشريعية في البلاد، ووزير الدفاع عبدالله الثني وعدداً كبيراً من أعضاء المؤتمر ومن المنطقتين يتواصلون محاولين إيقاف هذا الاقتتال. واكد زيدان ان قوات من وزارة الدفاع ورئاسة الأركان شاركت في ضبط الوضع هناك، داعياً الفئتين الى التوقف عن القتال حتى تتولى هذه القوات التمركز في المناطق الفاصلة بينهما، معرباً عن الاسف حين يستسهل استعمال السلاح وإطلاق النار من أجل أن يقتل المواطنون بعضهم بعضاً، مهما كانت المسببات، ومهما كانت القرائن التي يقولها أي طرف. وأرجع رئيس الحكومة الاقتتال الدائر الى انتشار السلاح بين المواطنين وخروجه من أيدي السلطات الشرعية. واوضحت مصادر متابعة ان الاقتتال اندلع حين هاجم مسلحون من قبائل ورشفانة مركزاً طبياً قرب الزاوية مما اسفر عن مقتل شخص وخطف ثالث.

استقالة وزير الداخلية
وبعد ذلك اغتيل عقيد في الجيش الليبي برصاص مجهولين في بنغازي شرق البلاد بعد خروجه من احد المساجد. الى ذلك، قدم وزير الداخلية محمد خليفة الشيخ استقالته معرباً عن الاسف لانه لم يتمكن من القيام بالاصلاحات الضرورية، في حين تواجه البلاد حالة من الفوضى الامنية. وقدم محمد خليفة الشيخ رسالة الاستقالة الى المؤتمر الوطني العام الذي يعتبراعلى هيئة سياسية في البلاد، والى رئيس الوزراء موضحاً انه سيكشف عن مبررات استقالته في بيان يصدره لاحقاً. وجاء في كتاب الاستقالة ان احد اسبابها قلة الدعم من رئيس الوزراء علي زيدان. ونقل عن الوزير المستقيل شكواه بانه لم يحصل على الدعم المالي والمعنوي من اجل تطبيق برنامج الاصلاحات.  واعرب عن الاسف لانه لم يحصل على الصلاحيات التي تخوله تنفيذ سياسته، ومن ضغوط مورست عليه من اعضاء في المجلس ومسؤولين اقالهم من مهامهم ورفضوا التنحي عن مناصبهم. ووافق رئيس الوزراء على الاستقالة، وكلف الدكتور صديق عبد الكريم نائب رئيس الوزراء بتولي المنصب بالوكالة الى حين تعيين وزير داخلية جديد. وعمل محمد خليفة الشيخ المحسوب على قدامى الثوار الذين حاربوا نظام معمر القذافي، في مركز ابحاث واحصائيات في مجال الامن ودرس في اكاديمية العلوم الامنية من عام 1997 الى 2003. وعين في نهاية ايار (مايو) خلفاً لعاشور شوال الذي اضطر الى الاستقالة اثر المصادقة على قانون يقصي من الساحة السياسية قدماء المتعاونين مع نظام القذافي. ومنذ سقوط النظام السابق في تشرين الاول (اكتوبر) 2011، لم تتمكن السلطات الليبية من تشكيل شرطة وجيش نظاميين.
وفي ملف مواز، أعلنت السلطات الليبية، رفع حالة «القوة القاهرة» عن ميناء مرسى البريقة النفطي، وعودته لتصدير المنتجات النفطية. ورفعت مؤسسة النفط الليبية، جزئياً حالة «القوة القاهرة» عن الميناء النفطي بعد عودته لتصدير المنتجات النفطية لشركة خليج سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز. ووفقاً لإعلان صادر عن المؤسسة، فإن الميناء عاد الى العمل وفق القواعد والضوابط المعمول بها عالمياً. ويشار إلى أن الميناء يتولى حالياً تصدير خام ومكثفات البريقة وغاز الطهو، ومنتج الميثانول للسوقين المحلية والدولية. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن ياسين حماد، مدير ميناء الحريقة في مدينة طبرق –  1300 كلم شرق العاصمة طرابلس – أن عمليات تصدير خام النفط عبر الميناء لا تزال متوقفة منذ 16 آب (أغسطس) الجاري. وأن محتجين من أفراد حرس المنشآت النفطية يواصلون منع بواخر الشحن من دخول الميناء.
وتواصل القوات البحرية الليبية حماية تأمين المنطقة قبالة الموانئ النفطية (السدرة، رأس لانوف، البريقة) والقيام بتفتيش ناقلات النفط، وإنهاء التواجد غير المشروع للبعض منها. وكانت الحكومة الليبية قرّرت عدم السماح لأي ناقلة نفط بالدخول إلى موانىء التصدير ما لم تكن إجراءاتها التعاقدية مع المؤسسة الوطنية للنفط بصورة قانونية.

ليبيا – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق