سياسة لبنانيةلبنانيات

الازمات تتلاحق والحكومة معطلة والمنظومة غائبة عن الحلول

تتلاحق الازمات الواحدة تلو الاخرى، وكلها من صنع المنظومة السياسية المتحكمة، فتغرق البلاد في الفراغ والفوضى، وتعطل كل الحلول الممكنة. فالازمة السياسية التي عصفت منذ حوالي الاسبوعين عطلت عمل مجلس الوزراء. فغاب عن الاجتماع منعاً لتفجر الحكومة من الداخل، وعلى ايدي من جاءوا بها الى الحكم، وضمت عدداً لا بأس به من انصارهم، الذين يدينون بالولاء لهم. فمن جاء بهم الى الوزارة له فضل عليهم والا لما كانوا تبوأوا هذا المنصب.
والازمة نشأت عن غير وجه حق. لقد طلبوا من الحكومة «قبع» المحقق العدلي، ولما رفضت التدخل في شؤون القضاء لان الدستور اعطاه الاستقلالية ومنع السياسة من التدخل معه، كان التعطيل. حتى مجلس القضاء الاعلى لا يستطيع تبديل المحقق العدلي، فلجأوا الى القضاء عينه للتهرب من التحقيق، فاقاموا الدعاوى الواحدة تلو الاخرى ضد القاضي طارق البيطار، دون ان يرتكب اي ذنب، بل انه ينفذ مهمته وواجبه على اكمل وجه. ولما فشلت كل محاولاتهم لجأوا مجدداً الى القضاء عينه واستخدموه لضربه من الداخل، فكان قرار تجاوز الصلاحيات المحددة، فاشتعلت الازمة ولا نعرف كيف ستحل. على كل حال سيجتمع مجلس القضاء الاعلى اليوم او غداً لنرى ما سيكون.
والسؤال المطروح كم هو مهم ما توصل اليه القاضي بيطار في التحقيق بانفجار المرفأ، حتى تشن كل هذه الحرب عليه. لم نشهد قضية نالت هذا القدر من الاهتمام والتعطيل مثل هذه القضية. ومن هنا نستخلص اهمية القرار الظني الذي سيصدر، هذا اذا سمح له بان يصدر. اما من يدفع الثمن فهو كالعادة الشعب اللبناني الذي امل خيراً بالحكومة لدى تشكيلها، رغم علمه بانها نتيجة محاصصة سياسية، فاذا به يصاب بخيبة بعد تعطيل عملها وتحويلها الى حكومة تصريف اعمال… لقد كنا نعلم ان هذه الحكومة هي نسخة عن حكومة حسان دياب في توزيع الحصص على السياسيين المنضوين تحت لواء اركان المنظومة ولكن على الاقل كنا نعتقد بانها ليست حكومة تصريف اعمال ويمكنها اخذ القرارات، الا ان فألنا خاب اذ سرعان ما حولوها الى حكومة تصريف اعمال.
الى جانب الازمتين السياسية والقضائية، نشأت الازمة الدبلوماسية القاتلة وهي اشد خطورة على البلد، لانها سدت طرق النهوض بوجه اي محاولة لاصلاح الاقتصاد. ومنذ اليوم الاول بدأت البلاد تدفع الثمن. فتوقف تصدير الانتاج الى دول الخليج وخصوصاً المملكة العربية السعودية وعرف الصناعيون والزراعيون كساد انتاجهم وعبثاً دقوا ناقوس الخطر. فالمنظومة غائبة او عاجزة ومشلولة. وبدل تهدئة الامور والبحث عن حلول استمرت الحملات المغرضة ضد دول الخليج التي لم تبخل يوماً في مد يد العون ومساعدة لبنان، فلماذا كل هذا الحقد؟ ان صاحب التصريحات التي اشعلت الازمة هل كان يعلم النتائج سلفاً وفعل، ام انه كان يجهل ردة الفعل؟ نترك للمواطنين ان يحكموا بهذه القضية، وحكمهم اقوى من اي احكام اخرى، رغم تقاعسهم عن استرجاع حقوقهم التي سلبتهم اياها المنظومة. وهذه الازمة لن تتوقف عند الحد الذي وصلت اليه، اذا ظلت المنظومة غائبة عن استنباط الحلول لاعادة المياه الى مجاريها حفاظاً على مصلحة لبنان بالدرجة الاولى، والا من هي الجهة القادرة على تحمل نتائج استمرار الازمة؟
المواطنون فقدوا كل امل بالاصلاح وبالتوقف عند هذا الحد من الضرر اللاحق بهم، ولم يعد لهم من امل سوى بالانتخابات التشريعية وقد باتت على الابواب، فهل ان اختيارهم سيصب لصالح التغيير هذه المرة، ام انهم باقون في غيبوبتهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق